سأحلق الآن وسأرحل عن هذا الكيان وسأجتاح عالم آخر يملأه الحب والأمان
ودائما ما يغدق علينا بالحنان لن أطيل المكوث هناك سأرحل عن هذا العالم سريعا
لأن مرتاديه كثر لكن سأبحر في بحرة العميق وسأستخرج منه اللؤلؤ ذو اللمعان و
الوميض وسأركب في أجمل قواربه وسأجدف في أروع مجاديفه لينقلني إلى بستانه فأجوب بين أركانه
وأقتطف أجمل أزهاره وأشرب من أعذب أنهاره وأسترخي بين أعشابه...
وبعد هذا سأطوف بين أماكنه المترامية فأجمع الورود والأوراق وأقرأ ما تحويه من كلام براق
فأضعها في غلاف ذهبي وأزينها بزبرجد والحلي لأتصفحها بين الحين والحين ولتبقى ذكرى
على مر السنين.... قد حلقت ........ وها أنا أدخل هذا العالم البعيد وصلت إليه ما أجمل أبوابه
هذا باب قد زين بالورود الحمراء وذاك قد جمل بالألئ البيضاء وهذا قد أسدل عليه أقمشة زرقاء ...
وهناك باب قد وضع عليه نجوم فائقة البهاء فاستحقت من مرتاديها الثناء...
أحد هذه الأبواب دعاني فدخلت وأنا مطئطة رأسي فإذا بنور يطرق جفناي فدخل في بؤبؤ عيني
رفعت رأسي فإذا بي أرى روضة بهية وكأنها جنة فتية ...........أرى هناك مياه جاريه وهنا أزهار
مورقة ...وهذه أشجار بقطوفها دانيه وتلك طيور بتغريدها شاديه انبهرت من ذلك كثيراَ فإذا بي أسابق
الخطى لأستظل تحت شجرة عاليه تحمل بين حنايا أخشابها كلمات حانية تقول ( الأمهات السبيل
للوصول إلى أعلى الجنات) عندئذ أخذت أسترجع صفحات حياتي وما فعلت أمي تجاهي وكم
ساهمت في نجاحي فوجدتها أم قدوة بالفعل ....... فقد كانت صابرة في عزم وترشد
من أخطأ في حزم وتقول كلامها في جزم .... لا تحب الضجر والكل(الكل بمعنى التعب)
بل تحث وتتكل لتوطد العلاقة وتنمي الثقة وتزرع العزيمة وتنشر المحبة ...
يا لها من أم عظيمه تأمرنا فنضجر تنهانا فنفعل ترشدنا فنجهل .. نغضبها فترضى
تعطينا فنجفى تمنحنا فنأبى .. نعود لها فتنسى لكنها لا تنسى بل نحن من ينسى أنها الأم الرؤوم
صاحبة القلب الحنون ...........
نعم.....هذا هو علم السعادة ولأمان.. المليء بالحب والحنان ..
الأم ........ مدرسة تربي الأجيال وتخرج رجال كالجبال فهي التي أخرجت لنا
خير البرية محمد هادي البشرية وهي التي أخرجت لنا مسلم والبخاري وسيبويه والزمخشري
فقد قيل وأصدق القول قول العارفين (إن العظماء يرثون عظمتهم من أمهاتهم).........
الأم .......لا تجمع جزع وقنوط بل صبر وصمود فلو جمع صبرها فوضع على الجبال لأصبحاَ
قاعا صفصفا ولو وضع على الحديد لأصبح شراباَ سائغا ..............
هذه هي الأم إنسان خلق من الرحمة ووضع له قلب مملوء بالمحبة وأضيفت له لمسات من
حنان فأصبح عنوان للأمان .........
يلجأ إليها الصغير فتطعمه من خلاصة غذاؤها ويشكوا لها الكبير فتنهله من فيض حنانها
وكلام خالقها تاج فوق رأسها ..........................
هذا هو الكلام الذي جمعته من تلك الجنة الفيحاء حيث أنني اقتطفت من زهورها الحمراء أعذب
كلام ملأ الأرجاء فأخذتها لأكون منها كلام وضاء يسطع في تلك الروضة الغناء
ليقرؤها من يطلب الأسمى ويرجو دخول الجنة العلياء ليلتقي بالصحب الأتقياء وصفوة الأنبياء
..................................
وبعد هذا ودعت ذلك العالم الأغلى بقلب صيرته المنى
بأن يلتقي به مرة أخرى .........
فإلى اللقاء أيتها الروضة الغناء إلى أجل مسمى بإذن المولى.............
بقلم
اوريو"تحرير"
الموضوع الاصلي
من روعة الكون