عقلاء لكن في أثواب جهلاء
سرتُ مُرتحلاً في هذا الزمان , أبحثُ عن ذاك المعين الذي أشربُ منه وأسقي ظمأ النفس بعد طول ترحال .
فأسلمني الزمانُ إلى صديقً هو العدو وإلى عدو أحنُ علي من الصديق .
وأُسلمتُ إلى عُقلاء لكن في أثواب الجهل ! فهل تراني أسلمُ من هذا الزمان ! وأين السلامة وأنا بين كماشة السُخف والبلادة! .
فلا العارف يعرفُ أنه عارف , ولا الجاهلُ يُقرُ بجهله ويقنعُ بما يكمُنُ في معرفة أنهُ جاهل .
حرتُ واحترتُ في الفكر و النظرات, وتأملتُ في كثير من الكلمات, وسرتُ على ما تهوى النفُوس لتلك التأمُلات , وأقررتُ بما لا تُقرُهُ النفسُ أبدا بواقع اللين والمُجاملة لتلك الحادثات .
إلا أنني لا أرى في مُلامسة الفكر مع أفكارهم ولا تقنين القوانين فيما بينهم , إلى أنني أبدأُ وأعود إلى نُقطة البداية فإذا بي أمام عُقلاء في أثواب الجُهلاء .
إن السياسة في الإمتاع والمؤانسة , تدور على تلك الليالي الخلابة التي تم نقشها في كثير من الآدب والحنكة والبلاغة في لمسات الفكر والعقل البليغ
ولكن ؟ أين تلك المُلامسة من لمسات أناملي , والتي ما أن تطأ موطأً يُغيضُ الكُفار , حتى أكتشف أنني أصبحتُ أدور معهُم في دوامة الإنحدار والسقوط والإنكسار .
فأين ياتُرى أرى تلك الوجوه التي تعقلُ وتُبصرُ فترى مايكمُن في داخل القلب , فليتهم ثم ليتهم عرفوا من هي تلك التي تخوفت وتطايرت سيوفهم ورماحهم وأفراسهم عليها خوفاً من أن يتم الإبحارُ بها في مراكب البحر .
الذي لا يعلمون أن أمواجه رسمٌ من كلماتها , وقطراتُه دمعاتُ الندى من وجنتيها , ولا يكادون يفقهون قولا وعملا , بأن السماء العاكسة على أمواج البحر إنما هي نظراتُ مُقلتيها , وما السُحُبُ السائرة في السماء إلا همساتٌ من شفتيها .
حرتُ بهم وماذا أقول لهم ! فهل يُعقلُ أن الجهل بهم قد أغلق بابه وأعلن عن ميلاد عهدً جديد من البلادة .
أيُنا أحقُ بالآمن والمُلامسة , وأيُنا أجلُ وأكرمُ على النفس والمؤانسة هي تلك بين أياديهم وحوافر خيولهم الغابرة , أم بين راحة أناملي التي تطربُ في لمسات وخطوات قدميها .
أم أن هناك حروف لم تُدرس على أفئدة النفس الصافية ! وقالوا فيما يقولون أنها أساطيرُ الأولين اُكتتبت في جهل النظرة الصادقة من معين النفس الحالمة .
أيُها العاقل في ثياب الجهل , هلا سألت أنامل النفس قبل نطق اللسان ؟ وهلا سألت الروح قبل الشروع في الصمت والكتمان ! وهلا تربيت على أحضان لحظات الزمان . فقلت والله ماهو إلا خاطرة بروح وبيان .
هلا قلت في نفسك أيُها العاقلُ الجاهل , أن العُمر قد طال ونثرت معالم المقال وارتحلت مراكب الرجال , وأتاكم من ترضون منه الدين والخُلق والبيان
فهلا تريثت في جهلك وحكمت عقلك وقلت في نفسك ربح البيع والله لا نُقيل ولا نُقال .
شاهت الوجوه من أفكارً بليدةً ميتةً رخيصة , عميت الأنباءُ عنكُم ولا تزالون تتساءلون .
تبت أيديكم وحُملتُم أعقاب من أفكاركم ونظم الوحي من الله فيكُم وأصلح حالكم وشأنكم .
ربُما تختلفُ السجايا وتلك العطور الفاخرة لتقديم النوادر والعطايا , معاذ الله أن أطعن من سيف الغدر وسهام القبح والتقليل من تلك الأفهام والنفوس .
لحظة أيُها الفكر ! ومهلاً أيُها العقل ! وروياً روياً بي أيُها الأدبُ والبيان !
لا تأخذ بي بوشاية اللسان ولا تكُن فاسق بقول الوجدان وفسر في القول لتلك الحسناء والمرجان .
وقل لها لا تسمعي لتك الوشاية , ولا تكوني لي حقيقة البداية ولحظة النهاية .
لحظة من التفسير والمنطق والبيان , لأُسطر لكِ عبارات سطرتُها في نقاوة النفس وبيان المُجمل والمُفصل في حديث الفُقهاء .
فإنني لست عالماً بالمنطق , ولستُ فيلسوفاً للحياة , ولا أنا من الحاخامات أو من أصحاب الثراء والأعطيات .
لستُ أنا رجل في بساطته فقير , ولا في ثرائه عربيدٌ وسكير .
لستُ أنا إلا أن أكون أنتِ وأنا !
أنا من أبحر في بحور الكلمات وساق وحي المفردات وقسم في غناء الموسيقى والأغنيات .
فأنا من أحزانه أحزانك , وأفراحه قصور من أفراحك , أنا من تفرد في خط الكلمات وسرد المقالات وكتابة العيون والنظرات .
لكِ ولأجلكِ من أرسلتُ لها أرواح الخيال تُلاطفُ شعرك وتلمسُ وجنتيك وتحكي تحرُكات شفتيك .
ليست الحياة تلك التي يتغنى بها الفارسُ الزير على قصائد الخمر والفُحش وقلة الحياء , ولكن الحياة ماهي إلا عبادةٌ صادقة لله , ومن ثم حب وشوق لك .
فهذا بيان وإخبار لمن لم يعرف الحب والشوق , ولوحة باقية للناظرين وللعقلاء الذين هم في أثواب الجهلاء .
ودمـــــــــــــتــــــــــم ............ ســـــالــــــــمـــــــيــــــــــــن
الموضوع الاصلي
من روعة الكون