هنا وراء الحجب اسرارناالغاتبة صرخاتنا همس في اذن عزيز

هنـا وراء الحُـجُـب أســرارنـا الغائبــة صرخــات هـمـس في أذن عزيــــز

--------------------------------------------------------------------------------


بِـسْـمِ اللَّهِ الـرَّحْـمَـنِ الـرَّحِـيـمِ
الْـحَـمْـدُ لِـلَّهِ رَبِّ الْـعَـالَـمِـيـنَ ، وَالـصَّلَـاةُ وَالـسَّلَـامُ عَـلَـى رَسُـولِـهِ الأَمِـيـنِ
أَمِـا بَـعـدُ
الـسَّلَـامُ عَـلَـيْـكُـمْ وَرَحْـمَـةُ اللَّهِ وَبَـرَكَـاتُـهُ

مـن وسـطِ لـوعـةِ أرامـلِ الـمُـجـاهـديـن ، وأسـرى الـمُـنـاصـريـن ، وأيـتـامِ الـرَّاحِـلـيـن ، أُحـرِرُ لـكـم رسـالـتـي هـذه مـن مـحـبـرةِ دُمـوعِ أيـتـامِـهـم ، وبـشـفـرةِ أنـيـنِ أسـراهـم ، عـلـى ورقـةٍ مِـن دفـاتـرِ ذكـريـات أحـزانِـهـم ، بِـهـا تُـقـام صُـروح الـدَّولِِ الـرَّائـدةِ , وتُـسـتـصـلَـحُ مُـقـومـات الأُمـمِ الـخَـارِبَـة ، وتـتـعـرسُ الـدُّنـيـا ،وتَـشـدو لِـطـلابِـهـا لَـحـن الـعَـاشـقـيـن الآخـرة ، ومَـا هـذا إلا لأنَّ رُوحَـهـا مِـن أُصـولِ الـبَـقـرةِ والـتَّوبَـةِ وإبـراهِـيـم وصَ وقَ ون والـفَـاتِـحـة .


*..**..**..**..**..**..**..**..**..**..**..**..**
*..* آمَـالٌ تـحـتَ الـرِّمَـال *..*
*..**..**..**..**..**..**..**..**..**..**..**..**

تـتـطـلـعُ الأمَـةُ بـجـمـيـعِ أطـيـافِـهـا ، وعـلـى مُـخـتـلـفِ أقـطـارِِهـا وألـوانِـهـا الـيـوم وفـي ظـلِّ الـظُّلـمِ الـعَـالـمِـي الـعَـنـيـد مَـن يُـتـرجـم أمـانِـيـهـا الـمُـبـعـثـرة ، ويـصـرُخُ بِـسـرِّ دواخِـلهـا الـمُـهـدرة ، ويَـفُـكُّ أغـلالَ خُـطـاهـا الـمُـتـعـثـرة ، لِـتـمـتـطـي صَـهـوة الـعَـدلِ آخـذةً بِـخـطـامِ الـعـالـمِ الـمـجـنـون إلـى حـيـث رِحـابِ الـرَّحـاب ، فـي ظـلِّ دولـةٍ رَسَـمَـت أُُلـوهـيـة الـرَّبَّ فـي خُـطـى أبـنـائِـهـا عـلـى صَـفـحـةِ الـعَـالـمِ لِـتـكـونَ رحـمـةً للـعـالـمـيـنَ ، وهِـدايَـةً للـضـالِـيـن ، ومَـحـكـمـةً عَـادِلـة بـيـنَ الـظَّلَـمـةِ والـمَـظـلـومِـيـنَ .


*..**..**..**..**..**..**..**..**..**..**..**..**
*..* هَـنـدسَـةُ الـبِـنَـاءِ *..*
*..**..**..**..**..**..**..**..**..**..**..**..**

إنَّ الـعَـمـلَ لِـبـنـاءِ مَـصـنـعٍ عِـمـلاقٍ لِـهـدفٍ عـظـيـم الِـهـمَّةِ يَـسـتَّصـلِـحُ الأمـم جَـمـعـاء لابُـدَّ مِـن اخـتـيـارِ لَـبِـنَـاتِ قـواعِـدهِ بِـعـنـايـةٍ فـائـقـةٍ لِـحـصـولِ الـمَـأمـول وإلا مـا بُـنـي بـفـاسـدٍ فـهـو كـاسـدٌ فـاسـد ، والـعٌـقـلاءُ لا يَـضـعـونَ لَـبِـنَـةً واحـدةً غـيـر صَـالِـحـة لِـعـلـمِـهـم كَـيـنـونَـةَ مَـصـيـرِهـا أن تَـكـون ثـغـرة خـطـرة فـي صَـرح هَـذا الـمـصـنـع ، فـكـذلـك بِـنـاءُ دولـة تَـحـمِـلُ هـمـومَ الـعـالـمِ بـأسـرهِ لابُـدَّ مِـن اسـتِـصـلاحِ لَـبِـنَـاتِـهـا وتَـعـزيـزِ روابـطِ لـحـمَـتِـهـا لـتـشـمـخَ فـي سـمـاءِ الـعـالـمِ سـامـقـةً مـهـيـبـة ، ولا شـكَّ أنَّ لَـبِـنـات صـرحِ أُمـتـنـا الـيـوم أصـبـحَ هـشـاً وشـفـافـاً قـلـيـل الـمـتـانـةِ رقـيـقُ الـجَـودةِ إلا فـي قـلـةٍ قـلـيـلـةٍ بـسـبـبِ مـا أصـابـهـا مـن قـذائـف شـركـيَّة ، وأَلـغـامِ فِـرقـةٍ حِـزبـيَّة ، وطـلـقـاتٍ بـدعـيَّة ، وذنـوبٍ مُـدمـرةٍ جـذريـة ، سَـلـبـت مِـنـهـا أهـلـيـةَ الـبِـنـاء الـسَّويَّة ، وأفـقـدتـهـا أقـوى روابـطِ أمـشـاجِـهـا الـمـتـيـنـةِ الـقـويَّة ، ومِـن هـنـا يـتـحـتَّّمُ إقـامـة الـتَّوحـيـد فـي كـلِّ خـلايـا الأمـةِ اسـتِّصـلاحـاَ لِـتـمـاسُـكِ لـحـمـتِـهـا وقـوامـاً لـسـبـيـلِ نَـهـجِـهـا ، فـدعـوةُ الأنـبـيـاءِ للـجـهـادِ إنَّمـا هـي لإقـامـةِ الـتَّوحـيـدِ فـي جِـيـنـاتِ الـبـشـرِ كـآفـةً أولاً ، ولِـحـمـى جـنَـابِـه ثـانـيـاً فـلـيـكـن الـشَّعـار " أُوحـدُ لأجـاهِـدَ وأجـاهـدُ لأوحِـد "


*..**..**..**..**..**..**..**..**..**..**..**..**
*..* عـلـى الـطَّريـقِ *..*
*..**..**..**..**..**..**..**..**..**..**..**..**

