إمرأة واحدة.. لكنها تساوي عصابة بأكملها!
إمرأة واحدة.. لكنها تركت خلفها ضحايا كثيرين!
إمرأة واحدة.. لكنها دوخت وراءها رجال المباحث!
وفي النهاية سقطت وهي الآن ترقد داخل زنزانتها تنتظر محاكمتها وسنوات طويلة سوف تقضيها خلف الأسوار العالية!.. لقد دفعت اميرة ثمن انحرافها.. ولكن لكل شيء بداية!
أوراق المحضر الذي حرره رئيس مباحث النصب بالجيزة يقول انها كشكول جرائم !.. بدأت طريق الانحراف بسرقة اجهزة المحمول ثم سرقة المنازل مرورا بالنصب علي الرجال باسم الحب ثم الاتجار في البانجو وبيعه لتلاميذ المدارس. وانتهاء بخطف الأطفال وبيعهن للامهات العاقرات!.. كونت ثروة من جرائمها كانت كفيلة بان تجعلها تتوقف عن المزيد من الجرائم .. لكن طريق الشيطان مثل نفق مظلم يظن العابر ان في نهايته الضوء.. لكنه لن يجد إلا السراب والهاوية!
رحلة أميرة الي هذا العالم مثيرة.. لكن الأكثر إثارة هي قصة السقوط!
ماذا لوبدأنا من النهاية.. من نقطة السقوط!
كانت مثيرة.. دارت تفاصيلها داخل مديرية أمن الجيزة.. تحديدا مكتب العقيد محمد ذكاء رئيس مباحث النصب!.. عقارب الساعة قاربت علي منتصف الليل.. رجل في العقد الخامس من عمره.. يبدو الوقار والارتباك في الوقت نفسه علي قسمات وج.. يستأذن في الدخول .. تهاوي إلي أول مقعد صادفه.. وبصوت خفيض *كأنه يتحري ألا يسمعه أحدا تحدث قائلا: '.. أنا واقع في ورطة وبيتي ممكن يتخرب فيها'!.. كان حديث الرجل لايزال مبهما.. غامضا.. لكنه سرعان ماتمالك نفسه وخرج من خجله وبدأ يسرد قصة بلاغه المثيرة جدا.. قال الرجل بصوت واضح هذه المرة: '.. الحكاية بدأت منذ ثلاثة شهور تقريبا عندما تعرفت علي فتاة اثناء سيري بسيارتي في منطقة الدقي وتطورت العلاقة إلي أشبه بقصة حب. حتي انني استأجرت لها شقة صغيرة بالهرم كنا نتقابل فيها بعيدا عن العيون.. كنا نلتقي رجلا وامرأة والشيطان ثالثنا* وعندما أردت ان انهي العلاقة والعودة إلي صوابي اتفقنا علي الفراق دون أن يلاحق أحدنا الآخر.. وكنت كريما معها عندما طلبت مني ثمن هذه الليالي وظننت أن الأمر انتهي عند هذا الحد.. لكن الشيطان أبي أن يفارقنا مصرا علي خراب بيتي واهتزاز صورتي امام اولادي وزوجتي وأسرتي كلها'!
شريط غرام !
هنا يصمت الرجل وعاد مرتبكا مرة اخري وهو يحاول أن يفتش في جيوبه علي شيء ما حتي عثر عليه.. مظروف صغير.. فتحه واخرج منه شريط كاسيت وضعه امام رئيس مباحث النصب طالبا منه ان يسمعه وان يحفظ هذا السر أيضا!
داخل الشريط كانت توجد مفاجأة من العيار الثقيل!
أغنية رديئة.. لكنها بلا موسيقي تصاحبها.. هو حوار بين رجل وامرأة تم تسجيله داخل غرفة نوم بدا خارجا عن كل معاني الوقار.. أو هو بمعني أدق فخ سقط فيه الرجل كبير السن.. لقد سجلته الفتاة واعطته منه نسخة ومعها رسالة تهديد ان لم يعطها عشرة آلاف جنيه فسوف تطبع من هذا الشريط عدة نسخ وتوزعها علي كل افراد
أسرته بدءا من زوجته حتي أولاده ولامانع ان وصل الامر إلي أهله واصدقائه!
