الاخبار الاقتصادية لهذا اليوم الخميس 1/2/2006م

تحقق لشركات الاتصالات أرباحا طائلة

أرقام الجوالات المميزة.. هوس المراهقين.. ووقود ثقافة الاستهلاك

الدمام - علي البراهيم


أرقام الجوالات تدخل عالم المزادات مثل السيارات

الأرقام المميزة لا تعدو كونها مجرد أرقام متماثلة – في جزء منها أو في مجملها – ولا يوجد فرق بينها وبين الأرقام الأخرى سوى أنها متماثلة.. وسر تميزها – في رأي عشاقها – يكمن في شكلها فحسب.. فكلما بدت سهلة ولافتة للنظر زادت نسبة تميزها. والأرقام المميزة أصبحت تجارة رائجة بين الناس وعلى صعيد المؤسسات – تباع وتشترى وتعقد لها المزادات كأي قطعة نفيسة – وبأسعار فلكية لا تصدق.. وفي سبيلها تخاض معارك يومية للظفر بها – بأي ثمن – في وقت باتت فيه الأرقام المتماثلة احد معايير التميز.
وتأتي أرقام الجوالات المميزة أكثر الأرقام رواجا وسعرا.. وتحقق شركات الاتصالات من ورائها أرباحا طائلة.. وكان ضمن الأرقام المميزة الأعلى سعرا في العالم حتى الآن الرقم القطري (6666666) الذي باعته شركة الاتصالات القطرية بـ 10 ملايين ريال في مزاد علني أقامته الشركة في نهاية العام الماضي واشتراه آخر بـ 12 مليون ريال .. فيما بيع الرقم الإيراني (123456789) بـ 285 ألف ريال.. والرقم الصيني (888888) . أما في المملكة (وفق مصدر في الاتصالات ) فقد بيع رقم متماثل (بعد الصفر) بـ 480 ألف ريال.. كما يتوقع أن يزيد سعر الرقم (0566666666) في مزاد ستقيمه اتحاد اتصالات خلال الأيام القليلة القادمة المليوني ريال. وأوضح مسئول العلاقات العامة في شركة الاتصالات بالشرقية خالد المرشيد أن الأرقام المميزة في الاتصالات تنقسم إلى أربعة أقسام (بلاتيني وذهبي وفضي وبرونزي) تبدأ بـ 6 أرقام متماثلة للبلاتيني و5 للذهبي... وهكذا.. وتتراوح أسعارها بين 20 إلى 49 ألف ريال – كأعلى سعر – أما فيما يتعلق بالأرقام الأكثر تميزا والمتماثلة في معظمها فإن سعرها يخضع للمزايدة بين المتنافسين وبسعر مفتوح.
كما أوضح مسئول في اتحاد اتصالات – فضل عدم ذكر اسمه: أن الأرقام المميزة في موبايلي كما هي عليه في الاتصالات من حيث المسميات فهناك البلاتيني والذهبي والفضي والبرونزي وتبدأ بـ 72 ألف ريال للبلاتيني وحتى 1500 للبرونزي وتتكون من 7 أرقام متماثلة.. بالإضافة إلى رصيد للعميل يصل إلى سنتين مشيرا إلى أن الشركة ستقيم أول مزاد علني لها خلال الأيام القليلة القادمة وستعرض مجموعة كبيرة من الأرقام المميزة – التي تبدأ بمكرر الأرقام من صفر إلى 9 – والتي تلي فتح الخط 05 .. فيما توقع أن يتجاوز سعر الرقم (0566666666)المليوني ريال..
الشعور بالتميز
وعن أهمية الرقم المميز في نفوس مقتني هذه النوعية من الأرقام قال أحمد الشهري: اشتريت الرقم (--- 0555555) قبل 8 سنوات بحوالي 25 ألف ريال فيما وصلت قيمته الآن 60 ألف ريال.. وليس في نيتي بيعه حتى وأن بلغ الـ 500 ألف ريال.. لأنه رقم جذاب ويكسبني الشعور بالتميز كلما طلب مني الإفصاح عن رقمي أو كلما اتصلت بآخر مشيرا إلى أن اتصالاته بالآخرين حتى وإن كان لا يعرفهم يتم الرد عليها في الحال فور مشاهدة الرقم.
وأضاف: الأرقام المميزة عادة تشتهر بين الشباب فهم يتسابقون إليها بكل طاقاتهم لنيل شرفها الرفيع حتى وإن اضطر الشاب إلى بيع سيارته مقابل الحصول عليها – وهو ما حدث فعلا مع أحد الزملاء حيث باع سيارته بـ 50 ألف ريال ليشتري بقيمتها رقم جوال مميزا.
