بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
" مفاسد العُجب بالنفس"
ذكر ابن سعد في الطبقات، عن عمر ابن عبد العزيز: أنه إذا خطب على المنبر وخاف على نفسه العُجب
قطعه. وإذا كتب كتابا فخاف فيه العُجب مزقه، ويقول: اللهم إني أعوذ بك من شر نفسي .
* إعلم أن العبد إذا شرع في قول أو عمل يبتغي به مرضاة الله مطالعا فيه منّة الله عليه به وتوفيقه له
فيه وأنه بالله لا بنفسه ولا بمعرفته وفكره وحوله وقوته، بل هو بالذي انشأ له اللسان والقلب والعين
والأذن. فالذي منًّ عليه بذلك هو الذي منَّ عليه بالقول والفعل، فإذا لم يَغِبْ ذلك عن ملاحظته ونظرْ
قلبه لم يحضره العُجب الذي أصله رؤية نفسه وغيبته عن شهود منَّة ربه وتوفيقه وإعانته.
فإذا غاب عن تلك الملاحظة وثَبَت النفس وقامت في مقام الدعوى، فوقع العُجب ففسد عليه القول و
العمل : فتارة يُحال بينه وبين تمامه ويُقطع عليه ، ويكون ذلك رحمة به حتى لا يغيب عن مشاهدة المنَّة
والتوفيق. وتارة يتم له ولا كن لا يكون له ثمرة، وإن أثمرَ أثمرَ ثمرة ضعيفة غير مُحصِّلة للمقصود.
وتارة يكون ضرره عليه أكثر من انتفاعه، ويتولّد له منه مفاسد شتى بحسب غيبتة عن ملاحظة المنَّة
والتوفيق ورؤية نفسه وأنّ القول والفعل به.
ومن هذا الموضع يُصلح الله سبحانه أقوالَ عبده وأعماله ويعظم له ثمرتها أو يفسدها عليه ويمنعه
ثمرتها . فلا شيء أفسد للأعمال من العُجب ورؤية النفس ، فإذا أراد الله بعبده خيرا أشهده منَّته
وتوفيقه وإعانته له في كل ما يقوله ويفعله فلا يُعجب به. ثم أشهده تقصيره فيه وأنه لايرضى لربه
به فيتوب إليه منه ويستغفره ، ويستحيي أن يطلب عليه أجرا. وإذا لم يشهده ذلك وغيَّبه عنه فرأى
نفسه في العمل ورآه بعين الكمال والرضى ، لم يقع ذلك العمل منه موقع القبول والرضا والمحبة
فالعارف يعمل العمل لوج مشاهداً فيه منّته وفضله وتوفيقه، معتذراً منه إليه، مستحيياً منه إذ لم
يوفه حقه . والجاهل يعمل العمل لِحَــظِّـه وهواه ناظراً فيه إلى نفسه يَمُنُّ به على ربه راضياً بعمله،
فهذا لون وذاك لون آخر.
الموضوع الاصلي
من روعة الكون