منتديات روعة الكون

منتديات روعة الكون (http://roo3.net/vb/)
-   الـمـنـتـدى الإسـلامــي (http://roo3.net/vb/f4.html)
-   -   { صفاتُ النَّبيِّ وأُمهاتِ المؤمنينَ بالكتابِ المُقدَّسِ } (http://roo3.net/vb/t80757.html)

aseeer-com 13-03-2012 07:58

{ صفاتُ النَّبيِّ وأُمهاتِ المؤمنينَ بالكتابِ المُقدَّسِ }
 
{ صفاتُ النَّبيِّ وأُمهاتِ المؤمنينَ بالكتابِ المُقدَّسِ }

بسمِ اللهِ والحمد للهِ والصلاة والسلام على رسولِ اللهِ وعلى آله ومن والاهُ.
وبعد : عندما نبحثُ في الكتابِ المُقدَّسِ المعروف الآن ، عندَ أهلّ الكتابِ ، عنْ بعضِ صفاتِ النَّبيِّ ، مُحَمَّد صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ ، وأمهاتِ المؤمنينَ , يجبُ ألا ننسى ، أننا نبحثُ في ركامِ منْ التحريفِ ، سواء بالحذفِ أو الإضافةِ أو تبديل كلام اللهِ عنْ مواضعهِ ، ولكنَّ هذا لنْ يكونَ عائقٌ ، عنْ وجودِ صفات النَبيِّ ، صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ ، بمحتوى النصِ العامِ ، فمع كثرةِ الصفاتِ المذكورةِ ، عنْ النَّبيِّ مُحَمَّد صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ ، في كتابهم المُقدَّسِ الحالي ,صعبَ تغيير نسبتها لغيرِ الجهةِ الأصليةِ , ولذا سقطتْ محاولات المحرفونَ ، وتفسيرات التائهونَ على مرِّ العصورِ ، والأنَ مع أحدِّ النصوصِ ، بكتابهم المُقدَّسِ الحاليِّ ، تخص بعض صفاتِ النَّبيِّ مُحَمَّد ، وبعضِ زوجاتهِ ، عليهم جميعاً صلواتُ اللهِ وسلامُهُ.
يقولُ النص : [ لبني قورح ــ قصيدة ــ ( ترنيمة محبة ) :

