امرأة تؤذن للصلاة .. وامرأة تغني .. ما لكم كيف تحكمون!؟
--------------------------------------------------------------------------------
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمت الله وبركاتة
قال الراوي : كنا يومها في المرحلة الثانوية ، أكثرنا في سنته الأخيرة منها ،
كنا ساعتها في وقت الفسحة والجميع خارج الفصل ،
وبقينا نحن قرابة الثمانية نتحاور حوارا ودياً،
ثم دخل الحوار إلى نقطة ساخنة جداً اشتدت معها العبارات
وارتفعت الأصوات ، واحتد النقاش ،
ولم يبق إلا أن يرفع بعضنا يده على بعض !
كان باب الفصل مفتوحا ، ربما لولا تجدد الهواء في الحجرة
لهاجت الدماء بضرواة في عروقنا فدخلنا في معركة حقيقية ..!
كانت نقطة الخلاف التي فجرت ثورة الغضب لدى الطريفين ، هي :
الغناء .. أحلالٌ هو أم حرام .. بعضنا يؤكد حرمته ، والبعض الآخر
يفند كل حجة يسمعها بما تيسر على لسانه !! مع أنه غير ملتزم أصلاًّّ !!
فجأة أطل علينا مدرس شاب محبوب ، لا يكاد طالب في هذه المدرسة
إلا وهو يحترمه ويقدره ..
كان ماراً في الممر وسمع اصواتنا فعرج علينا
كان وج المتلألئ بابتسامته المشهورة تسبقه إلى قلوبنا دائماً ،
أما أنا وفريقي ، ففرحنا حين رأيناه ، وقلت في نفسي :
ساقك الله ايها الفاضل لتضع حجرا في افواه هؤلاء المكابرين ..!!
ولقد رمقت وجوه الفريق الآخر فظهرت عليها علامات الاستياء .
كأنما انهمرت على وجوم كمية من الغبار فكستها ..!
وكأنما كنتُ اتشفى بما أرى ، قلت في نفسي وأنا أكاد اتبسم :
لكم الويل مما تصفون .. جاءك الموت يا تارك الصلاة !!
شعرت أن الذين كانوا قبل قليل كالنار المستطير ثورة ، ابتلعوا السنتهم
وهمسوا بصوت خافت أن نغير الموضوع ، لكني رأيت انها فرصة
لا ينبغي لي أن افوتها .. فبادرت أرحب بالأستاذ
ثم بلا مقدمات عرضت عليه الموضوع ..
وطلبت منه أن يقول كلمة الفصل في كلمات وبلا إطالة .. !!!
زادت ابتسامة الأستاذ وهو يدير عينيه في وجوه الجميع وجهاً وجها ..
ثم قال : بارك الله فيكم جميعا .. وإني أحسب أنكم على خير كبير
حتى الذين يجادلون في حل الأغاني وعدم حرمتها ، فلولا الخير
الكامن في قلوبهم ما ناقشوا المسألة أصلا !!
ولا قبلوا بالكلام حولها ..!
لكني كنت أحمل لكم موضوعا مثيراً ورائعا
وفائدته أكثر وأعمق من إثارة هذه القضية ..
فأحب قبل أن يقرع الجرس أن تسمعوا مني ما جئت أحمله إليكم ..
ونؤجل قضيتكم إلى وقت آخر .. !
ورأيت الآخرين كأنما يتنفسون الصعداء ..وتهللت وجوم واستنارت
أما أنا فكأنما لطمني بموقفه هذا .. وساءني ما قال ..
غير أنه بادر يفتح جريدة كانت في يده ، وأخذ يقلبها بسرعة
حتى استقر بها على صفحات داخلية ، تتضمن صوراً مختلفة الأحجام ،
عن زلزال تركيا الذي قتل قرابة العشرة ألآف إنسان
وشرد عشرات الآلاف في العراء ..ودمر وخرب وأهلك الحرث والنسل !
وسارع يضع الجريدة مفتوحة على إحدى الطاولات ليرى الجميع الصور بوضوح
ثم شرع يعلق على تلك الصور ، تعليقاً حرك به القلوب ، وهز به الأرواح
ولن أكون مغالياً لو قلت أن البعض دمعت عيناه وهو يرى ما يرى
ويسمع التعليق المصاحب من هذا الأستاذ المتميز ..
تحدث عن الموت وكيف أنه سيهجم على الإنسان في اية لحظة ..
