الأولاد في كل بلاد العالم يحبون اللعب بالكرة.
الأولاد البيض .. والسمر.
والأولاد السود .. والصفر.
واحدة من هذه الكرات التي يملكها أحد الأولاد، سألت نفسها
ذات يوم:
-إن صاحبي وأصدقاءه يلعبون بي .. ويضربونني
بأرجلهم في بطني .. ورأسي، وفي كل مكان من
جسدي، ومع مرور الأيام، أصبحت أعاني من الألم الشديد ..
ولا أجد الوقت لتأمل ما حولي من كائنات أو التحدث معها ..
وأصبحت محرومة من الاستمتاع برؤية ما حولي من جمال
الزهور في الحدائق .. أو زحام السيارات في الشوارع، أو
الاستماع إلى العصافير وهي تغني فوق الأشجار، وأصبحت
سجينة مثل ببغاء في قفص، أو مثل عصفور حزين، فقد
فرحته وحريته وهو داخل القفص!
نامت كرة القدم ليلة مليئة بالأحلام المرعبة التي تشبه
الكوابيس ولكنها عندما استيقظت في الصباح، كانت قد قررت
الهروب من صاحبها ومن أصدقائه إلى الغابة، حيث لا يوجد
بها غير الحيوانات، فهي تعرف أن الحيوانات لا تعرف لعبة
كرة القدم، فالأفيال - مثلاً- تحب اللعب في الماء ورش
بعضها به، والأسود مشغولة طوال يومها بالبحث عن فريسة
.. وكذلك الثعالب، والنمور، حتى الزرافات الطويلة لا تعرف
كيف تلعب بكرة القدم .
أخذت الكرة تتدحرج على الأرض، ووصلت في النهاية إلى
الغابة، فجلست تستريح تحت شجرة .
أحست الكرة بالأمان، فاسترخت، وراحت في النوم تحت
شجرة كبيرة.
في أثناء نومها، شاهدها أسد صغير، فقال لأبيه:
-هل تسمح لي يا أبي باللعب بهذا الشيء المكور الذي يشبه البطيخة!
قال الأسد لولده:
-لا بأس من اللعب بهذا الشيء المكور.. ولكن احترس.. ربما يكون فخاً من صنع البشر!
فرح الأسد الصغير بموافقة والده، وحاول أن يقترب على
أطراف أصابعه بحذر من الكرة.. ولكن الكرة استيقظت من
نومها مذعورة حيث وجدت نفسها في مواجهته، فقالت له:
-أرجوك.. لا تؤذني !!
ضحك الأسد الصغير وقال للكرة:
-ما اسمك ياشبه البطيخة؟
-اسمي كرة.
قال الأسد وهو يهز ذيله:
-ماذا تعني كلمة كرة؟
- لا أعرف بالضبط، ولكن الذي تأكدت منه، أنني أصبحت
أضحوكة في أقدام من يلعبون بي، فأتألم من ضربهم لي بأرجلهم أثناء اللعب.
تأمل الأسد الصغير الكرة وهمس لنفسه في هدوء:
-أخشى أن تكون هذه الكرة فخا حديثا صنعه الإنسان لاصطياد الحيوانات، ولذلك يجب استجوابها بحذر لمعرفة الحقيقة!
تمايل الأسد الصغير يميناً وشمالاً ونظر للكرة من أسفل
لأعلى، ثم ضحك بصوت عال قائلا:
-إذن .. أنت لعبة!!
قالت الكرة في حزن:
-ربما!!
نظر الأسد الصغير إلى أقدامه ثم قال في ثقة:
-كما ترين أيتها الكرة، أنا لا ألبس حذاء مثل الإنسان، وعندما سألعب بك لن أسبب لك ألماً أو وجعاً، فهيا اقتربي مني.
ولكن الكرة تراجعت للخلف خائفة، فهجم عليها الأسد
الصغير وأمسكها بأظافره، وكلما حاول إمساكها بأسنانه،
كانت تهرب منه، ولكنه تمكن في النهاية من وضعها بين
فكيه وأخذ يضغط عليها بشدة لكي لا تفلت منه، فأخذت
تصرخ وهي تنادي من ينقذها.
فجأة، سمع استغاثتها أحد الصيادين، وشاهد ما يفعله الأسد
الصغير، فأطلق عليه رصاصة من بندقيته. الرصاصة لم
تصبه، ولكنها أخافته، فأسرع هارباً، وترك الكرة تتدحرج
على الأرض وكأنها كانت تريد الاقتراب من الصياد الذي
أنقذها.
تأمل الصياد الكرة بعد أن أمسكها وهمس لنفسه:
- إنها كرة قدم جميلة .. سيفرح بها ولدي ويلعب بها مع
أصدقائه.
سمعته الكرة فأنزعجت قائلة:
-أرجوك يا سيدي .. لا داعي أن تسلمني لولدك وأصدقائه
لأنهم سيلعبون بي ويضربونني من جديد بأرجلهم بقوة!
ضحك الصياد قائلا:
-ماذا تنتظرين مني، هل أسلمك لأحد المتاحف ليحتفظوا بك كشيء مهم؟
كانت الكرة تبكي، بينما أكمل الصياد حديثه:
-أنت مجرد كرة قدم .. لقد فكر الإنسان وهداه تفكيره
لصناعتك ليستمتع باللعب بك.
ربما اقتنعت الكرة بما قاله الصياد، لأنها على الفور،
تذكرت الببغاء الحبيس في القفص، ومع ذلك يسلي نفسه
بتقليد أصوات وضحكات الآخرين، ولا يشكو من فقدان
حريته، وتأكدت أنها أسعد حالاً منه.
وفي أثناء تبادل الكرة بين أقدام ابن الصياد وأصدقائه،
كانت تضحك لسعادتهم باللعب بها.
الموضوع الاصلي
من روعة الكون