فضيحة بجلاجل كانت تهدد الرجل جعلته مكتئبا وحزينا لأيام طويلة حتي قرر أن يقدم بلاغه إلي مباحث النصب ويتوقف هذا التهديد* الذي يلاحقه في كل وقت!
وتتوالي المفاجآت مثيرة!
لم تكن فتاة عادية.. هاربة من عدة جرائم ارتكبتها.. لكنها كشكول جرائم.. اسمها أميرة .. عمرها '27سنة' .. معظم اقسام شرطة الجيزة تبحث عنها.. ايضا كانت توجد بلاغات أخري ضدها في القاهرة .. معظم ضحاياها من الرجال *خاصة كبار السن* الذين يعيشون مراهقة متأخرة.. الأكثر إثارة ان أميرة لم تترك نوعا من الجرائم إلا وارتكبته .. كثيرة التنقل بين الشقق المفروشة والملاهي الليلية!
هذه كانت عناوين مثيرة في ملفها الاجرامي.. لكن التفاصيل كانت بين سطور اوراقه.. التي امتلأت بها صحيفة سوابقها!
كشكول جرائم!
بدأت طريق الانحراف بسرقة أجهزة المحمول عندما تطرق باب سنترال طالبة الاتصال باحدي الارقام تم تأخذ التليفون وتتواري عن الانظار بزعم حرصها علي خصوصية المكالمة وعندما ينتبه صاحب السنترال او بائع المحل إلي الوقت الطويل الذي تقضيه القناة في المكالمة ويخرج متطلعا الأمر تكون قد اختفت في غمضة عين!
ولأن المجرم ايضا يطور من ادائه الاجرامي.. لم تكتف أميرة بسرقة المحمول وانما ايضا بسرقة قلوب الرجال ومنها إلي جيوبهم عندما يفاجأ الرجل بأنه سقط ضحية لامرأة لعوب ولايستطيع الفكاك عندما يكتشف ان صوته في لحظة غرام مسجل فوق شريط كاسيت واما الدفع او وصول هذا الشريط إلي أسرته وخراب بيته في النهاية!
أيضا كانت توجد ورقة داخل ملفها يقول انها تتاجر في البانجو وتوزعه علي تلاميذ المدارس الثانوي والاعدادي!
وبدأت رحلة البحث عن المجرمة الهاربة وتقديمها للعدالة!
لكن كان يبقي هذا البلاغ الذي قاد النقيب مصطفي محفوظ معاون مباحث الدقي إلي القبض عليها قبل أن تلوذ بالفرار!
البلاغ باختصار خطف طفل صغير من امه وبيعه إلي إحدي السيدات اللائي حرمن الانجاب .. نشرات تم توزيعها علي أقسام شرطة الجيزة بأوصاف الهاربة * حي سقطت في كمين بميدان الدقي بعد منتصف الليل!
أخيرا سقطت أميرة بعد شهور في قبضة رجال المباحث وامام اللواء عبدالجواد احمد مدير الادارة العامة اعترفت بكل جرائمها وكشفت النقاب عن متهم آخر كان يتولي تصريف مسروقاتها والقي القبض عليه داخل بيته باحدي حواري الجيزة وأحالهما اللواء محمد إبراهيم مساعد وزير الداخلية لأمن الجيزة إلي النيابة التي قررت حبسهما مع مراعاة التجديد لهما في الميعاد.
البداية.. هروب!
أغلقت الاوراق الرسمية التي كنت اتفحصها.. وجلست انتظر قدومها من محبسها.. اسئلة كثيرة تدافعت علي عقلي.. ربما اهمها : ما الذي يدفع فتاة في مثل عمرها إلي ارتكاب كل انواع هذه الجريمة ؟!.. من المسئول عن انحرافها؟!..
لحظات وجاءت امامنا.. ليست جميلة بعدما سقط عنها قناع الزيف الذي طالما خدعت به الرجال.. وجدت نفسي امام لصة ونصابة وخاطفة وبائعة بانجو وما خفي كان أعظم!
سألتها في البداية: ما حكايتك؟!