وقد يكون وقتها أمام جهاز تلفاز يتابع ما يسخط الله عليه ،
فيلقى الله وهو غير راضٍ عنه ، وذكر نماذج من خاتمة السوء
التي حدثت لكثيرين وكان يربط حديثه بهذه الصور ،
ترى هؤلاء كيف لقوا الله ، هل كانوا جميعا على طاعة
حين انهارت المابني على رؤوسهم ..؟
أن بعضهم كان يتابع فيلماً هابطاً ومات وهو كذلك ؟؟
وعلى هذا المنوال مضى بحديث متدفق رائع ..
ولما قرع الجرس ، ابتسم من جديد وقال :
يؤسفني أن الوقت لم يسمح لأجيب على سؤالكم السابق ..
قال أحدنا وهو يضحك : بل أجبت بطريقة رائعة ،
يستوعبها من كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد ..!
فقال: ارجو ذلك .. المهم عندي الأن أنكم انتفعتم بهذه المشاهد وهذا التعليق ..
وسكت لحظة ثم واصل حديثه :
ومع هذا لن أخيبكم .. عندي لكم هدايا طيبة ..
وأخرج من حقيبته مجموعة من الكتيبات الصغيرة وأخذ يوزعها علينا
متمنياً لنا الانتفاع بها ..وهو يؤكد على ضرورة قراءتها ..
كانت عناوين الكتيبات تدون حول محورين :
قصص حسن وسوء الخاتمة .. وهذه مفاتيح الجنة ..
ثم شرع يصافحنا فرداً فرداً وهو يدعو لنا ويعتذر منا !!
بعد يومين من هذا المشهد ، وكنا في الفصل ننتظر استاذا يحل محل
استاذ الحصة الذي غاب ذلك النهار ..
فجأه يطل علينا ذلك المعلم الرائع .. وتهللت جميع الوجوه ..
كنا على اختلاف مشاربنا وأفكارنا نجد عند هذا المعلم حاجة جديدة
في كل مرة ينفعنا بها ، بطريقة سلسلة وجذابة
تصل إلى القلب من أقرب طريق ، وهذه توفيق رباني محض
أكرم الله به ذلك المعلم بوضوح ..
كنا نرى أن وج يحمل البشرى دائما لمن يتأمل فيه ..!
ولا يختلف اثنان على حبه وتقديره والثناء عليه ..
بعد أن ألقى السلام وحمد الله وصلى على رسوله الكريم ..
أخبرنا أنه سيحيل هذه الحصة _ وهي حصة فراغ _ سيحيلها إلى
دردشة حرة وحوار أخوي نتعلم فيه كيف نصغي ونسمع ونتابع ونعترض بأدب ..
وتهللت وجوه الطلاب جميعا _ ربما لأنهم لن يأخذوا درسا مقرراً !!_
واستدار ليكتب بخط جميل هذه العبارة :
اسئلة للعقلاء فقط .. !!
ثم أخذ يعرفنا من هو العاقل الذي يقصده هنا ..
هو الذي إذا عرف الحق التزمه ، ولم يكابر ، ولم يجادل بغير علم ..
وأخذ يؤكد أن العاقل حين يفكر جيداً في هذه الأسئلة _ وأمثالها _
سيصل إلى الجواب الواضح بكل يسر ..
أما المكابر الذي يركب هواه أو يركبه هواه ،
فهذا لن ينتفع بهذه الأسئلة وأمثالها ، بل لن ينتفع ولو رأى الملائكة !!
ثم قال : وأحسبكم جميعاً عقلاء ناضجين ..
وجوكم وعيونكم ومتابعتكم تقول لي أنكم كذلك ..!!
وشرع يعرض مجموعة من الأسئلة ..
( جرت الحصة كلها على شكل مناقشة وحوار ..
غير أني لا استطيع أن اعرض تفاصيل ما كان خطوة خطوة ..
فأكتفي بالعرض الآتي .. فلزم التنويه .. )
قال : اجمعوا قلوبكم معي .. استحلفكم بالله الذي تحبونه وتعظمونه
أن تتركوا أهواءكم قليلا ، وتقبلوا بقلوبكم على ما أقول ..
السؤال الأول : تأملوا هذا المشهد جيداً ..
امرأة متحجبة ، محتشمة ، لا يظهر منها شيء على الإطلاق ..