فاضَ قلبي بكلامٍ صالحٍ متكلمٌ انا بانشائي للملك لساني قلمٌ كاتبٌ ماهرٌ 2 أنتَ ابرع جمالاً منْ بني البشر انسكبت النعمة على شفتيك لذلك باركك الله إلى الابد 3 تقلد سيفك على فخذك أيها الجبار جلالك وبهاءك 4 وبجلالك اقتحم اركب منْ اجلِ الحقِّ والدعةِ والبرِ فتريك يمينك مخاوف 5 نبلك المسنونةِ في قلبِ اعداء الملكِ شعوبٌ تحتكَ يسقطون 6 كرسيك يا الله الى دهر الدهور قضيب استقامة قضيب ملكك 7 احببت البر وابغضت الاثم منْ اجلِ ذلكَ مسحك الله الهك بدهن الابتهاج اكثر من رفقائك 8 كل ثيابك مرّ وعود وسليخة من قصور العاج سرّتك الاوتار 9 بنات ملوك بين حظياتك جعلت الملكة عن يمينك بذهب اوفير 10 اسمعي يا بنت وانظري واميلي اذنك وانسي شعبك وبيت ابيك 11 فيشتهي الملك حسنك لأنه هو سيدك فاسجدي له
{المزامير 45}.
فََمَنْ هو على ذاك مدار قصص الأنبياء كلّها ، في الكتبِ السَّماويةِ الثلاثةِ ، فيهِ هذهِ الصِّفاتِ المُباركةِ ، منْ ملكٍ أو نبيٍّ أو أميرٍ.
صفاتُ هذهِ الشَّخصيةِ المباركةِ :-
1- فهو شخصيةٌ ، لبني قورح ، يمثل قصيدة وترنيمة جميلة , فهو منْ بني قورح , و( قورح ) أقرب لفظاً وهجائاً لـ ( قوريش ) بكتابة ونطق العجم اليهود , إذا أبعدنا مبدئ التحريف ، عندهم بحذفِ حرفِ الشينِ ، وتهميشه فنطقوا قريش أو قوريش ( قورح ) وإلا فأينَ هذا الشخص الذي بهذهِ الصفات المباركةِ ، وأينَ ( قورحٌ ) هذهِ التي ظهرَ بها ؟
2- اللسانُ قلمٌ والنعمة التي علي الشفايفِ مُباركة ، إلى الأبدِ , لهي إشارة واضحة لأُمِّيةِ النَّبيِّ مُحَمَّد صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ ، وأنَّ وحيهُ باللسانِ وكلامِ الشفايفِ مُباركٌ إلى الأبدِ ، كما قالَ سُبحانهُ :-
{ وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى } النجم3
3- هذهِ الشخصية المباركةِ ، يذكر النص ، أنها مجاهدةٌ وراكبةٌ ، في سبيل اللهِ تعالى ، لنشرِ الحقِّ والخيرِ , ويستعمل السيف والسلاح ، منْ أجلِ ذلكَ ,ومعلومٌ أنَّ القرآنَ الكريم والسنةَ النبوية ، قدْ قَصُّوا الكثير منْ جهادِ الرَّسولِ والمؤمنينَ بالسِّلاحِ.
4- إنهُ سوفَ ينتصر على شعوبٍ كثيرةٍ ، وليسَ شعبٌ واحدٌ ، كما كانَ كلّ الأنبياءِ ، عدا النَّبيِّ مُحَمَّد صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ ، فكلّ نبيٍّ بعثهُ اللهُ تعالى ، لقومهِ إلا هو فبعثهُ اللهُ تعالى ، للناسِ كافة , ولذا قد نصرهُ اللهُ سُبحانهُ في جهادهِ وغزواتهِ على مشركينَ الأصنام ، وعلى اليهودِ وعلى النصارى بجزيرةِ العربِ , وأذعنَ لهُ نصارى اليمن والروم بالشامِ ومصر والحبشة, وأهلكَ اللهُ سُبحانهُ ، كِسرى ملك الفرسِ ، وبايع عامله باليمنِ رسول اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ.
5- سيرته عطرة وبخوره هو العود , ولقدْ مدحَ رسول اللهِ صلى صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ ، العود ولهُ عليهِ ، أحاديث كثيرة , ومازالتْْ العرب بالجزيرةِ العربيةِ ، منْ أشهرِ وأكثرِ مُستخدمي العود كبخورٍ وعطورٍ.
ففي حديث أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنهُ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِصلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: [ إِنَّ أَوَّلَ زُمْرَةٍ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ ، عَلَى صُورَةِ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ ، عَلَى أَشَدِّ كَوْكَبٍ دُرِّيٍّ فِي السَّمَاءِ إِضَاءَةً ، لاَ يَبُولُونَ ، وَلاَ يَتَغَوَّطُونَ ، وَلاَ يَتْفِلُونَ ، وَلاَ يَمْتَخِطُونَ أَمْشَاطُهُمُ الذَّهَبُ ، وَرَشْحُهُمُ الْمِسْكُ ، وَمَجَامِرُهُمُ الأَلُوَّةُ الأَنجُوجُ عُودُ الطِّيبِ ، وَأَزْوَاجُهُمُ الْحُورُ الْعِينُ ، عَلَى خَلْقِ رَجُلٍ وَاحِدٍ ، عَلَى صُورَةِ أَبِيهِمْ آدَمَ ، سِتُّونَ ذِرَاعًا فِي السَّمَاءِ ] [ متفقٌ عليهِ ]
، قالَ النوويُّ ( شرح مسلم 17/170) : ( الألوة ) بفتح الهمزة وضم اللام أي العود الهندي ، وقال الحافظ ابن حجر في الفتح 6/458 ( الألنجوج ) بفتح الهمزة واللام ويكون النون بجيمين الأولى مضمومة والواو ساكنة : العود الذي يتبخر به , ولفظ الألنجوج هنا تفسير الألوة.
6- ( مسحك الله الهك بدهن الابتهاج اكثر من رفقائك ) ، هذا لا يحتاج تفسير ، غير أنهُ أفضلُ المرسلينَ ، وإمامهم وسيد ولد أدم ، ولا فخر كما أخبرَ عنْ نفسهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ.
7- ( بنات ملوك بين حظياتك. جعلت الملكة عن يمينك بذهب اوفير 10 اسمعي يا بنت وانظري واميلي اذنك وانسي شعبك وبيت ابيك 11 فيشتهي الملك حسنك لأنه هو سيدك فاسجدي له ) لمْ تذكرْ قصصُ الأنبياءِ كلّها ، في الكتبِ السَّماويةِ الثلاثةِ ، لملكٍ أو نبيٍّ أو أميرٍ ما , وكانت بنات ملوك تحته ، وبملك يمينهِ ، سواء كانوا إماء أو زوجات ؟ إنَّ بناتَ الملوكِ تحتهُ ( من محظياته ) وهذا حدثَ بالفعلِ ، مع رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ , فكانوا ثلاثة منْ بناتِ الملوكِ , بل وإحداهن كما ذكرَ النص ، قدْ نسيتْ بيت أبيها وشعبها وكفره وعناده وأسلمتْ وتزوجتْ رسول اللهِ ، بعدَ أنْ كانتْ أمة لهُ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ , ولنبدأ بها منْ الثلاثة :

