الشهوة :
أخي الحبيب،أختي الحبيبة :
من قال إن الشهوة معصية؟!! لا تتعجب، نعم إن الشهوة في حد ذاتها ليست معصية، بل هي فطرة وغريزة وضعها الله عز وجل في جميع خلقه، لتحقيق غايات رفيعة وسامية، منها التناسل وتعمير الدنيا، والتعارف بين بني البشر، وتوفير السكن والمتعة لهم ، وقد راعى ديننا الحنيف هذه الفطرة، فلم ينكرها ولم يكبتها، بل جعل لها سبلاً شرعية لتصريفها وإنفاذها، فشرع الزواج، وأوصى الشباب به وبتعجيله، وأنكر على التاركين له، وأوصى الناس بالتيسير في نفقاته وإجراءاته.
الوقاية خير من العلاج :
ليست الشهوة معصية، ولكن المعصية هي الأفعال المحرمة التي تُنتج الشهوة وتهيجها وتثيرها، وكذلك الممارسات المحرمة التي تنتج عنها ، لذا فقد وضع الإسلام تشريعات وضوابط تحمي المسلم من الوقوع في براثن الشهوة المحرمة، فقد أمر الله عز وجل المؤمنين والمؤمنات بغض البصر، وأمر المرأة المسلمة بالتستر والاحتشام في زيها، وعدم إبداء زينتها للأجانب، حيث يقول عز وجل: {قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ ويَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ . وقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ ويَحْفَظْنَ فَرُوجَهُنَّ ولا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إلا مَا ظَهَرَ مِنْهَا ولْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ...}0
حتى إن الله عز وجل قد نهى النساء عن أي فعل قد يثير الشهوة في نفوس الرجال، حتى ولو كان مجرد إحداث صوت بأقدامهن يلفت النظر إليهن وإلى زينتهن، فقال جل وعلا: {ولا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ}، كما أنه سبحانه وتعالى نهاهن عن الخضوع بالقول وترقيق الصوت في مخاطبة الأجانب، فقال: {فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وقُلْنَ قَوْلاً مَّعْروفًا}0
فكل ما نهى عنه الله عز وجل المؤمنين عنه هو من باب تجفيف منابع الشهوة المحرمة التي لو اشتعلت وضعف الإنسان أمامها، دفعته في حمئة الرذيلة دفعًا، وأسقطته في غياهب الفاحشة فيدمنها حتى لا يجد منها فكاكًا، ويدور في حلقة مفرغة، لا تهدأ له نفس، ولا تطمئن له سريرة ولتعلم أخي الحبيب أن الفاحشة التي تدفع إليها الشهوة المحرمة لا تروي ظمأ واردها، ولا تطفئ لهيبه، بل كلما انغمس فيها ازداد سعارًا، بعكس الزواج الحلال الذي يعف الإنسان به، وتهدأ وتطمئن نفسه فيه.
وحتى تتهيأ تلك الظروف ويمن الله عليك بالزواج أنصحك بالآتي:
ابتعد عن كل المثيرات، مثل مشاهدة الأفلام الخليعة والمجلات الفاضحة .
التزم واجتهد في غض بصرك في الطرقات والأماكن العامة، وحاول أن تمنع تعاملاتك مع الفتيات والنساء الأجنبيات إلا لضرورة .
إذا عرضت لك الفتنة فتذكر ربك سبحانه، وغضبه وعقابه، وليكن لك في يوسف عليه السلام أسوة حسنة، فاستعصِم بالله كما استعصم، ولُذ بجنابه كما لاذ، وانظر كيف فضل عليه السلام السجن على ارتكاب الفاحشة، وانظر لعاقبة فعله، وجزائه عند الله، وإكرامه له، وتقديره إياه .
حافظ على الصلوات في أوقاتها، وأدِّها جماعة في المسجد، فإن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر .
اجعل لك وردًا يوميًّا من القرآن الكريم، لا تغفل عنه .
إذا سقطت مرة، وأغواك الشيطان، فلا تعتبرها النهاية، ولا تستسلم لليأس، بل اهزم شيطانك، واستغفر ربك، وقُم من جديد، وكن ممن قال فيهم عز وجل: {إنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِّنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإذَا هُم مُّبْصِرُون}. وتذكر بشرى الله عز وجل: {والَّذِينَ إذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ ومَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إلا اللَّهُ ولَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وهُمْ يَعْلَمُونَ . أُوْلَئِكَ جَزَاؤُهُم مَّغْفِرَةٌ مِّن رَّبِّهِمْ وجَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ونِعْمَ أَجْرُ العَامِلِينَ}0
أدمن الدعاء والتبتل لله عز وجل بأن يحفظك من الفتن، وأن يقوي ضعفك، وأحسن الظن به سبحانه وتعالى، واصدقه يصدقك .
وأخيرًا أخي: اعلم أنك في جهاد، وأنك مأجور على كل ما تفعله وكل ما تلقاه في هذا الطريق من عنت ومشقة، ولكن تأكد أن العاقبة خير، بل كل الخير الذي يسلم لك فيه دينك، ويصلح فيه معاشك، وتهنأ فيه دنياك .
وفقك الله أخي وأعانك، لا تنسنا من دعائك .منقول للإفادة.
الموضوع الاصلي
من روعة الكون