الـغـرقُ فـي الـتَّفـكـرِ بـدواعـي اسـتـجـمـاع أسـبـابِ الـفـلاحِ والـفـوز بـثـمـراتِ الـنَّجـاح مَـطـلـبُ أهـلِ الـعُـلـو والـرُّتـبِ ، وتـحـقـيـقُ قِـيـامِ الـمَـأمـول لابُـدَّ له مِـن أُصـول ، فـقـيـامُ عَـالـمِ الـدُّنـيـا وزمـامِ فـلاحِ الآخـرة اسـتُـجـمِـعَ فـي أربـعـةِ أحـرفٍ شَـمِـلـت أركـان الـوجـودِ الأربَـعـة ، ولهـا انـقـادت الـدُّنـيـا والآخـرة خـاضِـعـة ، مُـتـمـثـلـةً فـي " تـوحِـيـد " بـتـحـقـيـقِ مـعـنـى لا إِلَـهَ إِلا اللهُ مَـدلـولاً وأركـانـاً وشـروطـاً ونـواقـضـاً بِـأن يُـفـرد اللهُ بـكـلِّ عـبـادةٍ ، ويُـنـفـى مـعـهُ كـلُّ إله ، وأن يُـفـهـم مُـقـتـضـى الـتَّوحـيـد مـع الـيـقـيـن بِـألـوهـيـة الـرَّبِّ ، وقَـبـول ذلـك رضـاً يـقـتـضـي قـبـولَ الـشِّرعـةِ انـقـيـاداً لأمـرٍ الـمـعـبـود ونـهـيـهِ ، مُـصـدقـاً بـكُـلِ ذلـك ، مُـخـلـصـا فـي إفـرادِ عـبـادتـهِ لهُ فـي كـلِّ حَـالـك ، مـعَ الـمَـحـبَّةِ واتـقـاء شَـرَكِ الـمـهَـالـك ، فـمـن سَـلـك هـذا الـسَّبـيـل فـهـو عـلـى مَـطـيـةِ الـنُـور الـتـي تـنـتـهـي تـحـت ظـلِّ الـعَـرش ، مـع الـمُـرور عـلـى مُـلـك الـدُّنـيـا ، وتـكـون سُـرعـةُ الـوصـولِ وتـحـقـيـقِ عـظـيـمِ الـمـلـك الـمـأمـولِ بـقـدرِ تـحـقـيـقِ مُـقـتـضـى الـحُـروف .


*..**..**..**..**..**..**..**..**..**..**..**..**
*..* ورقـةٌ مِـن أحـروفِ الـتَّوحـيـدِ *..*
*..**..**..**..**..**..**..**..**..**..**..**..**

إنَّ مِـن شُـروطِ لا إلهَ إلا اللهُ " الـيَـقـيـنُ " فـهـذهِ الـكـلـمـة الـرُّبـاعـيَّة الألـفـيَّةَ ، هـي حَـرمُ الـطَّهـارةِ الـقـلـبـيَّة ، ومَـسـجِـد الـعـبـادات الأصـلـيّـة ، ومـنـارةُ الإمـامـة الـسَّويَّة ، هـي مـطـلـبُ الأنـبـيـاء ، ومُـبـتـغـى الأتـقـيـاء ، ورحَـمـةُ إله الـسـمـاء ، هـي طـريـقُ الـسَّعـادةِ بـحـق ، والـفـوزُ بـالـجـنَّةِ بِـصـدق ، ومـلاكُ الأرض بـيـقـيـن ، قـال صَـلـى اللهُ عـلـيـهِ وسَـلـم " سَـلـوا اللهَ الـعَـفـوَ والـعَـافِـيـةَ فـإنَّ أحـداً لَـم يُـعـطَ بـعـدَ الـيـقـيـنِ خـيـراً مِـن الـعَـافـيـة " رواه أحمد وهو صحيح وقـالَ عـلـيـه الـصـلاةُ والـسَّلام " صَـلاحُ أول هـذهِ الأمَّةَ بِـالـزُّهـدِ والـيَـقـيـن ويَـهـلَـكُ آخِـرهـا بـالـبـخـلِ والأمَـل " رواه أحمد وهو حسن قـال ابـن مـسـعـودٍ رضـي الله عـنـه كما عند البخاري " الـصَّبـرُ نـصـفُ الإيـمـان والـيـقـيـنُ الإيـمـانُ كـله " قـالَ ابـن الـقـيـمِ رحـمـهُ الله في مدارجه :" الـيـقـيـنُ مِـن الإيـمـان بـمـنـزلـةِ الـرُّوحِ مـن الـجـسَـد، وبِـهِ تـفـاضـلَ الـعَـارفـونَ، وفِـيـه تـنـافـسَ الـمُـتـنـافـسـون، وإلـيـه شـمـرَ الـعـامِـلـون .
وله ثـلاثُ مـراتـب كُـلهـا فـي الـكِـتـابِ ، عِـلـمُ يـقـيـنٍ ، وعَـيـنُ يَـقـيـنٍ ، وحـقُّ يـقـيـنٍ ؛ وأمـثـلـةُ ذلـك كـقـولِ مَـوثُـوقٍ إنَّ وراءَ الـبـابِ عـسـل فـكـان هـذا عِـلـمُ يـقـيـنٍ ، فـذهـبـتَ فـنـظـرتَ الـعَـسـل فـكـان هـذا عَـيـنُ يـقـيـنٍ ، ثـم تـذوقـتَ فـكـان هـذا حـقُّ يـقـيـنٍ ، فـالـيَـقِـيـنُ الـعِـلْـم وإزاحـةُ الـشَّكِ وتـحـقـيـقُ الأَمـرِ ، ومـرتـبـةُ الـيـقـيـنِ هـي أعـلـى مـراتـبِ الـعِـلـم مُـطـلـقـاً ، فـإنَّ الـذي عَـلـم بـالـخـبـرِ الـصَّادقِ أن وراء الـبـاب عَـسـلاً لـيـس كَـمـن شَـاهـدَ بِـعـيـنـهِ ، ومـن ذَاقَ لـيـس كَـمـن عَـلِـمَ وشَـاهـد ، فـمـرتـبـةُ الـذَّوقِ تـشـمـلُ الـمـراتـب الـثـلاثـة مِـن عِـلـمٍ ومُـشـاهـدةٍ وذوق ، والـيـقـيـنُ مِـن أعـمَـالِ الـقـلـوب فـكـمـا أنـكَ تـرى بِـعـيـنـكَ الـمُـجـسـمـات فـإنَّك تـرى بِـالـيـقـيـنِ الـمُـغـيـبـات كـإخـبـارِ الله عـن نـفـسـهِ مِـن أسـمـاءٍ وصـفـات وإخـبـارهٍ عـن جـنـتـهِ ونـارهِ وقـضـائـهِ وقَـدرهِ وحِـكـمـتـه وتـدبـيـرهِ وعِـلـمـه ورزقِـه فـإذا اسـتـقـرَّ الـيـقـيـنُ فـي الـقـلـبِ كـان بـمـثـابـةِ مـيـكـروسـكـوبـاً يـنـظـر مـن داخـلِ الـقـلـب إلـى عَـالـمِ الـغـيـبِ فـتـعـبَـد اللهَ كـأنـك تَـراه كَـمـا أنَّ الـعـيـن تـنـظـرُ مِـن داخـلِ الـرَّأس .