1) { صفية بنت حيي } – هي بنت ملك اليهود وبني قريظة وسائر قبائلهم بجزيرة العرب , ومعروفٌ أنَّ أبوها ( حيي بن الأخطب ) هو مَنْ أعلنَ عداوتهُ لرسولِ اللهِ ، وجهَّزَ وألبَّ جيوش مشركي العرب وجمعهم بغزوةِ الأحزابِ ، ثم دفع بني قريظة لخيانة العهد , وكانت ابنته { صفية } أمة لملكِ يمينِ رسول اللهِ ، بعدَ قتل أبوها وشعبه من بني قريظة ، علي يدِ رسول اللهِ والصَّحابة ، في نهايةِ غزوة بني قريظة , وبالفعلِ نسيتْ { صفية بنت حيي } أبوها وبيته وشعبها وكفره وأسلمت طائعة مؤمنة تقية للهِ ربّ العالمينَ ، وأعتقها رسولُ اللهِ ، وتزوجها وكانتْ أُمّ المؤمنينَ ,طائعة للهِ ولزوجها رسول اللهِ ، ولعلَّ طاعتها كانتْ هي المقصودة بالسجودِ ، في النصِ السابقِ ,لانَّ ذلكَ كانَ معروف عند بني إسرائيل ، كما في قصةِ يوسف عليهِ السلام ، عندما سجدوا لهُ إخوته وهو في الملكِ ، قال تعالى :{ وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَخَرُّواْ لَهُ سُجَّداً ... } يوسف100 ، إنهُ منْ العجيبِ ، أنْ تصبح يهودية ، أمٌّ للمؤمنينَ ، بعدَ إسلامها ، إلا أنْ تكونَ ، قدْ نسيتْ شعبها المغضوب عليهِ بالفعلِ ، وإنَّ قصةَ { صفية بنت حيي رضيَ اللهُ عنها } لجديرة بالتدبرِ في كيفيةِ ، مراقبة الفتاة الزَّكية ، لسير الهدي منْ حولها ، في المدينةِ المنورة ، لقد تابعتْ { الفتاة صفية بنت حيي } عنْ قربِ شهادة أبوها وعمّها ، أنَّ مُحَمَّداً صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ , هو النَّبيّ المنتظر الموجود بالتوراةِ ,وذلكَ حينَ قدوم رسول اللهِ ، للمدينةِ المنورةِ في بدايةِ العامِ الهجري الأول , ثم تفاجأت منْ أبوها وعمّها ، رغم هذهِ الشهادةِ ، بإعلانِ عدواتهما للنَّبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ , ثم عاصرتْ بعدَ ذلكَ ، بسنواتٍ انتصار رسول اللهِ والمؤمنينَ ، في غزوةِ الأحزابِ ، ثم سقوط ملك أبيها وملك بني قريظة وقتلهم وتشريدهم ، على يدِ رسول اللهِ وصحابتهِ ، في غزوةِ بني قريظة ، فنسيتْ أبيها وقومها ، وعرفت أنهم لايستحقوا غيرَ ذلكَ ، لإنها شاهدتْ عدواتهم وكفرهم ، بعدَ علم اليقينِ وشهادة أبيها بلسانه أمامها ، أنَّ مُحَمَّداً صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ , هو رسولُ اللهِ ، والنَّبيُّ الخاتمِ ، الذي يجدونهُ مكتوبٌ عندهمْ بالتوارةِ ، فأمنتْ برسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ , والإسلامِ عنْ قناعةٍ ورضى وطمأنينةٍ ، لاتتزعزع , وهي مِنْ سِبطِ اللاَّوِي بن نبيِّ اللهِ { اسرائيل بن إسحاق بن ابراهيم – عليهم السلام } – ثم منْ ذُريّةِ { نبيِّ اللهِ هارون – عليهِ السَّلام } - و حيي بن أخطب - كانَ يومئذٍ : سيد اليهودِ ، وهو منْ بني النضير - وتروي { صفية بنت حيي } فتقول : لمْ يكنْ أحدٌ منْ أبي وعمّي أحب إليهما منيؤ، لمْ ألقهما في ولد لهما قط أهش إلا أخذاني دونه ، فلما قدمَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ , ( قباء ) - قرية { بني عمرو بن عوف } - غدا إليهِ أبي وعمّي ، أبو ياسر بن أخطب مغلسينَ ، فواللهِ ما جاآنا إلا مع مغيبِ الشمسِ ، فجاآنا فاترينِ كسلانينِ ساقطينِ يمشيانِ الهوينا ، فهششتُ إليهما ، كما كنتُ أصنعُ ، فواللهِ ما نظرَ إليَّ واحدٌ منهما ، فسمعتُ عمّي ( أبا ياسر ) يقولُ لأبي : أهو هو ؟ قال : نعم والله ! قالَ : تعرفهُ بنعتهِ وصفتهِ ؟ قالَ نعم والله ! قالَ : فماذا في نفسكَ منهُ ؟ قالَ : عداوتهُ والله ما بقيت ، ولقد رأتْ { السيدة صفية } في منامِها ، كأنَّ قمر السماءِ ، قدْ سقطَ في حجرها ، فقصَّتْ رؤياها على ابنِ عمّها ، فلطمَ وجا ، وقالَ :[ أتتمنينَ ملك يثرب ، أنْ يصير بعلكِ ، فما كان إلا مجيء رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ , وحصاره إياهم ، فكانتْ { صفية } في جملةِ السَّبي ، وكانتْ عروساً لرسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ.
ومنْ حديثِ ( أمية بنت أبي قيس الغفارية ) قالتْ أنا إحدى النِّسوة اللاتي زففنَ صفية ، إلى رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ , فسمعتها تقول : ما بلغت سبع عشرة عاماً ، يوم دخلت على رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ , وتوفيتْ { صفية } سنة اثنتين وخمسين ، في خلافةِ معاوية و قبرها بالبقيعِ .
2){ مارية القبطية } : يمكن الوقوف على أصولِ أسرتها , إذا علمنا أنَّ { مارية القبطية } لمْ تكنْ جارية عادية ، شأنها كشأنِ غيرها منْ الجواري, بمعنى ، أنها لمْ تكنْ منْ العامةِ ، وإنما كانتْ منْ خاصةِ خواص القبطِ ، فعنْ عروة : عن عائشة : قالتْ : [ أهدى ملك بطارقة الروم ، يقال لهُ المقوقس ، جارية منْ بناتِ الملوكِ ، يقال لها { مارية } إلى رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ , ... البداية والنهاية 304 / 5 ، قدمتْ { مارية } إلى المدينةِ المنورةِ ، بعدَ صلح الحديبيةِ ، في سنةِ سبعٍ منْ الهجرةِ ، وذكرَ المفسرونَ ، أنَّ اسمها { مارية بنت شمعون القبطية } ، بعد أنْ تمَّ صلح الحديبيةِ ، بينَ الرسولِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ , وبينَ المشركينَ ، في مكة ، بدأ الرسولُ ، في الدَّعوةِ إلى الإسلامِ ، وكتبَ الرسولُ - صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ , كُتباً ، إلى ملوكِ العالمِ ، يدعوهم فيها إلى الإسلامِ ، واهتمَّ بذلكَ اهتماماً كبيراً ، فاختارَ منْ أصحابهِ ، مَنْ لهم معرفة و خبرة ، وأرسلهم إلى الملوكِ ، ومنْ بينِ هؤلاءِ الملوكِ , ( هرقل ملك الروم ) ، ( كسرى أبرويز ملك فارس ) ، ( المقوقس ملك مصر ) و ( النجاشي ملك الحبشة ) ، لما أرسل الرسول كتاباً ، إلى ( المقوقس حاكم الإسكندرية والنائب العام للبيزنطية في مصر ) ، أرسلهُ مع { حاطبٍ بن أبي بلتعة } ، وأُعجبَ ( المقوقس ) بمقالةِ حاطبٍ ، فقالَ لحاطبٍ : " إني قدْ نظرتُ ، في أمرِ هذا النَّبيِّ ، فوجدتهُ لا يأمرُ بزهودٍ فيهِ ، ولا ينهى عنْ مرغوبِ فيهِ ، ولمْ أجدهُ بالساحرِ الضالِ ، ولا الكاهنِ الكاذبِ ، ووجدتُ معهُ ، آية النبوةِ ، بإخراجِ الخبءِ و الأخبار بالنجوى وسأنظر " ،
أخذَ المقوقس ، كتاب النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ , وختمَ ، إلى النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ , لِمُحَمَّدٍ بن عبد اللهِ ، منْ المقوقسِ عظيم القبط ، سلامٌ عليكَ .
