عندما تطرح قضية معينة على طاولة النقاش فلكل منا وجهة نظره أو رأيه أو انطباعه عن ذلك الموضوع المطروح أو تلك الحالة أو المسألة التي تناقش، ولما كانت الظروف التي يعيشها البشر وبيئاتهم ومستوى وعيهم وثقافتهم وتجاربهم في الحياة مختلفة، بالإضافة إلى اختلافهم في العمر والخبرة في الحياة واختلاف الأمزجة والنفسيات، كان من الطبيعي تبعاً لذلك الاختلاف، أن يكون لكل منا وجهة نظر أو رأي خاص به، قد يتطابق ويتفق مع الآخرين، أو قد يختلف معهم، بغض النظر عن صحة هذا الرأي أو عدم صحته.
وعند اول احتكاك بين طرفين في نقاش معين نجد كلاهما يقول ""الاختلاف لا يفسد للود قضية ""
وهذا هو المفروض ان يكون الاختلاف سببا لحوار اخر ايجابي يكون الهدف منه اقناع احد الطرفين او على الاقل الخروج بقاعدة عامة تناسب الطرفين..
لكننا اصبحنا نرى الان..ان جملة ""الاختلاف لا يفسد للود قضية..""
اصبحت تستعمل مجازا فقط لا حقيقة تستعمل للتظاهر بان الحوار اخذ مجراه العادي بيد ان الحقيقة المضمرة ان الاختلاف عند بعض الناس يفسد للود قضايا وقضايا..
فقد تعودنا أن نقرأ عبارة ( اختلاف وجهات النظر لا يفسد للود قضية ) تحت كل مقالة أو موضوع ، ولكن في حقيقة الأمر أن اختلاف وجهات النظر يفسد للود قضايا في ساحتنا الشعبية وذلك لسببين اثنين : الأول عندما يطرز كاتب الموضوع موضوعه بعبارات تمس شخصا بعينه مثل : ضحالة التفكير ، انعدام الوعي ، سخافة الفكر ، وغيرها من العبارات التي تدس في ثنايا الموضوع مما يغضب الطرف الآخر فلا يرى إلا تلك العبارات التي دست للنيل منه شخصيا وتعمى بصيرته عن بقية الموضوع حيث إنه يصبح في حالة عدم تقبل لأي شيء من هذا الكاتب أو الناقد لأنه لم يحترم فكره ، وهو محق في عدم التقبل ، لأنه من الواجب احترام عقل من نخاطب حتى لو كنا أرقى منه في درجات التفكير أو أكثر ثقافة وعلما ، وهذا الأسلوب في النقاش فعلا يفسد للود قضية ، ويترك أثره في النفوس .
أما السبب الثاني : هو عدم تقبل الرأي الآخر الصريح المدعم بالأدلة والبراهين ، وهذه قدرات يمنحها الله عز وجل لمن يشاء من عباده ، فالبعض من الكتاب أو النقاد لديه القدرة على الإقناع والمهارة في تصيد الأخطاء والتمحيص والتدقيق في الموضوعات والنصوص لدرجة أنه لا يصبح بعد رأيه رأي ويكون رأيا قاطعا مقنعا ، ولكن يواجه بالرفض لأنه يعتبر عند البعض تقليلا من قدرات الشخص ، وهنا لا يمنح الشخص نفسه فرصة للتفكير في الرأي المقابل ، ولكنه ينظر إليه على أنه انتقاد لشخصه وليس لنصه أو موضوعه وبذلك تفسد للود قضية ويصبح هذا الشخص الذي أجهد نفسه في التحليل والتدقيق وإيجاد الأدلة والبراهين شخصا سيئا في نظر البعض لأنه يقول رأيه بصراحة وبدون مجاملة.
والسؤال..
هل فعلا عندما يتلفظ احدنا بـــ''" الاختلاف لا يفسد للود قضية..""
تكون فعلا نهاية لحوار لم يشأ له القدر ان ياخذ مجرى ايجابيا عاديا فطمر تحت هذه الجملة مصحوبا بقناعة تامة انه فعلا الاختلاف لم يفسد الود بين الاطراف ..ام انها بداية لخلافات اخرى..ومجرد تظاهر بان الاختلاف لم يفسد فعلا للود قضية..
__________________
الموضوع الاصلي
من روعة الكون