*..**..**..**..**..**..**..**..**..**..**..**..**
*..* مَـجـالِـسٌ وراء الـحُـجُـبِ *..*
*..**..**..**..**..**..**..**..**..**..**..**..**

انـتـقـلُ بِـكَ أيُّهـا الـقـارئُ الـكـريـم إلـى هُـنـاك حـيـث وراء الـحُـجـبِ لـنـكـتـشـفَ رجـالاً تـعـامـلـوا مـع الـغـيـبِ مُـبـاشـرة ومُـشـاهـدةً حَـيَّة فـسـجـلـوا فـي عَـالـمِ الـيـقـيـنِ أروع أمـثِـلـة ، وأبـرعَ مُـحـصِّلـة ، فـهـذا إبـراهـيـمُ عـلـيـه الـسَّّلام نـظـرَ بِـعـدسـةِ يـقـيـنـه فـرأى كـلَّ غـيـبٍ شـهَـادة فـأمـرهُ الله أن يَـدَعَ زوجـتَـه وابـنَـه فـي وادٍ غـيـرِ ذي زرعٍ فـلـم يـتـردَّد ، وأوحـى إلـيـه بِـذبـحِ ابـنـهِ فـلـم يـتـقـيَّد ، وأوقـدوا له الـنَّار فـلـم يـتـهـدد ، وسـمـعَ إسـمـاعـيـلُ مِـن أبـيـه أنَّ اللهَ يـريـدُ مـنـه ذبـحـه فـبَـالـغَ فـي الـطَّاعـة يَـقـيـنـاً وأراد أن يُـوصِـلَ إلـى أبـيـه رسـالـةً مُـهـمـةً جـدا قـبـلَ أن يَـطـلَـبـهـا إبـراهـيـم لِـيُـطـمِـنـه بـقـولهِ " سَـتَـجِـدُنِـي إِنْ شَـاءَ اللَّهُ مِـنَ الـصَّابِـرِيـنَ " ولَـم يـتـودَّد ، ورأى عُـمـيـر بـن الـحـمـام الـجَـنَّةَ بـعـدسـةِ يـقـيـنـهِ يـوم سـمـعَ نـبـي اللهِ صـلـى اللهُ عـلـيـهِ وآلِـه وسَـلـم يـقـولُ « قُـومُـوا إِلَـى جَـنَّةٍ عَـرْضُـهَـا الـسَّمَـوَاتُ وَالأَرْضُ ». فـقَـالَ عُـمَـيْـرُ بْـنُ الْـحُـمَـامِ الأَنْـصَـارِىُّ يَـا رَسُـولَ اللَّهِ جَـنَّةٌ عَـرْضُـهَـا الـسَّمَـوَاتُ وَالأَرْضُ قَـالَ : نَـعَـمْ فَـقَـالَ بَـخٍ بَـخٍ . فَـقَـالَ رَسُـولُ اللَّهِ -صـلـى الله عـلـيـه وسـلـم « مَـا يَـحْـمِـلُـكَ عَـلَـى قَـوْلِـكَ بَـخٍ بَـخٍ ؟ ». قَـالَ لاَ وَاللَّهِ يَـا رَسُـولَ اللَّهِ إِلاَّ رَجَـاءَ أَنْ أَكُـونَ مِـنْ أَهْـلِـهَـا. قَـالَ « فَـإِنَّكَ مِـنْ أَهْـلِـهَـا ». فَـأَخْـرَجَ تَـمَـرَاتٍ مِـنْ قَـرْنِـهِ فَـجَـعَـلَ يَـأْكُـلُ مِـنْـهُـنَّ ثُـمَّ قَـالَ لَـئِـنْ أَنَـا حَـيِـيـتُ حَـتَّى آكُـلَ تَـمْـرَتِـى هَـذِهِ إِنَّهَـا لَـحَـيَـاةٌ طَـوِيـلَـةٌ قَـالَ ثُـمَّ رَمَـى بِـمَـا كَـانَ مَـعَـهُ مِـنَ الـتَّمْـرِ ثُـمَّ قَـاتَـلَـهُـمْ حَـتَّى قُـتِـلَ .
وِرأى الإعـرابـيُ بـيـقـيـنـهِ حُـلَـل الـجـنَّةِ فـأعـطَـاهُ الـصَّحـابـة فـي غـزوةٍ مـن الـغـزوات نَـصـيـبَـه مِـن الـغـنـيـمـةِ فَـأَخَـذَهُ فَـجَـاءَ بِـهِ الـنَّبِـيَّ صَـلَّى اللَّهُ عَـلَـيْـهِ وَسَـلَّمَ، فَـقَـالَ: يَـا مُـحَـمَّدُ مَـا هَـذَا؟ قَـالَ:"قَـسَـمٌ قَـسَـمْـتُـهُ لَـكَ"، قَـالَ: مَـا عَـلَـى هَـذَا اتَّبَـعْـتُـكَ، وَلَـكِـنِّي اتَّبَـعْـتُـكَ عَـلَـى أَنْ أُرْمَـى هَـهُـنَـا، وَأَشَـارَ إِلَـى حَـلْـقِـهِ، بِـسَـهْـمٍ، فَـأَمُـوتَ فَـأَدْخُـلَ الْـجَـنَّةَ .
ورأى الأنـصـارُ بِـهـا يَـوم أرادَ الـنـبـيُ صَـلـى اللهُ عـلـيـهِ وسَـلـم أن يُـقـطِـعَـهـم الْـبَـحْـرَيْـن وَأَرَادَ أَنْ يَـكْـتُـبَ لَـهُـمْ بِـهَـا كِـتَـابًـا فَـقَـالُـوا لاَ حَـتَّى تُـعْـطِـىَ إِخْـوَانَـنَـا مِـنْ قُـرَيْـشٍ مِـثْـلَـهَـا .

ورأى الـصَّديـقُ بِـنـفـسِ الـعَـدسـةِ فـأتـي بِـكـلِّ مَـالهِ ، ولَـم يُـبـقِ مِـنـهُ شَـيـئـاً لِـعـيَـالِـه ، ورأى حَـنـظـلـةَ ربـوعَ الـجـنَّة بِـهـا ، فـطَـارَ قـبـلَ غُـسـلِ الـجـنَـابَـة لِـسـوقِـهـا ، ونَـظـرَ مِـن خِـلالهـا سَـعـد فَـعـبـرَ الـنَّّهـر الـعَـمـيـق بِـخـيـلِـهِ يـقـيـنـاً بِـالـوعـد .

ورأى هِـشـام بـن عـبـد الـمـلـك حَـفـيـدَ عـمـرَ رضـي الله عـنـهُ عـنـدَ الـكـعـبـة فـقـالَ له سَـلـنـي فـقـالَ الـحـفـيـدُ مِـن أمـورِ الـدُّنـيـا أم مِـن الآخـرةِ ؟ قـالَ هـشـام بـل مِـن أمـورِ الـدُّنـيـا فـقـالَ حـفـيـدُ عـمـرَ : مَـا سـألـتُـهـا مِـمَـن يِـمـلِـكُـهـا فَـيـكـفَ أسـألُـهَـا مَـن لا يَـمـلِـكُـهـا ؟!
فـبِـالـيـقـيـنِ تَـسـتـقـيـمُ الـدُّنـيـا وتـصـلـحُ الآخـرة ، والـقـيـامُ بـعـمـلٍ يَـسـيـرٍ خـفـيٍّ يُـبَـلِّغ الـجـنَّة خـيـرٌ مـن مُـلـكٍ مـشـهـورٍ كَـبـيـرٍ لا يُـبـلِّغـهـا ، فـالـقـصـدُ الـبـلـوغ فـمَـن أيـقـنَ بِـهـذا سَـلِـمَ واطـمـئـنَّ وتـنـاثـرَ ثَـمـرهُ حـيـثُـمـا حـلّ .