أما بعد :-
فقدْ قرأتُ كتابكَ ، وفهمتُ ما ذكرتَ فيهِ ، وما تدعو إليهِ ، وقدْ علمتُ أنَّ نبياً بقي ، وكنتُ أظنُ أنهُ سيخرج بالشامِ ، وقدْ أكرمتُ رسولكَ ، وبعثتُ إليكَ بجاريتينِ لهما مكانٍ ، في القبطِ عظيم ، وبكسوةٍ ، وأهديتُ إليكَ ، بغلة لتركبها والسَّلامُ عليكَ
".
وكانتْ الهدية جاريتين هما : { مارية بنت شمعون القبطية } وأختها { سيرين } وفي طريقِ عودةِ ( حاطب ) إلى المدينةِ ، عرضَ على { ماريه } وأختها الإسلام ، ورغبهما فيهِ ، فأكرمهما اللهُ بالإسلامِ ، وفي المدينةِ ، أختارَ الرسولُ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ , { مارية } لنفسهِ ، ووهبَ أُختها { سيرين } لشاعرهِ الكبير ( حسان بن ثابت الأنصاري رضيَ اللهُ تعالى عنه ) كانتْ { ماريه رضيَ اللهُ عنها } بيضاء جميلة الطلعة ، وقد أثار قدومها الغيرة في نفسِ { عائشة رضي الله عنها } ، فكانتْ تراقب مظاهر اهتمام رسول اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ , بها ، وقالتْ { عائشة رضيَ اللهُ عنها } :" ما غرتُ على امرأةٍ ، إلا دون ، ما غرتُ على ماريةٍ ، وذلكَ ، أنها كانتْ جميلة جعدة - أو دعجة - ".
ولادة { مارية } لإبراهيم : وبعدَ مرورِ عامٍ ، على قدومِ { مارية } إلى المدينةِ ، حملتْ { مارية } ، وفرحَ النَّبيُّ لسماعِ هذا الخبرِ ، فقدْ كانَ قدْ قاربَ الستينَ منْ عُمرهِ ، وفقدَ أولادهُ ، ما عدا { فاطمـة الزهراء رضوان اللهِ عليها } ، ولدتْ { مـارية } في "شهرِ ذي الحجةِ منْ السنةِ الثامنةِ للهجرةِ النبويةِ الشريفةِ "، طفلاً جميلاً يشبهُ الرسول صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ , وقدْ سمَّاهُ ( إبراهيم ) " تيمناً ، بأبيهِ ( إبراهيم خليل الرحمن عليه السلام ) " وبالولادةِ أصبحتْ { مـارية } حُرَّة وعاشَ ( إبراهيم ) ابن الرسولِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ , سنة وبضع شهور ، يحظى برعايةِ رسول الله صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ , ولكنهُ مُرضَ قبلَ ، أنْ يكمل عامه الثاني ، وذاتَ يومٍ اشتدَ مرضهُ ، وماتَ ( إبراهيم ) وهو ابن ثمانية عشر شهرا ً، " وكانتْ وفاتهُ يوم الثلاثاء لعشرِ ليالٍ ، خلتْ منْ ربيعٍ الأولِ ، سنة عشر منْ الهجرةِ النَّبويِّةِ المباركةِ "، وحزنتْ { مارية } حزناً شديداً ، على موتِ ( إبراهيم ) .
مكانةُ { مارية } في القرآنِ الكريمِ : { لمـارية رضيَ اللهُ عنها } شأنٌ كبيرٌ ، في الآياتِ المباركةِ ، وفي أحداثِ السيرةِ النبويةِ . " أنزلَ اللهُ عزَّ وجلَّ ، صدر سورة التحريم ، بسببِ { مارية القبطية } ، وقدْ أوردها العلماء والفقهاء والمحدثون والمفسرون ، في أحاديثهم وتصانيفهم " ، وقد توفي الرسول عنها صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ , وهو راضٍ عنْ { مـارية } ، التي تشرفتْ بالبيتِ النَّبويِّ الطاهرِ ، وعُدتْ منْ أهلهِ ، وكانتْ { مـارية } شديدة الحرصِ ، على اكتسابِ مرضاةِ الرسولِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ , كما عُرفتْ بدينها وورعها وعبادتها.
