يعتقد البعض أن نجاح الوالدين في اختيار الوسيلة المناسبة لاخبار الابناء بقرار الانفصال وغياب أحدهما عن المنزل هو نهاية المطاف.. لكنها في الحقيقة بداية لسلسلة طويلة من المشاكل التي تنتج عن هذا الموضوع الجديد مشاكل لم يعتد عليها الأبوان من قبل وليست لديهما خبرة التعامل معها خاصة عندما تصدر من أحدهما أخطاء تنعكس سلبا علي سلوكيات الأبناء وربما علي مفاهيمهم أيضا.
وبالطبع فإن ردود أفعال الأبناء تختلف حسب طبيعة الطفل نفسه، فالطفل الذي اعتاد علي التعبير عن مشاعره ستختلف ردة فعله عن الطفل المكتوم الذي يعبر عن أحاسيسه بأسلوب غير مباشر - فالأول يمكن أن يحتج بصوت عال ويعبر بصدق عن امتنانه بعودة والديه لبعضهما، أما الثاني فإنه يأخذ الموضوع بهدوء يجعل أبويه يعتقدان أنه تفهم الوضع وتقبله وفي جميع الحالات يجب علي الآباء أن يدركوا أن الانفصال أو الطلاق هو أول أزمة حقيقية يواجا أطفالهم فهم يبتعدون عن البيئة التي اعتادوا عليها والأشخاص الذين أحبوهم ووثقوا بهم ويعانون من القلق بشأن مستقبلهم وكل هذه التجارب مجتمعة تؤثر علي البالغين فما بال الأطفال.
علي الأب الذي يهتم بأبنائه أن ينتبه لمثل هذه الرسائل اللاشعورية من أطفاله والتحاور مع الأم بشأنها يوجب الانتباه أن هذه الاضطرابات لا تظهر علي الطفل فور الانفصال فتقديم التوضيحات وبث الاطمئنان في نفس الطفل بشكل متكرر قد يؤجل من ظهورها ولكن عندما تظهر فعلي الأب أن يطلب من الطفل التعبير عن مشاعره ومخاوفه، فالطفل عندما يقابل ولي أمره الذي لا يعيش معه يتصرف بشكل مهذب أكثر من اللازم في حين أنه من الأفضل أن يعبر عن مشاعره حتي وإن كانت مزعجة فهذا ما يحتاجه الطفل لقبول واقع الطلاق هو المزيد من تفريغ طاقته ومشاعره والمزيد من الشعور بالحب والعطف والتفهم للصراع الذي يدور في أعماقه.
في المقابل فالمشكلة التي يمكن أن يقابلها الابناء هي استخدام أحد الطرفين لهم كأداة حرب ضد الطرف الثاني وتبدأ هذه المشكلة عندما يهدد أحد الوالدين الآخر بأنه سيحرمه من رؤية الأبناء إذا لم يحقق له رغباته في انهاء أمور الطلاق. والمشكلة تزداد تعقيدا إذا استخدم الابن كموصل للرسائل بين الوالدين كأن تقول له الأم: أخبر والدك أن المال الذي يرسله لا يكفي احتياجاتك أو أن يقول الأب: اطلب من والدتك أن تطيل مدة اقامتك معي في نهاية الأسبوع.
وتظهر المشكلة أيضا في صورة ثالثة عندما يطلب أحد الوالدين من ابنه التجسس ونقل أخبار الطرف الآخر والمفترض أنه إن لم يكن لديك ما تقوله بالخير في شأن شريكك السابق فلا تقل أي شيء بل الزم الصمت أي فلتقل خيراً أو لتصمت.
لتكن مصلحة الأبناء هي أول سلم الأولويات وليكن شعارنا لنترك الخلافات جانبا فنحن مازالنا الأب والأم لأبنائنا ولنكثف جهودنا لتربيتهم وحل مشاكلهم وأمورهم الهامة بمعني عدم خرق أوامر الطرف الآخر فهذا لن يسعد الطفل بالتأكيد فمثلا إذا قال أحد الآباء اعلم أن والدتك لا تسمح لك بالنزهة إلا في عطلة نهاية الأسبوع ولكننا اليوم بعد المدرسة سنذهب لمشاهدة مبارة كرة قدم فهو يتصرف تصرفا خاطئا تماما فالابن سيشعر بالذنب لخرقه أوامر والدته بشكل لن يجعله يستمتع بالمباراة وربما يحتقر الابن أباه لتصرفه غير اللائق تجاه أمه وسيكون هذا التصرف هو قدوة له في خرق أوامر والدته فيصب عليها فيما بعد توجي وهذه كارثة لأنه في حضانتها بينما إذا تعرف الأب بما يتماشي مع أوامر الأم لابنها فإن ذلك يعزز شعور الطفل بأن كلا والديه يهتم بمصالحه.
لذلك:
فإن أسوأ شيء أن يستغل أحد الطرفين ابناءه كأداة حرب ضد الطرف الآخر أو التجسس ونقل الأخبار لهم.
الموضوع الاصلي
من روعة الكون