*..**..**..**..**..**..**..**..**..**..**..**..**
*..* إرسـاءُ رَكِـيـزةِ الـمُـهـمـات *..*
*..**..**..**..**..**..**..**..**..**..**..**..**

الـوِحـدةُ تـحـت مـظـلـةَ الـتَّوحـيِـد عـلـى طـريـقـةِ مـحـمـدٍ صـلـى اللهُ عـلـيـهِ وسَـلـم بِـصـدقِ نِـيـةٍ وسـلامـةِ سـريـرةٍ سـلاحُ الأتـقـيـاء الـذي لا يُـقـهـر ، ودرعـهـم الـذي لا يُـكـسَـر ، فـبـهـا تُـجـلـبُ الـقـوة ، وتـبـنـى الـمـمـالـك الـمـرجـوة ، والـفـرقـةُ عَـكـسُ ذلـك قـال تـعـالـى " وَلاَ تَـنَـازَعُـواْ فَـتَـفْـشَـلُـواْ وَتَـذْهَـبَ رِيـحُـكُـمْ " ولـو تـأمـلَ الـمـسـلـمُ هـذه الآيـةَ لـوجَـدَ فـيـهـا مـنـهـجٌ جـامـعٌ مـتـكـامـلٌ فـي خَـلـقِ صُـروحِ الـقُـدرةِ والـمَـلَـكـةِ ، فـمـنـطُـوقـهـا يُـخـبِـرُ أنَّ الـتـنـازعَ هـو مَـصـنَـعٌ لـقـنـبـلـةِ الـفََشـلِ ، والـفـشـلُ هـو مـحـرقـةٌ الـجـهـود الـمـتـمـثـلـةَ فـي بِـنـاء الـمـمَـالِـكِ والـدَّول ، وأرسـى مـصـانـعِ الـزَّلل ، وأمَّا مـفـهُـومُـهـا أنَّ الـوِفـاق والـوِحـدة درعٌ مـضـادٌ لِـقـنـابـلِ جـيـشِ الـفَـشـل ، ومـصـنـعٌ لـبـلاغِ ذروةِ الـنَّجـاح إلـى عَـالـمِ الأمـل ، بِـتـحـقـيـقِ مـمـالِـك الـدُّنـيـا وأعـلـى مـراتـبِ الأخـرى ، فـلـيـعـلـم أنـصَـارُ الـدِّيـن هـذا ولـيـتـأمـلُـوه .


*..**..**..**..**..**..**..**..**..**..**..**..**
*..* كـيـفَ الـوصـولُ إلـى الـجَـمـاعَـةِ ؟ *..*
*..**..**..**..**..**..**..**..**..**..**..**..**

قـال اللهُ " وَأَلَّفَ بَـيْـنَ قُـلُـوبِـهِـمْ لَـوْ أَنْـفَـقْـتَ مَـا فِـي الْـأَرْضِ جَـمِـيـعـاً مَـا أَلَّفْـتَ بَـيْـنَ قُـلُـوبِـهِـمْ وَلَـكِـنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَـيْـنَـهُـمْ " والـسـؤالُ الـكـبـيـرُ كـيـفَ ألَّفَ الله بـيـنـهـم ؟ وهُـنـا يَـأتـي الـجَـوابُ مِـنـه صَـلـى اللهُ عـلـيِـه وسَـلَـم بـقـولهِ بَـعـدَ غـزوةِ حُـنـيـنٍ للأنـصـار " يَـا مَـعْـشَـرَ الْـأَنْـصَـارِ أَلَـمْ أَجِـدْكُـمْ ضُـلَّالًـا فَـهَـدَاكُـمْ اللَّهُ بِـي وَكُـنْـتُـمْ مُـتَـفَـرِّقِـيـنَ فَـأَلَّفَـكُـمْ اللَّهُ بِـي ...؟ " رواه الـبُـخـاري فـإذا كـانَ الـنَّبـيُ صـلـى اللهُ عـلـيـهِ وسَـلـمَ هـو سـبـبُ الألـفـةِ آنـذاك فَـمَـن يـكـونُ الـيـوم ؟ الـجـوابُ أيـضـاً الـنَّبـيُ صَـلـى اللهُ عـلـيـهِ وسَـلـم وأمَّا كَـيـف ؟ فَـهـذا هـوَ بَـيـتُ الـقَـصِـيـدِ فأرعِني أيَّها القَارِئُ فُؤادكَ ؛ فـمِـنَ الـمَـعـلـومِ أنَّ مِـن أهـلِ الـدَّنـيـا تـتـآلـف قـلـوبـهـم عـلـى حُـبِّ الـدُّنـيـا فـتـجـمـعَـهـم وتـفـرقَـهـم ، فـمَـتـى تَـحـقـقَـت الـمَـصـلـحـة الـدُّنـيـويِّة تَـحـقـقـت الأُلـفـة والـمُـوادعـة ، ومَـتـى انـتـفـت أو تـضَـادت ذَهـبـت مَـعـهـا كُـلّ آُلـفـةٍ ، وتـلاشـت كُـلّ مَـحـبِـة ، وكَـذا أهـلُ الـبـلـدِ الـوَاحـدِ أو الـقَـبـيـلـةِ تَـجـمـعُـهـم روابِـط الأرضِ أو الـنَّسَـبِ ورُبـمـا تُـفـرِقـهـم ، وكُـلُّ مـا ذُكِـرَ مِـن مـصـالِـحِ دُنـيـا وروابـطِ بُـلـدان مُـنـتـهـيـةٌ ، فـمِـن هُـنـا تـتـضـحُ الـصُّورة أنَّ الـمَـحـبـوبَ جَـامِـعُ الـمُـحـبـيـن عَـلـيـهِ ، فـعُـشـاقُ الـدُّنـيـا تَـجـدُهـم يـتـفَـانـون عـلـى مَـائِـدتِـهـا وهـي مَـجـمَـعُـهـم إذ يَـجـتـمـعـونَ على حُـبِّهـا ، ويـسـتَـأنِـسـونَ بـهـا اسـتـئـنـاسـا أَمَـدُهُ زَمـنُ الـمَـصـلـحَـةِ ، فـكـذلِـكَ مَـن أحـبَّ اللهَ ورسُـولَـه وأحـبَّ دِيـنَـه وقـتـهَـا يَـجـمـعُـهـم هـذا الـحُـبُّ جَـمـعـاً صَـخـريَّاً بِـسـبـبِ أنَّ الـحُـبَّ كـانَ أبـعـد مَـا يَـكـون عـن الـمَـصـالِـح ، وهـوَ دَائِـمٌ لِـديـمُـومَـةِ وجـودِ الـمَـحـبـوب الـجَـامِـع والـمُـتـمـثِـلُ فِـي كِـتـابِ ربِـنـا وسُـنَّةِ نَـبـيـنـا صَـلـى اللهُ عـلـيـهِ وسَـلـمَ .