3) { جويرية بنت الحارث } : هي { جويرية } بنت الحارث بن أبي ضرار بن حبيب بن عائذ بن مالك من خزاعة , كانَ أبوها ملك وزعيم بني المصطلق , عاشتْ في بيتِ والدها ، معززة مكرمة ، في ترفٍ وعزٍ ، وفي بيتٍ تسودهُ العراقةِ والأصالةِ , بدأ الشيطان يتسلل إلى قلوبِ بني المصطلق ، ويزين لهم بأنهم أقوياء يستطيعون هزيمة المسلمين ، فأخذوا يعدونَ العُدَّةَ ، ويتأهبونَ لمقاتلةِ المجتمعِ المُسلمِ ، بقيادةِ الرسولِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ , فتجمعوا لقتالِ رسو ل اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ , وكانَ بقيادتهم ، سيدهم الحارث بن أبي ضرار, وقدْ كانتْ نتيجة القتالِ ، انتصار النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ , وهزيمة بني المصطلق ، في عقرِ دارهم ، فما كانَ منْ النَّبيِّ ، إلا أنْ سبى كثيراً منْ الرجالِ والنساءِ ، وكانتْ { السيدة جويرية بنت الحارث } منْ النساءِ ، اللاتي وقعنَ في السبيِّ , فشاءتْ الأقدارُ ، في النهايةِ ، لتذهبَ لرسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ , وجاءتْ { جويرية } رسول اللهِ ، وقالت : ' أنا جويرية بنت الحارث بن أبي ضرار ، سيد قومه ، وقدْ أصابني منْ الأمرِ ، ما قدْ علمتَ ،ولأنَّ بني المصطلق ، كانوا منْ أعزِّ العربِ ، دارا وأكرمهم حسباً ، ولحكمةِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ , قالَ لجويرية : ' فهلْ لكِ في خيرٍ منْ ذلكَ ؟ قالتْ : ' وما هو يا رسول اللهِ ؟ '، قالَ : ' أقضي عنكِ كتابتكِ وأتزوجكِ '، وكانتْ قبل قليل تتحرق طلباً لاستنشاقِ عبير الحريةِ ، ولكنها وجدتْ الأعظم منْ ذلكَ ، ففرحتْ { جويرية } فرحاً شديداً ، وتألقَ وجا ، لمِا سمعتهُ منْ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ , ولمِا سوفَ تلاقيهِ ، منْ أمانٍ ، منْ بعدِ الضياعِ والهوانِ ، فأجابتهُ بدونِ ترددٍ أو تلعثم : ' نعمْ يا رسولَ اللهِ ' ، فتزوجها النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ , وأصدقها 400 درهم , وراحت { السيدة جويرية } تحذو ، حذو أُمَّهات المؤمنينَ ، في الصلاةِ والعبادةِ ، وتقتبس منْ الرسولِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ , ومنْ أخلاقهِ وصفاتهِ الحميدة ، حتى أصبحت مثلاً في الفضلِ والفضيلةِ ، فكانتْ أُم المؤمنينَ { جويرية } منْ العابداتِ القانتاتِ السابحاتِ الصابراتِ ، وكانتْ مواظبة ، على تحميدِ العليِّ القديرِ ، وتسبيحهِ وذكرهِ.
ونقولُ : أنَّ هؤلاء الملوك الثلاثة ، الذين ذكرناهم ، والذينَ همْ أباءٌ لأمهاتِ المؤمنينَ ، كما قلنا , لا يقلُّوا كمستوى ملك ، عنْ بعضِ ملوك العربِ اليومِ ، وبعض دول العالم الصغيرة , وذلكَ منْ حيث مساحة الأرض وعدد الأتباع والجيوش والمكانة المرموقة ، وأخيراً نقولُ : أنَّ كلَّ هذهِ الصِّفات السبعة ، مذكورة بنصٍ واحدٍ صغيرٍ ، لا يتعدي عشرة سطور ، منْ كتابهم التوراة , فما بالنا بباقي المذكور ، منْ صفاتٍ بكاملِ كتابهم المقدَّسِ ، منْ التوراةِ والإنجيلِ ,وكيفَ كانتْ هذهِ الصفات ، كلّها قبلَ التحريفِ , إنهم حقاً يعرفونهُ ، كما يعرفونَ ، أبنائهم , صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ .

وصدق الله العظيم ، حيث يقول : { الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءهُمْ وَإِنَّ فَرِيقاً مِّنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ }البقرة146
وقوله : { الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءهُمُ الَّذِينَ خَسِرُواْ أَنفُسَهُمْ فَهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ }الأنعام20

الكاتب : طارق عبده إسماعيل / باحث بمقارنة الأديان / المدينة المنورة

Abu_hamza05@yahoo.com

للتواصل بالفيس بوك


http://www.facebook.com/profile.php?id=100002252997439&sk=wall

المصادر و المراجع
1. الذهبي / سير أعلام النساء.
2. عائشة عبد الرجمن بنت الشاطئ / سيدات بيت النبوة رضي الله عنهن.
3. عمر رضا كحالة / أعلام النساء في عالمي العرب والمسلمين.
نقلتهُ مع يسيرٍ منْ التصرّفِ منْ أجلِ إكمال الفائدةِ رجاءاً
{ رَبَّنَا آمَنَّا بِمَا أََََََََََََََََنزَلْتَ وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ }آل عمران53
{ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ
الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ
يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنكَرِ
وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَآئِثَ
وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلاَلَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ
فَالَّذِينَ آمَنُواْ بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ
وَاتَّبَعُواْ النُّورَ الَّذِيَ أُنزِلَ مَعَهُ أُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ }الأعراف157
{ وَإِذْ أَخَذَ اللّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّيْنَ
لَمَا آتَيْتُكُم مِّن كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ
ثُمَّ جَاءكُمْ رَسُولٌ مُّصَدِّقٌ لِّمَا مَعَكُمْ
لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنصُرُنَّهُ
قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي
قَالُواْ أَقْرَرْنَا
قَالَ فَاشْهَدُواْ وَأَنَاْ مَعَكُم مِّنَ الشَّاهِدِينَ }آل عمران81
{ وَإِذَا سَمِعُواْ مَا أُنزِلَ إِلَى الرَّسُولِ
تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ
مِمَّا عَرَفُواْ مِنَ الْحَقِّ
يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ }المائدة83








منقول


الساعة الآن 11:03.

Powered by vBulletin® Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.

منتديات روعة الكون