قصه قراتها واعجبتني ارجوا ان تنال اعجابكم قصه جميله أتمنى قرائتها للأخير
سبحان الله
حدثٌ في السويد !
من روائع القصص
الظهران – الخميس 2-5-1426هـ 
موسى بن محمد بن هجاد الزهراني
جمعتنا ليلة حبيبة إلى قلبي ، وقلوب الصالحين ، ذكرتنا أيامنا الخوالي ، تلك الأيام والليالي التي كنا نتنفس فيها عبق الإسلام الندي ، المعطر بذكر الله تعالى ، ذلك أن أخانا الشيخ / فوزي بن أحمد السبتي الغامدي خرج بحمد الله تعالى ، معافى بعد أن أُجريت له عملية جراحية صعبة ، أجراها أخونا الطبيب العالمي ، استشاري جراحة المخ والأعصاب الدكتور / أحمد عمار ، الطبيب بمجمع الملك فهد الطبي العسكري بالظهران ، وله الشهرة البالغة عالمياً في هذا التخصص ، يشهد بذلك كبار الأطباء في كبرى المستشفيات ، وقد سمعت من أخي الحبيب : يحيى بن علي الغزواني ، أن اللواء الطبيب الفاضل : خلف بن ردن المطيري مدير مستشفى الرياض العسكري ، يثني عليه ثناء كبيراً .. أعجبني وفاء الشيخ / فوزي ، وأخلاقه الإسلامية الرائعة ، عندما علمت بأن هذه المناسبة هي تكريم لهذا الدكتور الفاضل . 
ابتدأ الشيخ ليلتنا بكلمة طيبة ، قصيرة في كلماتها ، لكنها عظيمة في معانيها ، أثنى فيها على الله تعالى ، وأرجع الفضل كله لله ، وما الدكتور أحمد إلا سببٌ جعل الله الشفاء على يديه (هكذا قال ) ، وكان مما قال أيضاً : إني لا أحتفي هذه الليلة بسعادة الدكتور أحمد عمار ؛ لأنه شفاني ، فإنما يشفي الله تعالى ، ولا لأنه عالجني ، فهذا واجبه وهذه مهنته ، فهو يعالجني ويعالج غيري ! وهذا عمله ، ولكنني أحتفي به لما رأيت من أخلاقه العظيمة ، ونبله ، وشفقته عليّ وتعهده لي بالنصائح ، وإن كان قد آذاني بطلبه مني المشي مبكراً قبل أن أستعيد توازني ! ، قالها على سبيل الدعابة ، ثم ختم كلمته بالثناء على الله عز وجل ، والدعاء لهذا الطبيب بأن يوفقه الله في الدنيا والآخرة ، وتقديم درع تذكاري بهذه المناسبة . 
قلت في نفسي : ليت الدكتور أحمد يتحفنا بكلمة ولو لمدة خمس دقائق ، فما كدت أنتهي من تفكيري حتى تنحنح الدكتور وتكلم بكلام أحسب أني سمعته بكل مسامات جلدي ، وليس بأذنيّ فحسب ! ، كلام يقطر منه الأدب الجمّ ، والإخلاص الناصع ، والهدوء والاتزان ، والغيرة على الإسلام ، والأخلاق الإسلامية للطبيب المسلم ، أتريدون أن أُسمعكم ماذا قال ! ، فاقرؤوا إذن ! : 
قال الدكتور : 
" الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين ، أشكر الشيخ فوزي على ما بذل ، ولقد لفت انتباهي في كلمته قوله : { إنما يشفي الله تعالى } .. يا إخوة ! كنت أدرس جراحة المخ والأعصاب في السويد عام 1979م أي قبل ست وعشرين سنة ، وفي ذات يومٍ طلبني أحد كبار الأطباء هناك في المستشفى الذي أعمل فيه ؛ لنقوم بإجراء عملية جراحية لاستئصال ورم سرطاني في دماغ امرأة قد جاوزت الأربعين من عمرها ، فاستعنت الله تعالى وقمت بمساعدة هذا الطبيب في إجراء العملية ، وقد استغرقت منا وقتاً ليس بالقصير ؛ حتى تمكنّا ولله الحمد من إزالة الورم ، وشفيت المرأة بفضل الله ... ثم بعد عشرة أيام دخلت عليها في غرفتها ؛ لأقوم بنزع ( الغرز) من رأسها ، وبينما أنا أعمل على إزالتها حركتُ مرفقي بلا شعور مني فدفعتُ صورة كانت بجوارها فوقعتْ على الأرض ، فهويت لكي أرفعها فإذا هي صورة كلب ! فرفعتها على كُرهٍ مني ! فرأيت الامتعاض في وجا ، فقلت لها : إنه كلب! ، فقالت : نعم ؛ ولكنه الشخص الوحيد الذي ينتظر عودتي إلى البيت ! . فعلمت أنه ليس في حياتها من يفرح لفرحها أو يحزن لحزنها إلاّ هذا الكلب ! ، فسألتني : من أين أنت ؟! فقلت : من مصر ، عربيٌ مسلم ! ، فأخذت تسمعني الازدراء لوضع المرأة عندنا ، وكبت حريتها كما زعمت ... 