أما محمد العبدالله (وهو أيضا من عشاق اقتناء الأرقام المميزة) فله رؤية مختلفة.. ويقول: الأرقام المميزة لافتة للنظر وهي محل اهتمام الكثير من المراهقين والمهووسين.. وتجارتها مربحة مشيرا إلى أنه اشترى أكثر من رقم مميز آخرها (--- 05666666) ليتمتع بها قليلا ثم يعرضها للبيع عبر وسائل الإعلام حيث حقق من ورائها أرباحا طائلة قدرها بـ 700 ألف ريال خلال ثلاث سنوات فقط.
اضطراب الشخصية
ووصف الدكتور حسام كحلة استشاري النفسية في مستشفى الدكتور فخري الباحثين عن التميز الزائف بامتلاك الأرقام المتماثلة – أو ما تعرف بالأرقام المميزة – كأرقام الجوالات أو غيرها من الأرقام الأخرى بأنهم أشخاص غير طبيعيين ويعانون اضطرابا في الشخصية.. وهذه الحالة يصاب بها الشباب أكثر من غيرهم تبعا لانخفاض نسبة المسئولية في حياتهم مشيرا إلى أن الشخصية الباحثة عن هذا النوع من التميز غالبا ما تكون شخصية سطحية وتتمتع بنرجسية عالية.. ويكون أحيانا للبيئة المحيطة دور في غرس مثل هذه المبادئ والأوهام في نفوس الأبناء منذ الطفولة.
وأضاف: إن هوس الأرقام المميزة يدفع البعض أحيانا إلى ارتكاب الحماقات – كدفع المبالغ الضخمة أو غيرها – في سبيل الحصول عليها ولفت الأنظار إليهم.. وقد نعتبر الركض خلف هذا النوع من التميز مرضا في حال استمر هؤلاء على اهتمامهم بتلك الشكليات حتى مرحلة متقدمة من العمر.. وهنا لا بد من مساعدتهم على تصحيح مسارهم ولو بالإرشاد النفسي.
وقال: في حال لمس الأهل شيئا من هذا الاهتمام في نفوس أبنائهم يجب صرفهم عنه ولو بتعليق بسيط على عدم أهمية امتلاك الأرقام المميزة بما أن أي رقم آخر يؤدي الغرض.. ولكي نساعدهم على بناء شخصياتهم بصورة سليمة خالية من الأوهام.
الطلاب يتفاخرون
ويقول المرشد الطلابي بمدرسة القادسية عايض القحطاني: هوس الأرقام المميزة انتقل أيضا إلى المدارس حيث نجد طلابا في المرحلة الابتدائية يتنافسون في عرض أرقام جوالات ابائهم.
وأضاف: إن الحصول على الرقم (05444444 أو 0555555) حتما هو مجرد غاية تكتمل معها الشخصية الناقصة.. ولكن الغريب في الأمر أننا بلغنا من الأمر مرحلة انتقالية تقر هذا التوجه وتضع له تشريعا وتسويقا من قبل المؤسسات الرسمية والبدء في التعاطي معه كسلعة ذات مزايا نافعة تباع وتشترى.. فبات الرقم المميز غير متاح كما تجيء به الصدفة كما في السابق .. فكل خانة من الأرقام اليوم تعني قيمة شرائية معلومة سواء من مصدرها أو عن طريق التنازل عنها.. فإذا ما أردت الانضمام إلى هؤلاء النفر ممن يمتلكون لقب (أصحاب الأرقام الذهبية) فأنت مطالب بأن تدفع الكثير مقابل حفنة من الأرقام التي لا تغني ولا تسمن من جوع.
وأضاف: لاشك أن الرقم 999 مثلا سهل الحفظ ويبدو متميزا في مضمونه وفي شكله أيضا.. وإذا ما اعتبرناه رقما ذهبيا في كل إبعاده فهو كذلك حيث وجد ليسهل على طالبي النجدة سرعة الاتصال دون الحاجة إلى ذاكرة قوية أو أجندة هاتف.. وكذلك بقية الأرقام ذات الأبعاد الخدمية كأرقام الهلال الأحمر والدفاع المدني وغيرها من الجهات الهامة الجديرة بالاستحقاق لهذه الأرقام المميزة والسهلة.. فالأرقام هنا لم تمنح عبثا أو تفاخرا فيما بين المؤسسة العامة أو الخاصة ذاتها بل منحت هذه الخصوصية لتسهيل مهمتها الخدمية تجاه الفرد والمجتمع.