*..**..**..**..**..**..**..**..**..**..**..**..**
*..* عَـقـبـةٌ تـحـولُ دونَ الـجَـمـاعـة *..*
*..**..**..**..**..**..**..**..**..**..**..**..**

إذا ضَـعُـفَ يـقـيـنُ الـعـبـدِ فـأصـبـحَ لا يـبـصـرُ إلا بـعـيـنِ رأسِـهِ قـاتـلَ عـلـى مـا يـرى بـعـيـنـهِ ، بـيـنـمـا مِـن رأى الـجـنَّةَ بـعـيـنِ قـلـبـهِ تـعـجـبَ مِـن تـقَـاتُـلِ الـنَّاسِ عـلـى جِـيـفـة ؛ فـالـدُّنـيـا جـيـفـةٌُ ؛ وهـي زادٌ لـطُـلابٍ الـرِّمـامِ تـأنـفًـهـا بـصـائـرُ الأفـئـدةِ الـنَّقـيِّة ، وتـسـتـعـيـبـهـا طِـبـاعُ الـخـلـق الـسَّويِّة ، وهـذه الـجـيـفـةُ هـي الـعَـقـبَـةُ ُالـفـاجـعـةُ والـحُـفـرةُ الـبَـالـعـة فـي طـريـقِ الـطَّالـبـيـن والـمُـؤمـلـيـن ، مِـن قَـصـدَهـا كَـادتـه ، ومَـن ذاقـهـا بَـلـعـتـه ، ورحِـمَ الله مَـن قـالَ " الـدُّنـيـا جِـيـفـةٌ فـمـن أرادهـا فـلـيـصـبِـر عـلـى مُـخـالـطـةِ الـكِـلاب " ويَـكـفـي فِـيـهـا قَـولَ مـولانـا جـلَّ جَـلاله ** اعْـلَـمُـوا أَنَّمَـا الْـحَـيَـاةُ الـدُّنْـيَـا لَـعِـبٌ وَلَـهْـوٌ وَزِيـنَـةٌ وَتَـفَـاخُـرٌ بَـيْـنَـكُـمْ وَتَـكَـاثُـرٌ فِـي الْـأَمْـوَالِ وَالْـأَوْلادِ كَـمَـثَـلِ غَـيْـثٍ أَعْـجَـبَ الْـكُـفَّارَ نَـبَـاتُـهُ ثُـمَّ يَـهِـيـجُ فَـتَـرَاهُ مُـصْـفَـرّاً ثُـمَّ يَـكُـونُ حُـطَـامـاً وَفِـي الْـآخِـرَةِ عَـذَابٌ شَـدِيـدٌ وَمَـغْـفِـرَةٌ مِـنَ اللَّهِ وَرِضْـوَانٌ وَمَـا الْـحَـيَـاةُ الـدُّنْـيَـا إِلَّا مَـتَـاعُ الْـغُـرُورِ } فـالله لا يُـريـدهـا لأولـيَـائِـه قـالَ سُـبـحَـانَـه ** تُـرِيـدُونَ عَـرَضَ الـدُّنْـيَـا وَاللَّهُ يُـرِيـدُ الْـآخِـرَةَ } فـتـنـافـسـهـا سـبـبُ كُـلِّ مُـصـيـبـة ، ومـنـبـعُ كُـلِّ فُـرقـة ، وأسـاسُ كـلِّ هَـلَـكـة قـالَ نـبـيُ اللهِ صَـلـى اللهُ عَـلـيـهِ وسَـلـم " وَلَـكِـنِّي أَخْـشَـى عَـلَـيْـكُـمْ الـدُّنْـيَـا أَنْ تَـنَـافَـسُـوا فِـيـهَـا وَتَـقْـتَـتِـلُـوا فَـتَـهْـلِـكُـوا كَـمَـا هَـلَـكَ مَـنْ كَـانَ قَـبْـلَـكُـمْ " رواه مـسـلـم


*..**..**..**..**..**..**..**..**..**..**..**..**
*..* ومَـا فِـيـيـنَّا مِـنَّا بِـبـعِـيـد *..*
*..**..**..**..**..**..**..**..**..**..**..**..**

لـقـد وصَـلَ الـجـيـشُ الـعـثـمـانـيُ إلـى أسـوارِ فـيـيَّنـا عـاصـمـةِ الـنِّمـسـا صَـدرُ أُوربـا، مُـبـتـلـعـاً مِـئـات الـمُـدن الـحـصِـيـنـة ، مـتـجـاوزاً كـلَّ الـعـقـبـاتِ الـمَـتـيـنـة ، راسِـيـاً بِـخُـطـاه الـثـابـتـة يُـحـاكـي الـجِـبـالَ الـرَّزيـنـة ، ولـكـن جَـاءت الـدُّنـيـا الـتـي تُـفـرقُ بـيـن الـمَـرءِ وأبـيـه ، والأخِ وأخـيـه ، فـدكَّت مـعـاقِـلَ قـلـوبِـهـم ، واسـتـقـرت فـي مـواقِـعِ إيـمـانِـهـم ، فـصَـنـعـوا عَـاراً فـي جَـبـيـنِ الـتَّاريـخِ لا يـغـسِـلهُ الـدَّهـر ، فـفـي الـ19 مِـن رمـضـانَ الـ11 مِـن سـبـتـمـبـر وبـعـدَ الاسـتـيـلاءِ عـلـى الـوريـدِ الأوربـي " جِـسـرُ الـدونـة " آيـس الأوربـيـون مـن فـيـيـنَّا ، بـعـد حـصَـارٍ قـاربَ الـ 60 يـومـاً وفـي اللَّحـظـاتِ الأخـيـرةِ وعِـنـد أسـوارِهـا سَـلَّـم الأوربـيـون الـقـيـادةَ إلـى الـمَـلـكِ سـوبـيـاسـكـي لـيـقـودَ الـمَـعـركـة الـحـاسِـمـةَ فـي اسـتـردادِ هـذا الـجِـسـر الـذي مِـن خِـلالهِ تـعـودُ الـحـيـاةُ إلـى فـيـيـنَّا مِـن خِـلال الإمـدادات الأوربـيَّة الـقَـادِمَـةَ ، فـفـطِـن الـقَـائـد الـعُـثـمـانـي لِـهـذا فـأوكَـلَ مُـهـمـة حَـمـايـة الـجِـسـر إلـى الـمُـجـرم حَـاكـم الـقـرم " مُـراد كـيـراي " وكَـانَ كُـلٌّ مـنـهـمـا يَـكـره الآخـرَ فَـكـرِهَ مُـرادٌ أن يُـسـجـل فـتـحُ فـيـيـنَّا بـاسـم الـقـائـد مُـصـطـفـى بَـاشـا ، كُـلُّ ذَلِـك مُـنـافـسـة الـدُّنـيـا عـلـى حِـسـابِ الآخـرةِ والـدمـاءِ والإسـلام ، فـتـقـدم الأوربـيـون بـجـيـوشِـهـم نـحـو الـجِـسـر فـلـم يُـحـرِك " مُـراد كـيـراي " سـاكـنـاً واكـتـفـى بـالـتـأمـل ، فـعـبـروا بـسـلامٍ كـامـلٍ فـتـفـاجـئ الـمـجـاهـدون بـالـمـددِ بـيـن أعـيـنـهـم ، وانـشـغـلَ بـعـضُ الـجـيـش بـحـمـايـةِ الـغـنـيـمـة عـن الـجـهـادِ والـبـعـضُ بـمـزاولـةِ الـمـعـصـيـةِ ، فـقُـتـلَ بـسـبـب الـمَـخـزي كـيـراي وتـنـافـسِ الـدُّنـيـا أكـثـر مِـن عـشـرةِ آلافِ مـجـاهـد عـثـمـانـي ، فـاضـطـر الـقـائـدُ أن يـنـسـحـبَ مِـن قـلـبِ الهـزيـمـةِ بَـعـد الـنَّصـر بـانـحـسَـارِ رُقـعـةِ الإسـلامِ وآلاف الـقـتـلـى ، والـسـرُّ فـي هـذا أن الله لا يـقـبـلُ أمـثـالَ هـؤلاء أن يـكـونـوا حـمـلـة لِـرسـالـتِـه .


