السلام عليكم
كُنا نتغنى قديما بالوحدة السياسية بين شطري الوطن المجزوء إلى مربعات عدة، ولم يعد لنا يا "علي" غير ثلاثة أقسام نقتتل وننحر الدماء ونضحي بأنفسنا على جزء واحد يُقال أنه تحرر مرتين.. ويقولون يا جاري أنه لم يتحرر مطلقاً فقد بُدلت وجوه بوجوه ومسميات بأخرى وألوان الطيف يا "علي" علت سمائنا وغطت شمسنا.. قديما كانوا يقولون يا "علي" أنك الطرف الثاني كان يضرب ويعذب ويسجن.. وأن الطرف الأول هو الضحية، وكُنا نقول يومها، من يعمل يخطأ، وإنقلبت المعادلة يا جاري كما نتحدث مساء كل يوم، فلا شغل لي ولوالدك يا بُني غير الحديث عن أيام العمل وكيف كنا نساعد الناس بما ترضى ضمائرنا.. وكُنا ننام الليل بطوله وعرضه، لا نخشى سارق يحوم حول بيوتنا كما رأيناه قبل البارحة يحاول أن يسرق ما نملك، وهو لا يعلم أننا لا نملك غير ستر الله.
ثم أخذوك يا صغيري ليقرصوا أذنك.. ماذا فعلت يا ولد..؟ هل لك اُذن كبيرة تختلف عنا فأرادوا قرصها!؟ أم لك ثلاثة أذان، واحدة زيادة عنا..! وتغضب يا بني لأنهم حلقوا لك شعرك..؟ ألم تقل قبل يوم عصموا عينيك وأخذوك حيث أرادوا، أنك تريد أن تقص شعرك...؟ ها هم وفروا عليك خمسة شواقل، مع إني كنت أتوقع أن يحلقوا لك ذقنك ويأخذوا لك على الخيط، لتوفر الخمسة المتبقية من العشرة شواقل.. ماذا تريد أكثر من ذلك يا ولد... أسكت فإن السكوت علامة نجاحك في جامعتك.
يقولون إن التحرير والجهاد يبدآن وينتهيان من هنا.. فنحن يا "علي" لا نملك غير مترين من ثلاثمائة وستين كيلومترا مربعا، فلما تحمل جبلا فوق رأسك، وأنت لا زلت في ربيع عمرك.. أولى لك أن تحمل ورودا تفترش بها مستقبلك.. فأنت يا هذا لا تملك سوى قلبك وروحك وثوابتك.. وهم في حقيقة الأمر تبددوا كما دخان السيجارة التي أنفثه لحظة وصول كأس الشاي من والدتك.. فهي تعرف أن أعز صديق لي أثناء حديثي هو كوب الشاي، وما سواه لا أعترف به، حتى لا أقع في المحذور يا "علي" ويحلقون شواربي.. ويكسرون قلمي.
في الماضي كان الطرف الأول يقول أن سبب سوء الأوضاع في غزة هو ذاك الرجل البعيد.. ثم لا أدري ماذا. الآن نرى رجالاً أكثر رُعباً على الشعب المرعوب أصلا منذ أن بدأ يوشع الإرهابي بعد وفاة سيدنا موسى عليه السلام بجز رؤوس المقيمين في المنطقة المباركة.. وأن إدارة عشر روضات للأطفال وضعفهم مؤسسات إجتماعية ليس كتحمل مسؤولية شعب تحت الحصار والإحتلال بكل حاجاته.. وأن من لا يعمل ولا يحتك بأمن المواطن وبتحمل مسؤوليته لا يخطأ بالطبع..يا سيدي ليس عليك الإنتظار أن يعتذروا لك.. فهم لا يعتذرون
لا اقول غير حسبي الله ونعمة الوكيل
مشكوووووووووووورة على الموضوع الرائع
|