السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الصبر عندها وصل حده 
صارت تحدثني عن معاناتها التي استمرت سنوات طويلة من زواجها ، 
وكيف أنها تلوذ بالصبر على كل ما كانت تلقاه من زوجها الذي قالت أنه يدقق ويتابع كل شيء ، 
ويسأل عن كل صغيرة وكبيرة ، فهو لا يتغاضى ، ولا يتسامح ، ولا يلين . 
ذكرت أنها كثيرا ما كانت تشعر برغبة في ترك كل شيء ، 
البيت والأولاد والزوج ،
ولكن إلى أين ؟ لم تكن تدري ! 
كل ما كان يملأ نفسها شعور بأنها ما عادت قادرة على الصبر ، 
وأن الأعباء ما عادت محتملة لديها ، وأن ذلك فوق طاقتها واحتمالها 
سألتها أن تحادثني عن زوجها غير ما ذكرته عنه من تدقيق وتفتيش ومتابعة وعدم مسامحة ؛ 
فقالت إنه قاس ، لسانه حاد ،
لا أسمع منه ثناء عليَّ، أو على طبخي ، أو على تربية أبنائي ، 
لا أسمع منه كلمة حب أو عطف أو حنان ،
لقد تعبت، تعبت، تعبت . 
لا أعني تعب الجسد فهذا أحتمله وأصبر عليه ؛ 
إنما أعني تعب النفس ، تعب الأعصاب ، تعب الوجدان . 
قلت لها هل جربت أن تكلمي أحدا من أهلك أو من أهله ليراجعوه في ذلك وينصحوه، 
قالت فاتحت والدي فنفى كل شيء ، 
وقال إنه غير مقصر نحو بيته، ويوفر لنا كل ما نحتاجه . 
هل رأيت ؟ 
إنه ينظر إلى الجوانب المادية وأنا أريد الجوانب النفسية والعاطفية والروحية . 
قلت لها هل تريدين نصيحتي ؟ 
قالت لهذا فاتحتك بالأمر . 
قلت : أعلم أن نصيحتي قد لا تلقى قبولا كبيرا في نفسك ،
لكني أرى العمل بها هو الأجدى والأربح . 
قالت : تفضلي 
قلت : لو أراك الله ما أعد لك من أجر على صبرك واحتسابك لقلت : أهذا كله لي ؟ 
لو رأيت مقعدك في الجنة جزاء احتمالك ما تلقينه من عنت زوجك وشدته وقسوته وجفافه 
ثم سئلت : ما رأيك لو جعلنا لك زوجك مثلما تريدين ..
ولكننا سننقص من أجرك ..
وننزلك إلى مرتبة أدنى في الجنة .. 
لربما قلت : لا .. أصبر على زوجي فأبقوا على منزلتي هذه في الجنة . 
هنا سمعت صوت بكاءها بسبب تأثرها مما سمعته من كلام فقلت لها : 
أيهما تفضلين ؟ 
أن يصلح الله زوجك ولكن منزلتك في الجنة ستكون أدنى ..
أم تواصلين صبرك عليه مع علو منزلتك في الجنة ؟ 
صمتت ولم تجب ومازالت تبكي .... 
قلت لها : لا شك في أنك تفضلين أن يكون زوجك كما تريدين ، 
وأن تبقى منزلتك في الجنة ؛ أي أن تظفري بالأمرين معا . 
واصلت حديثي : هذا ما تتمناه كل زوجة . نعم . 
ولكن الله أقسم على أن يبلونا في هذه الحياة الدنيا ، 
وفي الوقت نفسه بشرنا إذا صبرنا على هذا البلاء .
قال عز وجل ( ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين * الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون * أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون )
عدت إلى سؤالها من جديد : ماذا اخترت يا أختاه ؟ 
قالت : لقد اخترت مواصلة الصبر . 
ولكني أرجوك أن ترشديني إلى ما يعينني على ذلك . 
قلت لها : بارك الله فيك لاختيارك مواصلة الصبر على زوجك . 
أما ما يعينك على ذلك فهو التالي : 
كلما سمعت من زوجك ما آلمك وأحزنك ، 
وكلما وجدت إعراضا وصدودا ، وكلما ضاقت الدنيا عليك من شدة زوجك وقسوته ..
اذهبي إلى 
.
.
.
حبيبك 
.
.
.
نعم حبيبك واشكي زوجك إليه ! 
قاطعتني مستنكرة : وأنا مالي حبيب ؟ 
قلت لها بلى لا تتعجلي ! 
أليس الله حبيبك ؟ ألا تحبين الله تعالى ؟ 
قالت : بلى أحبه . 
قلت إذن الجئي إليه سبحانه ، وناجيه جل شأنه بمثل هذه الكلمات : 
*اللهم إني أحبك . وأحب أن أقوم بكل عمل يرضيك ، وأنا أعلم أن صبري على زوجي يرضيك عني . اللهم فألهمني حسن الصبر عليه ، وامنحني طاقة أكبر على احتماله ، وأعني على مقابلة إساءته بالإحسان 
اللهم ولا تحرمني الأجر على هذا الصبر ، وأجزل لي ثوابك عليه ، وابن لي عندك بيتا في الجنة *.قطفته لأحبتي في الله 
            
            
            
            الموضوع الاصلي 
            
            من روعة الكون