*..**..**..**..**..**..**..**..**..**..**..**..**
*..* مَـعـمَـلٌ إِلـكـتـرونـي لإنـتـاجِ الـفُـرقَـة *..*
*..**..**..**..**..**..**..**..**..**..**..**..**

كَـمَـا أنَّ اللهَ ألَّفَ بـيـن أصـحـابِ الـنَّبـي صَـلـى اللهُ عـلـيـهِ وسَـلـم بـتـدبـيـرهِ بِـسـبـبِ تـوقِـيـرهِـم لِـنـبـيـهـم ، وامـتـثـالِـهـم أوامـرِ ربِـهـم ، فـإنَّ هُـنـاكَ مَـعـمَـلاً إلـكـتـرونـيـاً ربـانـيـاً يَـعـمَـلُ مُـبـاشـرةً حِـيـنـمـا تـتـوقـف تَـطـبـيـقـات بـعـضُ الأوامـر الـنَّبـويَّة الـرَّبـانـيَّة ، فـهـي بِـمـثـابـةِ الـوقـودِ لهـذا الـمَـعـمـل ، فـيـنـتـجُ عَـداوةً مـسـتـودعـهـا الـقُـلـوب ، وفـرقـةً مـقـامُـهـا الـصُّفـوف ، قَـال اللهُ تـعـالـى " ** وَمِـنَ الَّذِيـنَ قَـالُـوا إِنَّا نَـصَـارَى أَخَـذْنَـا مِـيـثَـاقَـهُـمْ فَـنَـسُـوا حَـظّـاً مِـمَّا ذُكِّرُوا بِـهِ فَـأَغْـرَيْـنَـا بَـيْـنَـهُـمُ الْـعَـدَاوَةَ وَالْـبَـغْـضَـاءَ إِلَـى يَـوْمِ الْـقِـيَـامَـةِ } قـال ابـنتَـيـمـيـةَ رحـمَـه اللهُ تَـعـالـى : " وهَـذا الـتَّفـرِيـقُ الـذي حَـصـلَ مِـن الأئـمـةِ عـلـمـائِـهـا ومـشـائِـخِـهـا وأُمـرائِـهـا وكُـبـرائِـهـا هـو الـذي أوجـبَ تَـسـلـط الأعـداء عَـلـيـهـا ، وذلـك بِـتـركِـهـم الـعَـمـلَ بِـطـاعـةِ الله ورسـولِـهِ ، كَـمَـا قَـال تَـعـالـى ** وَمِـنَ الَّذِيـنَ قَـالُـوا إِنَّا نَـصَـارَى أَخَـذْنَـا مِـيـثَـاقَـهُـمْ فَـنَـسُـوا حَـظّـاً مِـمَّا ذُكِّرُوا بِـهِ فَـأَغْـرَيْـنَـا بَـيْـنَـهُـمُ الْـعَـدَاوَةَ وَالْـبَـغْـضَـاءَ } فَـمـتـى تَـركَ الـنَّاسُ بَـعـضَ مَـا أمـرَهُـم اللهُ بِـه وقـعـت بـيـنـهـم الـعـداوة والـبـغـضـاء .أهـ
فِـمـن هُـنـا يـتـبـن لـنـا أنَّ حِـزامَ أمـانِ الـجَـمـاعـة هـي طـاعـةُ الله ورسـولهِ يـا أمـة الإسـلام ، وفـتـحُ الـبـابِ لـتـرك الـطَّاعـةِ هـو فـتـحٌ للـحـزام الـمُـفـضِـي إلـى تَـبـعـثُـرِ الـجَـمَـاعَـة ، وبِـقـدرِ الـمَـعـصـيـةِ كَـمَّاً وحًـجـمـاً تـكـون فـتـحـةُ الـحِـزام وتـفـرُّقُ الأنَـامِ ، فـتـنـبـهـوا يـا أنـصـارَ الـدِّيـن .


*..**..**..**..**..**..**..**..**..**..**..**..**
*..* هَـمـسـاتٌ فـي أُذنِ مُـجـاهـدٍ .. الأُولـى *..*
*..**..**..**..**..**..**..**..**..**..**..**..**

لـمَّا قَـام الـعَـدو الـصَـلـيـبـي بِـظُـلـمِـهِ ، فـاغـتـصَـبَ الأرض والـعَـرض ، وجـنَّدَ أكـثـر الـخَـلـقِ لـصـفِـهِ ، وتـسـارعـت الـفـتـاوى فـي حُـرمَـةِ الـنَّفـيـر ، وعُـبِّدَ الإعـلام لإعـلان أن الـذاهـبَ قـتـيـلٌ أو أسـيـر ، وعـلـى مـا يـنـتـظـره مِـن سُـوءِ مـصـيـر ، قـام صـفـوةٌ مِـن الـسَّادةِ بِـالـنَّفـيـر لا يـلـوون عـلـى شـيءٍ ، ولا يـسـمـعـونَ لِـشـيء ، وحَـالُـهـم مَـعَ حَـالِ أبـنـائـهـم وأزواجِـهـم هـو حـالُ إبـراهـيـم مَـع إسـمـاعـيـل وأُمِّهِ بـوادٍ غـيـرِ ذِي زرعٍ ، حـتـى قَـرَّت أعـيـنـهـم بـرؤيـاكـم وهـانـت الـدُّنـيـا للـقـيـاكـم ، فـفـضـلـوا الـمَـوتَ بَـيـنَ أيـدِيـكُـم اسـتـجـابـةً لأمـرِ ربِـهـم فـي الـدِّفـاعِ عـن ديـنِـهـم وحـرائـرِ الـمـسـلـمـيـن ومـقـدسـاتِـهـم ، تـاركـيـن عـفـيـفـاتٍ وصـبـايـا يـتـضـاغـونَ جـزعـاً وألـمـاً مِـن ورائِـهـم / ولـعـلـكـم لـم تَـسـمـعـوا عَـن امـرأةٍ مُـصـابـة بِـالـسَّرطـان تـقـولُ لابـنِـهـا الـوحِـيـد انـفِـر وفـي الـجَـنِّةِ الـمُـلـتـقـى ، وتـالله لـقـد تـوفـاهـا الله صَـابـرةً عـلـى بُـعـد فـلـذةِ كـبـدِهـا مُـكـابـدة لِـحـرِّ آلامـهـا... ولـم يـنـتـهـي الـحـديـث هـنـا بَـل مِـن هُـنـا أبـتـدئ قِـصـتَـهـم مِـن هُـنـا فـقـط حـيـثُ إنَّ اللهَ قـضـى أمـرَهُ بـأخـذِهـم إِلـيـهِ كَـرامـةً ومِـنَّة ، لـقـد ذهـبـوا بـأرواحـهـم ولُـحـومِـهـم فـعـادوا إلـى أهـلـيـهـم بـرنَّة هـاتـفٍ مُـرتـقـبـةٍ تُـخـبـرهـم احـتـسـابَـهُ ، أو ورقَـةٍ تـتـضـمـنُ وصـيـتَـه ، فـكـفـكـفـت الـمِـئـاتُ دُمـوعـهـنَّ لـيـبـدأن حـيـاة الإنـظـمـام لِـقـوافِـلِ الأرامِـلِ بِـصُـحـبَـةِ الأيـتـام فـي ظِـلِّ أنـظـمَـةٍ تُـعـاقِـبُ الـمُـتـعـاونَ مَـعـهـنَّ أو يـكـون مـظـنَّة خَـطـرٍ ، صـابـراتٍ مـحـتـسـبـاتٍ وداعـيـاتٍ لـكـم بـنـصـرٍ يـكـونُ لهـنَّ بِـه عِـزة وكـرَامـة .


