منقول من جريدة الشرق الأوسط .لأستاذي الفاضل مشعل السديري
الجمعـة 28 جمـادى الثانى 1428 هـ 13 يوليو 2007 العدد 10454
طرشان الزفة
قرأت في إحدى الصحف المصرية، أن أحد الأشخاص توجه إلى مبنى وزارة الثقافة، وطلب مقابلة الوزير، وعندما استفسروا منه عن السبب، رفض رفضاً قاطعاً، حيث أن الموضوع مهم وخطير ولا يمكن أن يحكيه لأحد إلاّ للوزير مباشرة، وتحت إلحاحه سمحوا له بمقابلة الوزير، وعندما التقاه أبلغه بعثوره على تابوت مملوء بالذهب الخالص عيار 24، ومجموعة من الآثار الفرعونية والتماثيل النادرة في بلدته بأسوان، وعلى إثر ذلك أعلنت حالة الطوارئ في الوزارة، وألغيت أو أجلت جميع المواعيد وطار الوزير ومعه وكلاء الوزارة وأمين عام المجلس الأعلى للآثار على متن طائرتين إلى أسوان، واستقبلهم المحافظ وصاحبت الجميع قوة كبيرة من أجل الحماية والمحافظة على الكنز حال إخراجه.
وفيما الجميع منطلقون خلف ذلك الرجل المرشد عن الكنز، غافلهم وهرب، حاولوا اللحاق به غير أنه وهو الخبير في أزقة أسوان كان (فص ملح وذاب).
أسقط في يد الوزير ومَن أتى معه، ولا يدري ماذا يصنع، هل يتقدم، لكن إلى أين؟!، هل يعود، هل يضحك، هل يلطم؟!، أخيراً استسلم لهذا (المقلب) البارد وغير المفهوم، وركب الجميع طائرتهم وعادوا إلى القاهرة بعد أن فقدوا يوم عمل كامل، ويقال إنهم أخيراً أمسكوا بذلك (الأفّاق) الذي كانت توجد لديه بطاقة مزورة، واعترف بأنه كان يتوقع أن الوزير سوف يصرف له مكافأة فورية مجزية حال إبلاغه بالخبر، وما علم أنه سوف يركب (بقضه وقضيضه) ومعه هذا الجيش لمشاهدة الكنز الوهمي.
وإذا اعتبرنا أن هذا الشخص لديه هدف مادي، فكيف نفسر تصرف صاحب تاكسي في مدينة الرياض طلب منه بعض الأشخاص الذين وصلوا المدينة ليلاً واستأجروا من المطار سيارة كان يسوقها أحدهم، وحيث أنهم يجهلون أحياء وشوارع المدينة، فقد أوقفوا سيارة تاكسي وأعطوا السائق العنوان الذي يقصدونه وقالوا له امش أمامنا ونحن وراءك وعندما توصلنا ندفع لك أجرتك، فوافق وقال لهم: اتبعوني، وانطلق بهم إلى الحزام الدائري لمدينة الرياض، ويقول أحدهم: إن السائق انطلق في البداية بسرعة عادية ونحن وراءه، وبعد فترة أخذ يزيد سرعته، وكلما زادها زدناها نحن، وكانت إلى حد ما مبلوعة ثم وصلت إلى 120 كيلومترا، ثم 150، ثم 160، وعندما وصلت السرعة إلى 180 خفنا على أرواحنا وأبطأنا من سرعتنا، وأخذنا نشاهد أنوار سيارته الخلفية الحمراء وهي تضمحل إلى أن اختفت عن أنظارنا، فأخذنا العجب بعد هذا الرعب الذي تكبدناه من جراء تلك السرعة الجنونية، وأخذنا نحمد الله على السلامة ونضحك ونضرب كفاً بكف بعد أن قطعنا ما لا يقل عن 70 كيلومترا من دون هدى.
أخذ (طرشان الزفة) يبحثون طوال ليلهم عن العنوان، وبعد أن أعياهم البحث شاهدوا أول فندق وحجزوا فيه (وانخمدوا) وهم يتساءلون عن مصلحة سائق التاكسي من ذلك العمل (العبثي).
فهل مَن تفسير؟!
الموضوع الاصلي
من روعة الكون