الأول من الحكاية:
في ليلة شتوية غزيرة الأمطار، أدار سائق سيارة الأجرة عجلات سيارته عائدا إلى منزله خالي اليدين، يرغب في أن لا يتخيل وجوه أبنائه الصغار إذ يعود إليهم خالي اليدين...حتى إذا استوقفته فتاة صعبة الوصف...شعرها أسود وطويل وأملس تترقرق من عليه قطرات المطر، ترتدي فستانا قديما باليا ناصع البياض، وتكاد شفتيها تتحول للون الأزرق من شدة البرد، دعاها السائق الطيب للصعود، عساها تقدم له ما يرمق في حنجرة أبنائه، أوصلها إلى المكان المطلوب ومد يده منتظرا أن تعطيه النقود، غير أنها لم تستطع الكلام...رق قلبه عليها، فنزع معطفه الدافئ ووضعه على جسمها المتجمد، وبعد لحظات عادت إليها الروح وأشارت إلى منزل في عمارة فخمة تريد أن تقول أنها ستجلب له النقود وتعود، استغرب السائق لكنه أخفى دهشته بابتسامة عريضة وطلب منها أن تسرع لأن الوقت متأخر وعائلته ستتقلق عليه، بقي السائق يتأمل نافذة البيت التي أشارت إليها الفتاة، فإذا بتلك الغرفة تشتعل ضوءا ويظهر ظل تلك الفتاة وقد نزعت معطفه وعلقته، انتظر الرجل وانتظر، لكنه مل وقال في نفسه: لو قالت لي أنها ليس عندها نقود لاعتبرتها صدقة في وجه الله، فحتى طريقها كان من طريقي لكن أن تذهب وتتركني أنتظر أكاد أتجمد من البرد دون معطفي الجديد فهذا ليس عدلا، ونزل الرجل من السيارة وقرر أن يصعد إلى ذلك المنزل، لكنه فوجئ بمرأة عجوز تفتح عليه الباب وتسأله عن سبب مجيئه في مثل هذه الساعة المتأخرة من الليل، فقص عليها الحكاية فكادت تنفجر من الضحك قائلة: يا بني أظن أنك أخطأت، فهذه البيت لا يسكنها إلا أنا وزوجي العجوز منذ عشرة أعوام تقريبا...
الموضوع الاصلي
من روعة الكون