*..**..**..**..**..**..**..**..**..**..**..**..**
*..* الهـمـسَـةُ الـثَّانِـيـة *..*
*..**..**..**..**..**..**..**..**..**..**..**..**

وفـي ظِـلِّ الـظُّروفِ الـمَـذكُـورةِ آنـفـاً بَـقـيَ مِـن الـخـلـقِِ صَـفـوةٌ لا يـفـتـأونَ فـي جـمـعِ الـمَـالِ لـكـم ، يـتـكـلـمـون عـنـكـم وأعـيـنـهـم تَـقـطُـرُ ألـمـاً وربِّ الـكـعـبـة ، فـنَـاصـحَـهـم الـنَّاس بـالـبُـعـدِ عـنـكُـم والانـتـهـاءِ عـن الـجَـمـعِ لَـكُـم كَـي لا يَـطُـولهـم غَـضـبُ أنـظـمـتِـهـم فَـلـم يَـأبـهـوا بِـنـاصِـحـيـهـم ومَـضـوا لَـيـلَ نـهـار يَـجـمـعـونَ مـا تـيـسـرَ مـنـاصـرةً لـكـم مِـن غـيـرِ تـخـصـيـصٍ لـتـنـظـيـمٍ أو فًـصـيـلـةٍ أو جَـمـاعـة , ولـكـن لِـمـجـاهـدي الأمَّة فـحـسـب ، فـكـاَن مَـصـيـرُهـم الأسـرُ سِـنـيـن لا يُـعـرفُ لهـا عـدد ولا يُـقـدرُ لهـا مَـدد بِـغـيـرِ رحـمـةٍ أو شَـفـقـةٍ ، أوحِـفـظِ حَـقِّ أو مُـحَـاكَـمـة ، وكـأن الـتَّعـامـل مـعـهـم هـو الـتَّعـامـل مَـع مَـن لا يَـرقَـى إلـى مُـسـتـوى الـحـيـوان الـغَـربـي يـومـاً أو لَـحـظَـة ، ولـعـلـكـم لـم تـسـمـعـوا عَـن رَجـلٍ يُـقـادُ ، كُـفَّ بَـصـره ، يَـبـيـعُ مَـنـزِلَـهُ ومـأوى أبـنـائِـهِ لـيُـرسِـلَـه لَـكـم ، ولا تـسـألُـونـي عَـن حَـالِـهـم فـي الأسـرِ ولا عَـن حَـالِ أزواجِـهـم وأبـنـائِـهـم فَـأجـرهُـم عـنـدَ الله ، ولـكـن لِـي أن أقـولَ : إنَّ الـجَـمـيـعَ يَـتـطـلَّعُ لَـكـم ويـسـألـونَ اللهَ نـصـرَكُـم لأنَّ هـواجِـسـهـم تـنـشِـدُ لَـهـم أعـذبَ الألـحـان يـوم نـصـرِكـم لـتـكـفـلـوا يـتـيـمـهـم ، وتـسـتُـروا أرمـلـتَـهـم ، وتـفـكـوا عَـانـيـهـم بِـرحـمَـةِ ربِـهـم ، فـهَـان عَـلـيـهِـم أمـرَهـم بِـهـاجِـس أمـل الـنَّصـر لـديـن الله بِـطـهـارةِ أيـدِيـكـم .


*..**..**..**..**..**..**..**..**..**..**..**..**
*..* الهـمَـسـةُ الـثَّالـثـةُ *..*
*..**..**..**..**..**..**..**..**..**..**..**..**

ومِـن الـنَّاسِ نَـاسٌ قـالـوا بِـنُـصـرتِـكـم ودَعَـوا ربَّهـم أن يَـنـصُـركـم فـأُبـعِـدوا مِـن وظـائِـفـهـم , وحَـرَّمـوا عـلـيـهـم مـنَـابِـرَهـم ، وأودعـوهـم عـنـاء الـسُّجـونِ ، فـلا تـسـألـوا عـن مـطَـاعِـم أبـنـائِـهـم وأعـيـادِ زوجَـاتِـهـم ونـفـقـاتِ مـدارِسـهـم ومـسـاكِـنِـهـم ، حَـالٌ يُـرثـى لَـهـا وبَـلاءٌ يُـوصـفُ بِـجـدارةٍ أنَّهُ عَـظـيـم ، ولـكـن الـذي أسـتـطـيـعـه أن أقـولَ : الـكُـلُّ راضِ يـدعـو لَـكـم ويَـحـتـسـبُ بَـلاءه عِـنـدَ اللهِ وتَـقَـرُّ عـيـنـه إن كـان الـنَّصـرُ لـكـم لـتـجـمـعـوا الآبـاء بـالأبـنـاء والـحِـبَّ بـالـحـبـيـبِ تـحـت مَـظـلـةِ عـدلِـكُـم وقـيَـامِ أمـرِكُـم .


*..**..**..**..**..**..**..**..**..**..**..**..**
*..* الهـمـسَـةُ الـرَّابِـعـة *..*
*..**..**..**..**..**..**..**..**..**..**..**..**

لَـقـد خـرجَ رِجَـالٌ إلـيـكـم وهُـم يـنـظـرون إلـى أبـنـائـهـم وزوجـاتـهـم وأمـهـاتـهـم وآبـائـهـم ، وسُـهـولِ بُـلـدانـهـم وجِـبـالِـهـا ، وفـيـافـيـهـا وقِـفـارهـا الـنَّظـرات الأخـيـرة قـد عـزمـوا أن لا يَـعـودوا أبـداً لأن الـعـودة تُـكـلِـفـهُـم الـمَـوتَ الـمُـحـقـق فِـي ظِـلِّ الـعَـمـالـة الـرَّاهِـنـةِ فـلا تَـسـألـوا عَـن حَـالِـهـم إن تـمـكـنَ الـعَـدو مِـنـهـم ولـم تَـقُـم لَـهُـم دَولَـةٌ تـمـنـعـهـم وتـأوي أهَـالـيـهـم ، فـلهـؤلاء الله ، واللهُ فـقـط ، ومِـنـهـم الـيـومَ فـي الـسَّجـونِ بـيـن أظـهـرِكـم .


