امرأة كبيرة منذ أن كنت طفلة وأنا أسمع منها هذه الكلمات(عســــاي ما اذوق حزنك يا أبو إبراهيم) كنت لا أفهم مغزاها لكنني أعرف أنها تدعوا الله؛
مرت الأيام تلو الأيام والسنين تعقبها السنين وأنا أسمعها وكبرت وكبر فضولي لأعرف معناها فسألت مامعنى هذه الدعوه وعلمت أنها تتمنى أن يسبق موتها موت حبيبها و زوجها الغالي أبو إبراهيم فزاد عجبي هل الحب يفعل ذلك؟؟؟ ربما .. !!! ولكن هي قصتها مع الحب تختلف.. ..
قصتها أنها تزوجت ابن عمها وهي تكبره قليلاً وعاشت معه السنين الطويلة ولما وصلت سن اليأس وتوقفت عن الإنجاب ماذا حدث؟؟؟
حدثت فاجعة بالنسبة لها قرر أن يتزوج زوجة أخرى فهو لا يزال يتمتع بالصحة ومظهر الشباب وإن تقدم عمره وهي أصبحت عجوزًا وإن كانت لم تزل بصحة وعافيه ولكنها كبُرت ,
أخبرها الخبر بل كانت من أوائل من عرف الخبر .. .. فزعت .. .. صخبت.. .. ضجت بالأصوات .. .. بكت.. .. ناحت وتويّلت ثم سكنت وهدأت.. .. فقال لها زوجها إنني أريد الزواج بأخرى لا لشيء سوى أننا أنا وأنتِ سنكبر ويصيبنا المرض أوالعجز ولن نستطيع خدمة أنفسنا في ذلك الوقت وبعد سنوات من سيخدمني ويخدمكِ أبناؤنا لاتقولي ذلك؟؟؟
فهم أيضا سيتزوجون وينشغلون بزوجاتهم وأبنائهم وربما زوجاتهم لايعيننوهم على ذلك ومما لاشك فيه أننا سنكون بحاجة لرعاية خاصه ومن الأنسب أن يتولى ذلك امرأة فهل أنتِ على ثقة أن امرأة ليست ابنة لنا ستقوم بذلك وتتحمل ولن نثقل عليها ؛ مثال فقط : ابننا إبراهيم زوجته هي ابنة أختي هل أنتِ واثقة أنها ستتحمل رعايتنا بعد عمر مديد ؟
ربما نحن نتضايق من ذلك لإننا نشعر بأننا بحاجة إلى الغير ؛ ابنتنا حفظها الله ورعاها مصيرها ونهايتها بيت زوجها وننتظر هذه اللحظه أنا وأنتِ بفارغ الصبر فمتى يأتي اليوم ونراها عند زوجها براحة وسعاده .. .. كما أنني رزقت منكِ بالأولاد ولازلتِ زوجتي الولود الودود أنجبتي لي أشبالا.. .. لكن لازلت أريد المزيد من الأبناء والذرية فهم نعمة وأنا ولله الحمد رجل قادر على التربية والنفقة .. .. ..ولكِ مالها بل لأبنائكِ الحق في كل شيء إن رضيتي بذلك فلهم الحريه بإدارة شؤون تجارتي بأكملها ولهم القيادة وكل مايريدون شرط أن تصبري وترضي ولن أظلمكِ ماحييت ولن أرضى أن يتعدى عليكِ أحد بظلم مهما كــان ....
انتهى الأمر وهدأت ولكنها داخل نفسها تردد (لازلت أحبه وأغار عليه) .. .. وعقلها يحدثها : سيتزوج رضيت أم أبيت ولكن إن أبيت سأخسر كل شيء أبنائي وزوجي وبيتي وكل شيء فمن لي بعده فالأفضل أن أرضى لأجل أبنائي أقل شيء .. .. وأن أكون بنظره أنا المرأة العاقلة الصابرة.. . فصَبَرت
أخبرها بيوم زواجه وترتيبات الزواج طبعا ترتيبات بسيطة فهذه حدثت قبل عشرات السنين .. .. لم تحضر الزواج ولكنها ثاني يوم من زواجه ذهبت لزوجته في بيتها وقدمت لها التبريكات والتهاني وشيء من الهدايا مع مجموعة من القريبات من أهل زوجها ثم أولمت لها بوليمة أعدتها في بيتها دعت لها بعض الأقارب والمعارف.. .. .. وتم كل شيء بحمد الله وبخير
بعد مرور الوقت إزدادت تجارة هذا الزوج وتطورت بل توسعت بشكل غريب والأرباح تتضاعف يومًا بعد يوم أصبح من أكبر تجار المدينة لاينافسه منافس ربما لمداومة هذا الرجل على الإستغفار دور ، فكان كما يتحدث عنه من يعرفه كثير الإستغفار والصلاة ويتقي الله فلا يُحرم الحرام وحسب بل مافيه شيء من الشبه أو الخلاف لايقربه أي لايتمنع عن الربا فقط ولكن يختار أبعد الطرق عن الحرام"كان يتورع" سمح مع المحتاجين معين للأرامل يكفل الأيتام يسهم في بناء المساجد .. .. زوجته الثانية كما ذكر لزوجته الأولى هي مطلقه وظُلمت من زوجة أبيها التي تسببت في ظلمها كثيرا وهي لازالت صغيرة بل طفلة ولاشك ستكون خيرًا لها من غيرها ؛
الزوجة الثانية يسر الله أن تكون طيبة عاقلةه ترى أن أي أمر إلى أم إبراهيم لابد أن يكون مرجعه فهي الأساس وهي أم الجميع كسبت بذلك الزوجه الأولى وكذلك أم إبراهيم فرحت وهدأت نفسها فالزوج عادل وحكيم في تعامله معهن مع أن حبه لأم إبراهيم كان كبيرًا وإن حاول أن لايبديه
أبو إبراهيم عندما سألته زوجته الأخرى عن سبب زواجه بعد أن لاحظت حبه لأم إبراهيم أجاب عليها بما أجاب به لأم إبراهيم وأضاف أنني تزوجت أم إبراهيم طاعة لأبي رحمه الله ولم أكن أريدها ولكن الآن هي عندي الأساس ولا أحد يحل مكانتها ولكن لازال في نفسي الرغبه في أن أتزوج امرأة انا أختارها دون أن أغضب والدي فبعد وفاة والدي قررت الزواج ؛؛
مع الوقت أصبحت أم إبراهيم "الزوجة الأولى" و أم عبدالله "الزوجة الثانية" كالأختين إذا ضاقت الدنيا في عيني إحداهما أتت إلى الأخرى متلهفة لتشكي لها أمرها وتسمع منها كلمات الصبر وتذكرها أن تحتسب فالدنيا لاتدوم لأحد ؛؛
كم من مرة رأيت أم إبراهيم تطرق باب أم عبدالله ومن ثم تحدثها وتشتكي وهي تبكى ودموعها تسيل وتخط خطوطًا على خديها تشكي لها ظلم زوجات أبنائها وأبناؤها حيناً
اصبحن لا يتحملن الفراق كل شيء تغير إلا علاقتهن ببعضهن لم تتغير .. .. ..