قررت هذه المرأة ، وكانت تقف وسط حشود من الرجال مع مجموعة من النسوة
قررت أن تقف على مرتفع هناك ، ثم ترفع صوتها بأقصى ما تستطيع
تنادي للصلاة : الله أكبر الله أكبر .. الخ
بصوت أجش ، قوي ، حازم ، لا تكسر فيه ولا تميع معه !!
السؤال : هل يجوز لها أن تفعل ذلك ؟
تعالت الأصوات : كلا، لا يجوز لها ذلك ابداً ..
ابتسم الأستاذ ابتسامة كبيرة جداً ثم قال : وكيف حكمتم بهذا ..؟
قال أحدنا : لقد حدثنا بمثل هذه المسألة استاذ التربية الإسلامية ..
وقال : أنها لو أصرت على أن تفعل ذلك ، فإن الملائكة تلعنها ..!
كاد الأستاذ أن يضحك ، فقد تلألأ وج بقوة وزادت استنارته بوضوح
وأخذ يدير عينيه في وجوه الحاضرين .. ثم قال :
الحمد لله أنكم سمعتم هذا من غيري فأنتم تعرفون أنني مدرس علوم !!
المهم لاحظوا الآن ، واعقدوا على خناصركم ..
هذه المرأة سترفع النداء للصلاة .. هذه واحدة ..!
ثم أن الكلام الذي ستقوله كله ذكر لله سبحانه ... هذه الثانية !
ثم أنها سترفع صوتها بقوة بلا تميع ولا تكسر ولا ترقيق عبارة .. هذه الثالثة !
ثم فوق هذا كله ..
هي محتجبة كلها لون اسود ، لا يظهر منها شيء ابدا.. وهذه الرابعة !
وكتب على السبورة هذه النقاط الأربع ..
ثم قال .. ومع هذا كله .. فإنه لا يجوز لها أن تفعل هذا !!
بل وكما تعلمتم : أن الملائكة ستلعنها..
إن هي أصرت أن تفعل هذا وسط جموع الرجال .. !!
والسؤال الآن :
فكيف إذن يجوز لمرأة شبه عارية .. تخرج أمام عشرات الألوف بل مئات الألوف من الرجال وكأنما هي ذاهبة إلى حفل عرسها الخاص ،
وتقف لترفع صوتها بكلمات ذات معاني رخيصة ، تدعو إلى الرذيلة ،
وبطريقة ناعمة مثيرة تخضع فيها بالقول ..
وربما برقصات مصاحبة تثير الساكن حتى عند الصخر الجامد ..!!
كيف يصح أن تكون هذه الصورة جائزة وحلال ولا شيء فيها !!!
مع أنا اتفقنا أن الصورة الأولى لا تجوز أبداً ابداً وتلعنها الملائكة إن فعلت !؟
أي عقل يقول يجواز الثانية ؟؟
إذا كانت الأولى تلعنها الملائكة لو نادت للصلاة .. بصوت أجش وقوي ، وبملابس ساترة ..
فماذا نقول عن الثانية !؟ تلعنها الملائكة ؟؟
فقد لعنت الأولى وهي تفعل الخير ...!! لا جواب ..
المسألة إذن واضحة كالشمس في كبد النهار ..
ولكن القلوب المطموسة تجادل وتكابر .. السر في ذلك ...
لأنها تعبد الهوى .!!
وقد حذرنا الله من هذه عبادة هذا الإله !! فقال :
)أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ
وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ أَفَلا تَذَكَّرُونَ)
هذه واحدة .. وسجل لها عنواناً على السبورة
ثم قال : والآن ننتقل إلى النقطة الثانية :
ورد في الحديث الشريف أن الله لا يقبل إلا طيباً ..
وما لم يكن طيباً فإن الله لا يقبله ، لأنه لا يحبه ، بل يرده على صاحبه
ليحسابه عليه حساباً عسيرا يوم سيلقاه ..
السؤال : هل الغناء الذي نراه يعتبر من العمل الطيب
الذي يتقرب به الإنسان إلى الله ليرضى به عنه !!
لأنه يعلم أن الله يحبه فهو حريص على تحصيل مرضاة الله تعالى
من خلال تقديم هذا العمل !!!
اي مسلم صغر أم كبر ، كان متعلما أم أمياً .سيجيبك على هذا السؤال :
لا والله ليس الغناء كذلك ..فهو ليس مما يتقرب به العبد من الله !!
وأنتم ما رأيكم دام فضلكم .. !؟
إذن .. إذن كان الغناء عمل لا يحبه الله ولا يتقبله ..