*..**..**..**..**..**..**..**..**..**..**..**..**
*..* أمَّا بَـعـدُ أجـيـبـونـي ؟ *..*
*..**..**..**..**..**..**..**..**..**..**..**..**

أيَـا طُـلاب قُُرب الـرَّحـمـن ألـيـسَ مِـن الـوفـاءِ أن يـجـتـمِـعَ شَـمـلَـكـم , وتـتـوحـدَ صُـفـوفـكـم لِـتـقـوى شَـوكـتُـم فـتـكـونـوا مَـظـنَّة الهـواجـس , وحـقـيـقـة الـوفـاء ؟

أيَـا طُـلاب الـحـورِ الـحِـسـان ألـيـسَ مِـن الـحـقِّ عـلـيـكـم أن تَـكـفـلـوا أيـتـامَ إخـوانِـكـم الـذيـنَ أفـضـوا إلـى ربِـهـم فـي مَـشـارقِ الأرضِ ومـغَـاربِـهـا وتـسـتـروا أرامِـلَـهـم ؟

أيَـا طُـلاب أعـلـى مـنَـازِلِ الـجِـنـان ألـيـسَ مِـن حَـقـهِـم عَـلـيـكُـم أن تـجـتـمـعَ كَـلـمـتُـكـم وتـكـونـوا يـداً واحـدةً عـلـى مَـن عـاداكـم لِـتُـكـمِّلـوا أُمـنِّيَّة مَـن قَـدَّمَ نـفـسَـه لـوصـولـكـم إلـى مـا وصـلـتُـم إلـيـهِ ؟

أيَـا طُـلاب الـرُّوحُ والـريـحـان ألـيـسَ لِـدمـوعِ الـيـتَـامـى ، وحَـنـيـن الأسـارى ، وقـهـرِ الـثـكـالـى عَـلـيـكـم مِـن حـقٍّ فـي وجـوبِ الـتِـحـامِـكـم لـتـكـونـوا جـوابَ دُعـائِـهـم ؟

وقَـبـلَ كُـلَّ هـذا ألـيـسَ للهِ عَـلـيـكـم مِـن حَـقٍ أن تـمـتـثـلـوا أمـرهُ فـي قـولِـهِ ( وَاعْـتَـصِـمُـوا بِـحَـبْـلِ اللَّهِ جَـمِـيـعـاً وَلا تَـفَـرَّقُـوا ) ؟


*..**..**..**..**..**..**..**..**..**..**..**..**
*..* صَرخَةٌ لأجـلِ فَـلَـسـطـيـن *..*
*..**..**..**..**..**..**..**..**..**..**..**..**

لـم يُـخـبِـرنَـا نَـبـيـنـا صَـلـى اللهُ عـلـيـهِ وسَـلـمَ أنَّ بِـلادَ الـشَّام صَـفـوةُ اللهِ مِـن أَرضِـهِ وفِـيـهـا صَـفـوتُـه مِـن خَـلـقِـهِ عَـبـثـاً ، فَـلـسـطـيـن قَـمـيـصٌ فَـصـلَـتـه آهـاتُ الأحـزانِ فـلـبِـسـنـاهُ ، وعَـلـقـمٌ عَـصـرتـهُ أيـدي الـطُّغـاةِ فـشـرِبـنَـاهُ ، ولـكِـنـنـا رسـمـنـا بِـريـشـةِ الـتَّوحـيـدِ عـلـى لـوحَـةِ الـيَـقـيـنِ أنََّ حِـمـى فَـلـسـطِـيـن فِـي قُـلـوبِـنـا ديـن .
فـيَـا أهـلَ الـبـيـتِ الـمُـقـدَس أقِـيـمـوا الـتَّوحِـيـدَ فـي الـدَّيـار ، ووجِـهـوا كُـلَّ عِـبـادةٍ للـواحـدِ الـقـهـار ، ولا تَـركـنـوا إلـى الـذِيـنَ ظَـلـمُـوا فَـتـمـسَـكـم الـنَّار .
يـا أهـلَ الـبـيـت الـمُـقـدس أفـلـم تَـيـأسُـوا أنَّ الـطُّغـاةَ مُـنـذُ خَـمـسـيـنَ عـامـاً لـم يَـفـعـلـوا فَـمَـا عِـنـدَ اللهِ خَـيـرٌ لـكـم مِـمَّا عِـنـدَهـم فَـيـمِّمـوا تَـوكَـلـكـم لِـخَـالِـقِـكُـم ، واعـرِفـوا حَـقـيـقـةَ مَـوضِـع رَجَـاكُـم ، واغـرِسـوا الـطَّاعَـةَ تُـخـلَـق لَـكـم الـجَـمَـاعَـة ، واقـتـلـوا الـمَـعـصـيـةَ تَـحـيَـا لـكـم الـمَـمـلَـكـة
يـا أهـلَ الـبَـيـت الـمُـقـدس لِـقـيَـامِ الـمَـأمـول لَـن تَـصِـلـوا حـتـى إلـى رِضَـا اللهِ تَـصـلـوا
يـا أهـلَ الـبَـيـتِ الـمُـقـدس اعـلـمَـوا أنَّ بـابَ الـوصـولِ لِـكـلِّ فَـضِـيـلـةٍ والـخُـروج مِـن كُـلِّ بَـلـيـةٍ هَـو الـعِـلـم بِـاللهِ والـعَـمـل بِـمـقـتـضَـاه .



*..**..**..**..**..**..**..**..**..**..**..**..**
*..* خِـتَـامَـاً *..*
*..**..**..**..**..**..**..**..**..**..**..**..**

لا تـقـومُ أمَّةٌ آمِـنـةُ الأرجـاءِ ، مُـرهـبـةُ الأعـداءِ إلا بـجـمـاعـةٍ تـحـت مـظـلـةِ تـوحـيـدِ خـالـقِ الـسَّمـاء ، ولا تُـصـنَـعُ جـمـاعـةٌ إلا بِـطـاعـة ، ولا تـكـون طَـاعـةٌ إلا بـيـقـيـن ، ولا يـقـيـنٌ إلا بـعـلـمٍ ، وعِـلـمٌ إلا بـِتـعَـلُـم ، ولا يـجـتـمـعُ الـيـقـيـنُ وحُـبُّ الـدَّنـيـا فِـي قـلـبِ مـؤمـنٍ أبـداً ، ولا تـتـحـقـقُ الـمَـمـالِـكُ الـمـطـمـئـنـة إلا بـتـوحـيـدِ فـإذا زَرَعَـت الـجَـمـاعَـةَ الـمُـطـيـعـةَ بـذرةَ الـتَّوحـيـدِ فـي تُـربـةِ الـيـقـيـنِ وسَـقـتـهَـا بِـصـدقِ الإخـلاصِ أنـبـتَـت مُـلـك الـدَّنـيـا وفـوزَ الآخِـرة ، ولَـمُـصـانـعَـة وجَـه الله وحـدَهُ أيـسـرُ مِـن مُـصـانـعـةِ الـوجـوهَ كُـلهـا ، فـمَـن صَـانـعَ وجَـه اللهِ وحـدَهُ مَـالَـت الـوجـوهُ كُـلهـا إلـيـه ، ومَـن أفـسـدَ مـا بـيـنَـهُ وبـيـنَ اللهَ شـنِـفـتـه الـوجـوه كُـلهـا ، ومَـا أحـبـبـتَ أن يـكـونَ مَـعـكَ فـي الآخـرةِ فـقـدمِـهُ الـيـوم ، ومـا كـرِهـتَ أن يـكـونَ مَـعـكَ فـي الآخـرةِ فـاتـركـهُ الـيـوم .


كتبه خادم الإسلام / ابن القرية الفلاح المعتصم
27/ 6 / 1428 هـ

الموضوع الاصلي  من روعة الكون