فقلت : إن المرأة عندنا مكرمة مصونة ، فهي كالجوهرة الغالية النفيسة ، كلٌ يخدمها ويحوطها ، زوجها يخدمها ، وأبوها ، وأخوها ، وابن أخيها ، وابن أختها ، ... كلهم في خدمتها ، ولا تخرج إلى سوق أو عمل إلا ومعها أحد هؤلاء ، حفاظاً عليها .. 
ليس شكاً فيها فحاشا وكلا *** غير أنّا نريدها في علاها 
نجمة لا تنالها أعيُنُ الناس *** تراها مصونة في سماها 
جعل لها الإسلام مكانة ليست لنساء الدنيا كلها ، وما حفاظنا عليها إلا لعظيم قدرها في قلوبنا ، لا لشكٍ فيها ، فهي محل الثقة ، لكنها كالوردة الجميلة التي لا يجوز لكل الناس أن يشموها حتى لا تفسد ! وإذا مرضت ... فإنها تجد أهلها كلهم حولها ، يحفون بها ، ويخدمونها ، ويراقبون أنفاسها ، ويعتنون بها غاية العناية ، ولا تكادين تجدين موطأ قدم في غرفتها لكثرة من يقوم بخدمتها من أقربائها، وإذا خرجت من المستشفى فإن هناك جيشاً من أهلها في انتظارها ؛ فيفرحون لفرحها ، ويسعدون لسعادتها ؛ وليس كلباً في انتظارها كحالك ! . فغضبت .. واتهمتني بأنني متخلف وسطحي ، وليس لدي من مقومات الحضارة شيء .. فابتسمت وخرجتُ من غرفتها بعد أن أنهيت عملي ! . 
ثم فوجئتُ بأن تلك المرأة تشكوني إلى كبير الأطباء وتطلب منه عدم دخولي عليها مرة أخرى ! ، بل وترغب في الخروج من المستشفى . فقلت : 
لابد من بقائها يومين على الأقل حتى أتمكن من إنهاء علاجها وأعمل لها تحاليل طبية . فأصرت على الخروج وخرجتْ . 
نسيت أنا ذلك الموقف تماماً ، فليست أول غربيٍ أسمع منه هذا الكلام ، ولن تكون الأخيرة ! . وفي ليلةٍ ، فوجئت باتصال من الطبيب المناوب بقسم الطواريء يخبرني بوجود حالة غريبة لا يعرف كيف يتصرف معها ، فسألته : ماهي؟ ... فأخبرني أنها امرأة لديه حالة تشنج مستمر ، يأتيها بمعدل كل خمس دقائق .. فأسرعت إلى المستشفى في منتصف الليل ، ففوجئت بأن المريضة هي نفسها تلك المرأة ! وكنت قد نسيتُ موقفها معي تماماً ، فأدخلتها غرفة العمليات ، وقمت بإجراء عملية لها في الدماغ ، استغرقت وقتاً طويلاً ، وتمت بنجاح والحمد لله ، ثم .. دخلت عليها بعد إفاقتها ، فرفعت رأسها ونظرت إليّ ، وتكلمت بلسان ثقيل : 
- أنت الذي أجريت لي العملية ؟ 
- نعم . 
- وسهرت بجواري طوال الليل . 
- نعم ؛ لأن هذا واجبي . 
- يعني هذا أنك أنت الذي شفيتني ! 
- لا 
- من إذن ؟ هل كان معك أحد ؟ . 
- نعم ، إنه الله عز وجل ، هو الذي شفاك ، وإنما أنا سبب ، أنا الذي عالجتُ فقط . 
- أنت لا تزال رجعياً ، تؤمن بالخرافات ، وما وراء الطبيعة ، أعجب لك وأنت طبيب مثقف كيف تصدق مثل هذه الأمور ؟ 
- وأنا أعجب لك وأنت تدعين الثقافة ، كيف لا تقرئين عن الإسلام ، وتجوزين لنفسك إلقاء التهم جزافاً ..؟! ..وغضبت جداً من كلامها ولكن أملي كان يحدوني تجاه تحملها علها تهتدي، ثم ودعتها وانصرفت ، وبعد أيام خرجتْ – تلك المرأة - من المستشفى ، وبعد قرابة ستة أشهر ، أخبرني أحد العاملين معنا أن هناك امرأة تريدني على الهاتف ... 