وأجابتني قائلة: حكاية قديمة تتكرر مع فتيات كثيرات.. عندما يدفعهن الحلم الي الاختيار الصعب.. الهروب من البيت!.. هذه كانت بدايتي مع الانحراف.. كنت اسكن مع أسرتي في حجرتين وعفشة مية سقطت اجزاء منها فوق رؤوس سكان الطابق الذي نعلوه .. حياة فقيرة .. بائسة.. أم لاتتوقف عن الشجار مع زوجها ومعنا ايضا.. وأب مسكين هزمه الفقر وامي وظروفنا .. هربت من البيت.. كان عمري وقتها حوالي 20 سنة.. العثور علي طريق الانحراف سهل جدا .. تعرفت علي رجل ضحك عليٌ وتزوجني عرفياَ وبعد اليوم الأول من زواجنا باعني لمن يدفع في جسدي.. هربت منه هو الآخر وبدأت أرسم طريقي لنفسي بعيدا عن الجميع!
أول جريمة ؟!
سرقت اجهزة الموبايل من البائعين والسنترالات .. أو هم صاحب السنترال او العامل بمكالمة ثم أسرقه واختفي وعندما وجدت العائد من بيع اجهزة المحمول قليلا *خاصة وانها اجهزة قديمة فكرت في نوع آخر من الجرائم وهو اصطياد الرجال من داخل الملاهي الليلية أو من الشارع.. بشرط أن يكون رجلا كبير السن وصاحب أسرة.. هنا فكرت في حيلة شيطانية بها استطيع أن استنزف اموالهم!.. شريط تسجيل اسجله داخل غرفة النوم بصوتي وصوته ثم اهدده اما ان يدفع لكي اسكت او أخرب بيته.. الكثير من الرجال كانوا يفضلون ان يدفعوا لي بدلا من الفضيحة* خاصة وانهم بدوا في نظر زوجاتهم واولادهم ازواجا وآباء محترمين!
وتصمت اميرة للحظات ثم ابتسمت وعادت تقول كأنها تذكرت شيئا جديدا.. قالت: '.. في مرة اصطحبني رجل أعمال الي شقته أو فيلته بالهرم وبعد ما قضينا عدة ساعات استسلم للنوم في هذه الاثناء كنت قد سرقت بعض محتويات فيلته من اجهزة كهربائية ومجوهرات زوجته ثم انصرفت ولاأعلم ماذا حدث بعد ذلك!
بائعة بانجو!
تجارة المخدرات.. نشاط جديد لم تنكره أميرة امامنا.. لكن الذي يهمنا هو كيف دخلت إلي هذا العالم الأسود.. سألناها.. فاجابت قائلة '... تفتكروا واحدة باعت نفسها للشيطان .. يكون صعب عليها ان تبيع مخدرات!.. داخل الملاهي الليلية كثيرا مانصادف هؤلاء الذين يتاجرون في المخدرات.. تعرفت علي أحدهم وشجعني علي بيع البانجو امام المدارس *خاصة مدارس الثانوي والاعدادي وبعض النوادي.. كنت اشتري منه البضاعة لحسابي الخاص واتولي بيعها *حتي لايشاركني في المكسب أحد وتوقفت عندما احسست بالخطر وان رجال الشرطة ينصبون الأكمنة امام المدارس والجامعات والنوادي!
وماذا عن خطف الأطفال؟!
هنا تضحك أميرة.. ربما في ضحكتها هذه نسيت أو تناست انها متهمة وانها ستعود بعد دقائق إلي زنزانتها بصحبة حارسها.. قالت: '.. دي كلها طفلة .. عيلة صغيرة كانت السبب وراء القبض عليٌ.. لقيت امها مش عارفة تشتري عيش فحملتها وانتهزت فرصة الزحام امام الفرن وهربت بسرعة لكن بعد حوالي ساعيتن لقيت الكمين في انتظاري!
ثروتي!
ماهو العائد من جرائمك؟!
ويعود الحزن يكسو ملامح أميرة من جديد ولانعلم هل هو ندم.. أم محاولة لكي تتذكر وتجيب عن السؤال.. ولم يطل الصمت كثيرا.. قالت: '.. في وقت من الأوقات كونت ثروة حوالي 50 ألف جنيه.. لكنها راحت في غمضة عين لأنها أتت من حرام'!
هنا طوينا أوراقنا وودعت نظراتنا فتاة صغيرة فتحت لنفسها باب الشيطان علي مصراعيه فسقطت في حبائلة.. لقد عادت من حيث أتت إلي زنزانتها تنتظر محاكمتها في جرائم كثيرة ارتكبتها!
الموضوع الاصلي
من روعة الكون