يبدو أن الحاجة قد بدت ملحة لأن يضع منتجو الألعاب الإلكترونية تحذيراً من أنها يمكن أن تقود إلى الإدمان. تماماً كما تضع مصانع التبغ في العالم عبارة تحذيرية من الأضرار الصحية التي تلحق بمن يستخدم هذه السلعة. وهذه الحاجة الملحة تسبب بها ذلك النمو الهائل والمطرد في مجال ألعاب الإنترنت والكمبيوتر والتي باتت تكتسب شعبية كبيرة في كثير من دول شرق آسيا وعلى رأسها الصين. لكن ذلك من الممكن أن يتغير قريباً، حيث أدى النمو السريع لهذه الألعاب إلى ظهور جيل جديد من المدمنين مثل الرجل الكوري الذي توفي بسبب هبوط في القلب بعد أن اشترك في لعبة على الإنترنت يطلق عيها (Starcraft) لمدة 50 ساعة في مقهى للإنترنت.
فقد قام هذا الرجل الذي كان يبلغ من العمر 28 سنة بالتخلي عن وظيفته من أجل تمضية مزيدٍ من الوقت في ممارسة ألعابه المفضلة، وكان يترك مقعده فقط للذهاب إلى الحمام أو الحصول على قسط قصير من النوم، حسب التقارير الصحفية. ويقدر المحللون أن حوالي 1 إلى 2 بالمائة من لاعبي ألعاب الإنترنت في كوريا الجنوبية يعانون من الإدمان. مما حمل الحكومة الكورية على تخصيص عيادات لمساعدة هذا النوع من المدمنين.
من ناحية أخرى تقوم الحكومة بحث المطورين لهذه الألعاب لكي يقوموا بوضع إعلانات استشارية لتحذير اللاعبين من مخاطر اللعب لمدة طويلة. من جانبه يقوم السيد (هانبيت سوفت)، مشغل ومطور لعبة (Starcraft)، بدراسة فتح (معسكر للألعاب) لتوعية اللاعبين بالآثار السلبية المحتملة للعب لمدة طويلة. وأضاف جون فو شين، وهو محلل بشركة متابعة البيانات IDC أن (ذلك أدى إلى بعض الآثار الاجتماعية السلبية) وأضاف أن ما يطلق عليه لاعبي الإنترنت الأقوياء الذين يلعبون لمدة 20 ساعة أو أكثر شهرياً، يشكلون حوالي ثلث عدد مجموعة اللاعبين. ويقول مشغلو الألعاب التي تشمل لعبة Legend of Mir وRagnarok إنهم يحاولون أن يكونوا مسؤولين اجتماعياً من خلال العمل مع المنظمين واتخاذ إجراءاتهم الخاصة لمنع السلوك الإدماني. ولا تزال هناك مناقشات محتدمة بخصوص موضوع الآثار الضارة للعب على الإنترنت. ويصر معظم اللاعبين في سوق ألعاب الانترنت أن عدد اللاعبين المدمنين لا يزال يشكل نسبة صغيرة جداً من إجمالي اللاعبين على الإنترنت.
كما يتناول المنظمون هذا الموضوع بشكل معتدل، ويظهرون قلقهم ولكنهم حذرون أيضا لعدم تعريض هذا المجال التجاري إلى أضرار. ومما يذكر أن قطاع ألعاب الإنترنت ينمو بشكل لا مثيل له في آسيا، حيث بلغ حوالي 1.1 بليون دولار أمريكي العام الماضي بمعدل نمو سنوي يقدر أن يصل إلى 19 بالمائة في عام 2008م. وتعتبر كوريا الجنوبية أكبر سوق في المنطقة، حيث بلغت قيمة قطاع الألعاب فيها 397 مليون دولار في العام الماضي، بينما سوف يلحق السوق الصيني المزدهر بهذا الركب بمعدل 298 مليون دولار العام الماضي حيث تجاوزت تايوان لتصبح ثاني أكبر سوق في المنطقة. وفي تطور آخر يتعلق بالسلوك الإدماني، تم الحكم على لاعب انترنت في شنغاهاي في شهر يونيو الماضي بالسجن مدى الحياة بسبب قيامه بتسديد طعنات مميتة إلى منافس له في اللعبة قام باقتراض وبيع (سيف التنين التخيلي) الخاص به. الأمر الذي يشير إلى أن هذه الألعاب قد تكون سبباً للجريمة في بعض الأحيان. وتنشر وسائل الإعلام التايوانية بشكل روتيني أخباراً تتعلق بسرقات يتم ارتكابها لدعم سلوكيات مقاهي الإنترنت. ومثل كوريا الجنوبية، فإن الصين تقوم بحملة لمعالجة موضوع الإدمان على الإنترنت، من خلال العمل مع مشغلي الألعاب لوضع أنظمة تثني عن الانخراط في هذا السلوك الإدماني.