بل كم من مرة رددت أم إبراهيم لأم عبدالله تحدثها : كان زواج أبا إبراهيم منكِ كله خير فلله الحمد أن اختاركِ زوجة له فمن بعد أن تزوجكِ فتح الله علينا أبواب رزق لم تخطر على بال
ومضى عمر أم عبدالله وشبابها في خدمة زوجها أبي إبراهيم ورعايته في صحته ومرضه ؛ ولم يبدُ منها قصور نحو أم إبراهيم.. ..
تقدم العمر بأم إبراهيم وأصيبت بالسرطان ؛ أعاذنا الله منه .. . .. بدأت بتلقي العلاج ولكن كما هو معروف أن هذا المرض لايجدي معه العلاج إلا بالتخفيف, دام الإتصال بينها وبين أم عبدالله
ولكن حين حضرت لحظة الفراق المسافات باعدت بينهن فكان بالقرب من أم إبراهيم ابنتها كمرافق لها بالمستشفى أما أم عبدالله فقد لازمت أبو إبراهيم لرعايته .. .. .. و قبيل لفظ الأنفاس الأخيره نطقت أم إبراهيم بوصيتها "أوصيكم بأبيكم فهو بحاجتكم أبنائي وأوصيكم بخالتكم أم إبراهيم وبنياتها " ورددت ذلك مرارا"اوصيكم بأم عبدالله وبنياتها" للتأكيد ثم فارقت روحها الحياة بعد إن أفرغت مابجوفها من قطع الدم وغير ذلك .. .. رحمها الله
رحلت أم إبراهيم حزن الجميع على فراقها لاأخفيكم كم حزنت على فراقها ؛وهزني رحيلها بل شعرت أن رحيلها يعني رحيل شيء عظيم من دنيانا رحمها الله
لكن هل تظنون أن حزني عليها كحزن أبي إبراهيم ؟؟؟
فزع وبكى بصوت مرتفع وعويل لم يعهد عنه وهو يتقبل العزاء ويصبر أبناءه ويدعوا لها ، اشتد حزنه عليها وتغير لون وج كم عز على من حوله حاله لاسيما أنه صبور جلد يتحمل المصائب بكل قوة وشده
بعض من رأه قال لم أظن أن محبته لأم إبراهيم قد بلغت هذا المبلغ ليتها تعلم بحزنه ومقدار محبته لها
آن الآوان لنرى درساً ليس ككل الدروس درسا في الدعاء علمتنا أياه أم إبراهيم ورحلت
اصمتــوا لتعلموا ولا تنسوا "عســاي مــا اذوق حزنــك" دخل الزوج رحلة الأحزان والهم والدمع كلما أراد أن يخفيه فضحه ، بعد أربعة أيام أصابته آلام لم يعرف لها الأطباء سببا ثم خضع لرعاية الأطباء وملاحظتهم بين تحليل وأشعة وتخطيط ثم فــارق الحياة بعد أن عاش رحلة الأحزان لمدة 18 يوم "من بعد وفاة أم إبراهيم"
وقد استجاب الله دعاء أم إبراهيم فلم يفارق الزوج الحياة إلا بعد أن رحلت هي عن الدنيا لئلا تذوق ألم الفراق سبحـــان الله للدعــــــــــــاء أثر عظيم لكننا وللأسف لانلزم الدعاء دوما إلا إذا شعرنا بضعفنا وحاجتنا لله وقت الشدائد فليتنا نكون كأم إبراهيـم لله درها من امرأة مؤمنة صادقة "صدقت فصدقها الله"
ليتنا نتخذ من أم إبراهيم درسا واحد من دروسها ولاسيما في الدعـــاء فلم تكل ولم تمل حتى استجاب الله لها دعوتها وبلّغها مناها
قصة حقيقيه عشت شيئًا من أحداثها قبل سنوات وعلمت الكثير من تفاصيلها قبل أن اكتبها ممن عاش الأحداث بنفسه من الثقات فجمعتها وصغتها لكم بقلمي للفائده @@@
الموضوع الاصلي
من روعة الكون