فيكف نحبه نحن ونرضاه لأنفسنا ونقبله ونقبل عليه !؟
وننفق عليه أموال كثيرة وجهدا ووقتاً ..أهي جرأة على الله
أم أن عبادة الهوى قد استحكمت فينا بحيث لا تدعنا نفكر تفكيرا سلميا يرضي الله ؟
ويتفرع عن هذه المسألة مسألة قريبة منها :
أن الله سبحانه لا يتقبل أي عمل ما لم يكن هذا العمل خالصا لوج الكريم
فهل الغناء الذي نراه صباح مساء في الفضائيات وغيرها ..
عمل يُراد به وجه الله سبحانه ..
أم أنه عمل يُراد به وجه الشيطان عليه لعائن الله تترى !؟!!
واستدار ليكتب عنوانا للنقطة الثانية ..ثم انتقل للنقطة الثالثة ..فقال :
جاء رجل _ في زمن التابعين _ إلى صحابي جليل وسأله عن الغناء
حلال أم حرام .. فقال له : انصف نفسك بنفسك ..
إذا جاء يوم القيامة ووضع الميزان .. لتوزن به أعمالك كلها ..
فبالله عليك أين ستضع الملائكة هذا الغناء .. أفي كفة الحق أم في كقة الباطل ؟
قال الرجل وكان عاقلا : بل والله ستضعه في كفة الباطل ..
قال الصحابي الجليل : إذن اذهب ، فقد أفتيت نفسك ..!!
والسؤال هنا هام جداً :
يلاحظ أن هذا كان في زمن التابعين ... يعني لم يكن الغناء هابطاً مريضا
على النحو الذي تراه عيون الدنيا اليوم ..
ولم تكن فيه ( معازف ) وكان بلغة عربية قوية ، وربما كان يتضمن معانٍ جيدة ..
ومع هذا سيكون ( في كفة الباطل ) كما ورد في النص ..
السؤال : فماذا عن هذا الغناء الهابط الذي تتقيأ بها الفضائيات في وجوهنا
صباح مساء . ونحن نتابع كأننا مسحورون !؟
اين سيوضع . ويوضع اصحابه ؟؟! مسألة واضحة ولكن :
) فَإِنَّهَا لا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ)
وكتب عنواناً جديداً ، ثم انتقل إلى نقطة جديدة .. فقال :
يقول الله سبحانه وتعالى :
)لا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعاً عَلِيماً)
وفي الحديث الشريف : إن الله لا يحب الفاحش البذيء ..
والآن حاول أن تجمع كلمات الأغاني بين يديك ..
وتأمل فيها ملياً ، وأعد النظر إليها ، وتدبر معانيها ، وثمراتها
وما توصل إليه ، وما تحركه في نفس الإنسان من معاني ..
ثم سل نفسك بصدق : أليست تندرج في هذين النصين الكريمين :
جهر بقول السوء الذي لا يحبه الله تعالى ..
وفحش في الكلام ، وبذاءة في المعاني .. ودعوة رخيصة إلى الرذيلة
شعر بذلك أصحباها أم لم يشعروا ..
ومن ثم فهل نتصور مؤمناً صادق الإيمان ، محباً لله سبحانه ،
يحب ما يحبه الله ويكره ما يكر سبحانه ،
هل نتصور مثل هذا الإنسان يقبل على أمور يكرا الله ويحذره منها !؟؟
إن الجدال في مثل هذا مكابرة ، يندرج صاحبها رغم انفه المتورم
في أنه عابد وثن اسمه ( الهوى ) .. وعليه أن يتحرر من هذه العبودة أولا
ليسهل عليه أن يقتنع ثانياً ..!!
وأخذ يتلو آيات عن الهوى وتحذير الله المؤمنين من متابعته .؟.
وكتب عنواناً جديدا .. لينتقل إلى نقطة أخرى .. فقال :
كان الشعر قديماً بلغة راقية جداً ، وذات صور بديعة رائعة ،
ولعل المعاني كان أكثرها حسناً لولا الغلو فيما يذهب إليه الشعراء في المدح أو الذم
ومع هذا قال الله سبحانه : ( وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُون َ)
فحكم على الذين يتابعون أولئك الشعراء منبهرين بهم ، يصفقون لهم
ويرددون أقوالهم ، مسلمين بما يقولونه .. حكم عليهم ربهم بأنهم ( ضالون)
السؤال الآن :
فماذا يمكن أن نحكم على هؤلاء الذين يتابعون هذا الغناء المريض الهابط !؟
أكثر غواية ، وأشد ضلالة ، وأقل عقلاً !!