ويقول المحللون إن هذا الإجراء والإجراءات المضادة له الناتجة عن ذلك لا تزال في المراحل المبكرة وبذلك فإن التأثيرات على المشغلين الرئيسيين من الممكن أن يتم إسكاتها إلى الأبد.
وقال ديك وي وهو محلل شركة JP Morgan إن النظام التجريبي في الصين الذي يثني عن الانخراط في مثل هذا السلوك من خلال تحديد (نقاط التجربة) التي يحصل عليها اللاعب كلما أمضى وقتا أطول في اللعب من المفترض أن يكون له بعض التأثير على تحديد هذه المشكلة في السوق.
ويعتبر هذا النظام الذي تم التوصل إليه بعد مشاورات مكثفة في هذا المجال خفيفا نسبيا وفقا للمنظمين الصينيين، الذين قاموا في الماضي بفرض إجراءات أكثر صرامة من جانب واحد على قطاعات إعلامية جديدة تشهد نمواً مرتفعاً. ويتعين أن يوقف ذلك بعض المستخدمين عن اللعب لفترات طويلة ولكنه لن يضع حلاً دائماً للمشكلة وربما تكون هناك إجراءات مختلفة لمعالجة هذا الموضوع.
من ناحية أخرى قامت تايبي أيضا بوضع لوائح تجبر مقاهي الانترنت بالابتعاد عن المدارس وأن تتخذ لنفسها مكاناً آخر بغرض منع عنصر الجذب. كما تتطلب حكومة المدينة أيضا من الأطفال أقل من 15 سنة أن يتم اصطحابهم بأشخاص بالغين وأن تقوم مقاهي الإنترنت بنشر تحذيرات للاعبين لكي يحصلوا على راحة لعيونهم.
لكن الكثيرين من المطلعين على هذه الوائح يرون أنها ليست صارمة بالحد الكافي، ذلك أن الحكومة بقدر رغبتها في الحد من الأضرار الناجمة عن هذه الممارسات، لكنها أيضا لا ترضى أن تقضي على هذا المجال الذي غدا يشكل عاملاً مهماً من العوامل الاقتصادية.
من ناحية اخرى، سمحت الحكومة السنغافورية في أوائل هذا الشهر لرجل أن يؤجل خدمته العسكرية بحيث يمكنه المشاركة في منافسة في ألعاب الكمبيوتر، مع محاولة الدولة لتدعيم هذا المجال، وذلك طبقا لبعض التقارير الإعلامية. أما في اليابان، وبالرغم من وضع اليابان كرائدة في ألعاب الكمبيوتر الحديثة، إلا أن الإدمان لا يمثل مشكلة هناك لأن الناس لا ينجذبون للألعاب الإلكترونية ولكنهم يفضلون اللعب عبر البلاي ستيشن في المنزل. ويقول هيروكازو همامارا، رئيس شركة Enterbrain، الشركة الناشرة لمجلة الألعاب الرئيسية في اليابان إن هناك حالات قليلة من الإدمان على الألعاب المنزلية بحيث يتم لعبها على نحو مختلف عن ألعاب الإنترنت.
الموضوع الاصلي
من روعة الكون