بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ليلٌ بلا قنديل
مسح جبينه ليُسقط حبات الرمل التي علقت به جراء سقوطه في أرض الحديقة ، التفت عله يجد من يساعده في النهوض ، لا أحد ، الكل غارق في نومه صبيحة ذاك اليوم ، فاليوم عطلة ومن ذا الخَبِل الذي يترك نوم العطلة .
نظر إلى مكان السقوط ، هناك كرسيه يقف متأرجحاً تلامس عجلتان منه الأرض، استرجع الحادثة ، ما الذي أعثرني حتى سقطت ؟ ، إنها أنبوبة الماء المعترضة ، لطالما حاذرتها ، اليوم أتى الوقت الذي فيه الرقيب يغفلُ .. كان يحدث نفسه وعيناه تسبحان في خضرة الحديقة .. وقعت عينه على وردة حمراء ، تتأرجح مع نسمات الهواء الرقيقة وكأنها مزهوة بشبابها ونضارتها .
اعتمد على يديه وزحف حتى اقترب من تلك الوردة ، تأملها ، تأمل ساقها ، تأمل ورقتين تمسكان الساق في وجل .. أو ربما ظن هو ذلك ، هل تخاف تلك الورقتان السقوط ، لماذا ؟ أنا سقطت قبل قليل ولكني لا أزال كما أنا ، توقف عند هذا الهاجس وأخذ يردد " كما أنا " ، وما الفارق ؟ هل تلك الورقتان إن سقطتا ستبقيان كما هما ، بالطبع لا ، ستذبلان ثم تيبسان ثم .. لا لا ، الأفضل أن تبقيا ممسكتين بالساق ، تشبثا حتى لا تذهبا إلى النسيان ، إلى لعبة في يد الريح .
عاد يتأمل الوردة وساقها ، ثمة شيء غريب يجعله يتوقف .. يفكر .. لماذا الوردة تبدو منتفخة بينما الساق دقيق ؟ ، نعم الساق دقيق ويحمل أكبر من طاقته ، هل سيأتي يوم ويسأم من ذاك الحمل ؟ ، ثم هو مُثقَلٌ بالورقتين ، ما أشد صبرك أيها الساق !! ، وساقاي لا يحملاني رغم حجمهما المعقول .. الحمد لله على كل حال .
في هذه الأثناء تمايل الساق فأخذت الوردة تتأرجح يمنة ويسرة ، إلى الأمام وإلى الخلف ، ولكن سرعان ما سكن الساق فارتاحت الوردة من هذا العناء .
أعاده هذا المشهد إلى كرسيه ومشهد سقوطه ، لِمَ لم يجنبني الكرسي السقوط كما جنب الساق الوردة من السقوط ؟ ،، الآن فهمت ، الساق يغذي الوردة فحرص عليها وحماها ، أما أنا .. أما أنا .. راح يزحف حتى غادر الحديقة .
التفت .. الكرسي لا يزال تتأرجح إحدى عجلاته مع الريح ، لا يزال جاثماً على إحدى قدميه وإحدى يديه ويصور نظرة ساخرة .. بينما الوردة تنعم بأرجوحة الساق .. تتمايل .. تضحك .. فرت منه دمعة .. انزلقت .. وقعت على رخام الفناء .. عاد يزحف باتجاه القصر .
الموضوع الاصلي
من روعة الكون