وسجل عنوانا جديدا ، ثم التفت ليسأل:
قضاء الوقت في سماع أغنية أو اغنيتين أو يزيد ..
هل تكون الملائكة في ذلك الوقت تسجل لك حسنات على ما تفعل
أم انها تسجل لك سيئات على تضييع وقتا كان يمكنك أن تتقرب به إلى الله ؟؟
الجواب واضح لا يختلف عليه اثنان صادقان يطلبان الحق ..
والأصل : أن المؤمن الصادق المحب لله سبحانه ، أحرص ما يكون
أن لا تضيع منه دقيقة واحدة ناهيك عن ساعات .
في شيء يبعده عن ربه سبحانه .. بل كل همه أن يزداد تقرباً من الله
ليرضى الله عنه ويرفع درجاته في الجنة ما النبيين ..
وكتب عناونا جديدا .. ثم استدار ليخرج من حقيبته قصاصات كثيرة
و أخذ يستعرض نماذج من كلمات الأغاني ..
_ واتضح هنا أنه قد أعد عدته لهذه الحصة في اليومين السابقين !! _
ثم أخذ يلفت النظر إلى المعاني الهابطة التي تدعو للرذيلة ..
وإلى المعاني التي تضمن شركاً بالله !!
وإلى المعاني التي تضمنت سخطا على القدر .. وهكذا
ثم عرج ليعلق على طريقة الغناء ..وما يصاحبه من فحش ..الخ
وعاد يقلب في حقيبته ليخرج اوراقاً أخرى ..
فإذا هي عبارة عن فتاوى صريحة بتحريم الغناء من القديم والحديث !
كان يقرأها مختصرة وعلى عجل ..
و سكت سكتة طويلة .. ثم قال :
لا باس ، سننسى كل هذا الذي قلناه .. وانتبهوا الأن جيداً ..
وشرع يتحدث عن أحوال الأمة وما تمر به من مآسٍ دامية
وركز الضوء على ما يحدث في فلسطين ، والأهوال التي تهز الصخر
ثم بعد هذا كله يجد مسلم وقتاً ليغني ويرقص ..!
ويدفع اموالا ليشتري هذه االسموم ، ويهدر أوقاتاً في معصية الله..
ويزعم أنه يحب الله تعالى ، ويحب دينه ، ويحب أمته !؟
في خاتمة الحصة .. رفع يديه في ضراعة وأخذ يدعو برقة قلب ،
ويبتهل في خشوع ، حتى خيل إليّ أنه سيبكي ..
بل أن بعض الزملاء دمعت عيناه _ كما اخبرني بعضهم _
وكانت حصة متميزة جدا ، وعلى قدر ما ساءني موقفه قبل يومين
على قدر ما أعجبني اسلوبه الفذ في هذه الحصة وهو يحاور
ويناقش ويتحمل ثم يصل إلى ما يريد أن يقرره ..
وكان قد قرر في خاتمة الحصة :
أن الإنسان العاقل لا يرضى أن يبيع جنة عرضها السماء والأرض
وروضان من الله أكبر .. بساعة لهو يرضي بها هواه
ولعلها ساعة لهو يتمرغ فيها قلبه بوحل المعاني الهابطة التي لا يحبها الله
ومن يصر على أن يفعل ذلك ولا يبالي ..
فإنما يدلل على إفلاس روحي شديد لديه ..!
بل يدل على أن رصيده الإيماني في قلبه ضعيف ..وعليه أن يقويه !
كما يدل على أن هذا الإنسان يشكو فراغ نفسي كبير ..
ولو ملأ قلبه بأنوار الإيمان لما كان كذلك ..
ثم اصر على أن لا ينصرف حتى يجعل الخاتمة مسكاً .
فشرع يخرج من كيس كان معه كمية من الأشرطة وأخذ يوزعها بنفسه
وهو يصافح كل واحد منا ويكاد يحتضنه ..
وكانت المفاجأة بعد هذا كله أن أعلن أنه رزق بمولود
وأنه يدعو الجميع إلى وليمة بهذه المناسبة .. سيخصصها لهذا الفصل فحسب .
وانصرف وابتسامته لا تزال ترف وتشرق على وج السمح ..
منقوووووووووووووول
الموضوع الاصلي
من روعة الكون