الكبرياء انواع والتيه انواع والغرور انواع
والانسان لا يستكبر على الانسان وحده وانما يمتد استكباره لعالم الحيوان
فتراه ينظر الى الحيوان نظرته الى من هو اقل منه فى ذاته وهذه نظرة ليست من الحكمة
لقد كرم الله الانسان على بقية الخلائق ولكن هذا لا يعنى ان يستكبر الانسان على بقية الخلائق
ولايعنى ان يتعالى عليها ولا يعنى ان يمارس تجاا نظرة فوقية
ان الانسان نخلوق والقط مخلوق والكلب مخلوق والناقة مخلوقة
وقد سخر الله هذا كله للانسان وهذا التسخير تكريم للانسان ولكنه ليس انتقاصا من الحيوان
وتعالى الله ان يخلق خلقا ثم ينتقص فيه بتسخيره
انما يكمن كمال المخلوق بالنظر اليه فى حد ذاته لا فى علاقاته
وفى الزاهدين من نظر الى الخلائق الاخرى ورأها اكرم منه
يحكى ان ابو الحسن بن عتيق فى كتابه " بغية الطالب ومنية الراغب"
قصة عن فقيه عالم يسمى ابو محمد بن عبد الله
رأه مؤلف الكتاب يمشى فى يوم شتائى كثير الطين فاستقبله كلب يمشى على الطريق
فترك مكانه للكلب وخاض هو فى اوحال الشارع
سألته لماذا؟
قال: هذا الكلب ارفع منى واولى منى بالكرامة
لانى عصيت الله تعالى وانا كثير الذنوب بينما الكلب لاذنب له وليس مكلفا اصلا
لهذا نزلت عن موضعى وتركته يمشى عليه
هذه درجة فى الحساسية والتواضع لا مثيل لها
ولو عرفنا ان قائل هذا الكلام كان من علماء عصره وفقائهم وزهادهم ولو عرفنا
هذا لادركنا جزءا من معنى التواضع الحقيقى
ان هذا الفقيه لم ينظر الى الكلب باعتباره مخلوقا خلقه الله لحراسة الانسان
ولم ينظر الى الكلب باعتباره حيوانا اقل الاف المرات من الانسان
لم ينظر اليه فى علاقاته او نوعه الحيوانى
انما نظر اليه فى ذاته فرأه لم يرتكب ذنبا واحدا ولهذا كرمه على نفسه
احمد بهجت
صندوق الدنيا
جريدة الاهرام
الموضوع الاصلي
من روعة الكون