رفعتُ السماعة .. 
- نعم ، من المتحدث ؟ 
فإذا بها تلك المرأة نفسها ، وقد تبدلت نبرة حديثها ، لكنها تطلب مني أمراً غريباً .. 
- أريد أن أراك .. هل تستطيع أن تطلب إجازة من عملك ، وتأتي إلينا في (لوند ) لمدة يومين ؟ 
- فاعتذرت ؛ لأن عملي متواصل دائماً بلا انقطاع . 
فألَحّت عليّ ، فامتنعتُ ، فطلبت مني طلباً غريباً : 
- ما اسم أمك ؟ 
(فقلت في نفسي : لعل هذا من آثار العمليات الجراحية التي أجريت لها ، هل سببت لها خللاً في التفكير ؟) 
- لماذا تريدين اسم أمي ؟ 
- قالت بصوت متهدج : لأني : أشهد ألا إله إلا الله ، وأن محمداً رسول الله .. وأنا أسلمت ، وعرفت طريق الحق .. وأنت لك حقٌ عليّ ، وأريد أن أسمي نفسي باسم أمك .. أنت الذي دللتني على الطريق الحق ... ومن حقك أن أذكرك دائماً بخير .. 
(فضج مجلسنا بالتكبير والتهليل ).. 
قال الدكتور : فكادت سماعة الهاتف تسقط من يدي ، ثم سكت فجأة .. فالتفتُ إليه فإذا عيناه تفيضان بالدمع ! وأخذته بحةٌ في صوته ، فأكمل حديثه بصعوبة بالغة .. قال : 
فذهبت إلى رئيسي في المستشفى ؛ لأطلب منه إجازة يومين . فقال لي : أنت يا دكتور أحمد الطبيب الوحيد الذي لم يحصل على إجازة منذ سنتين ! خذ أكثر . قلت : لا .. يومان كفاية . 
فذهبت إليها ، فإذا هي امرأة غير تلك المرأة التي كانت تعظم صورة كلبٍ بجوار رأسها في المستشفى ، امرأة تبدلت وتبدل فيها كل شيء ، كلامها ، ولبسها ، نظرتها للحياة .. 
ذهبت معها إلى المحكمة ، برفقة زميلين لي ؛ لنشهد إشهار إسلامها ، وهناك وسط قاعة المحكمة صدحت بكلمة الإسلام : أشهد ألا إله إلا الله ، وأشهد أن محمداً رسول الله .. وقرأت الفاتحة قراءة ملؤها البراءة والطهر .. 
فانفجرت بالدموع العيون ، وخشعت النفوس ، وبكينا بكاء الطفل ، من شدة الفرح ، وكيف لا نفرح وقد شهدنا ميلادها الحقيقي ، وخروجها من الظلمات إلى النور ، .. وكيف لا أبكي فرحاً وقد أراني الله تعالى من كنتُ سبباً في إسلامها ، وإنقاذها من النار .. 
قمت وزميليّ وصلينا ركعتين شكراً لله ، وصلت هي خلفنا بصلاتنا ! قالت لي : 
أتذكر يا دكتور أحمد تلك الصورة لذلك الكلب الذي كدتُ أكتب له كل ثروتي ؟| 
قلت : نعم 
قالت : فإني أتلفتها ، وأنفقت كل أموالي في سبيل الله .. وبنيت منها أكبر مركز إسلامي هنا .. 
* * * 
هنا .. وضع الدكتور أحمد يده على عينيه .. يصارع دمعاً يريد أن يقفز من محاجره .. وقد بدا عليه التأثر .. وأنهى كلامه بهذه الجملة . 
* * * 
نظرت إلى الحضور ، وقد شع نور الإيمان من وجوم ، وأخذوا في الثناء والدعاء لهذا الطبيب المسلم الذي ما نسي ثوابته حتى في أحلك الظروف ، في الغربة في أقصى الأرض ، هذه أخلاق الطبيب المسلم وحب هداية الناس ، تمثلت هذه الليلة في هذا الطبيب المعتز بإسلامه .. 
أما أنا فأحسست بغصة في حلقي ، ثم تشجعت وطلبت من الدكتور أن يأذن لي بكتابة هذه القصة، فأذن لي .. 
منقووووووو وووووووول 
  الواضح الغامض 
            
            
            
            الموضوع الاصلي 
            
            من روعة الكون