نجـــــــــــــــــــــــــــــدة في الظـــــــــــــــــــــــــلام
--------------------------------------------------------------------------------
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الظلام شديد, و البرد قارس,وقد خلت شوارع المدينة من الأصوات إلا من صوت خطى رجلين ,متجهين إلى نار صغيرة أوقدت في جنبات المدينة ,وكلما اقتربا سمعا صوت بكاء يعلو ......فما هي القصة؟...
كان من عادة عمر بن الخطاب رضي الله عنه عندما كان خليفة للمسلمين أن يتخفى ويسير ليلاً أو نهاراً في شوارع المدينة ليتفقد أحوال رعيته ,ويرى أمور شعبه كيف تسير ....فإذا رأى مظلوماً أنصفه ,وإذا رأى ظالماً عاقبه ,وإذا رأى فقيراً أعطاه ,وإذا رأى صاحب حاجة أيا كانت وفر له حاجته.
وفي ليلة شديدة الظلام قارسة البرد ,
قال عمر لعامله (أسلم ):هيا بنا لنتجول
في شوارع المدينة ,نتفقد أحوال أهلها ..
فانطلقا ..وبينما هما في أحد الطرق ,إذا أبصرا
من بعيد ناراً تشتعل , فقال عمر : لنذهب إلى تلك النار
و نعرف من أشعلها ....
....وبينما كانا يقتربان من النار إذ وصل إلى آذانهما صوت بكاء أطفال يزيد كلما اقتربا خطوة.....وعندما صارا قريبين جداً لمحا حول النار امرأة معها أطفالها ,وأمامها قدر منصوبة على النار استأذن عمر وقال للمرأة :أأدنوا ؟فقالت : ادن بخير ....(أي اقترب إذا كانت نيتك خيراً ) ,فدنا وسألها :لماذا أولادك يبكون ؟ فأجابت :الجوع...فسألها :وماذا في القدر ؟ فأجابت : ماء أسكتهم به , حتى يناموا , ثم تابعت : الله بيننا وبين عمر !....
فقال :عمر :رحمك الله وما يدري عمر بكم ؟ فقالت :يتولى أمرنا ويغفل عنا ؟..
تأثر عمر كثيراً , وشعر بعظم التقصير في حق رعيته ..... واقترب من عامله (أسلم ) قائلاً: هيا بنا ! ..خرجا مسرعين حتى أتيا مخزن المدينة الذي يجمع به للمحتاجين الدقيق وغيره من المواد الغذائية قي ذلك الوقت , فأخرج منه عمر كيساً كبيراً فيه دقيق , و سمناً , وقال لعامله : ارفعه على ظهري لأحمله ...فقال : عامله :أنا أحمله عنك يا أمير المؤمنين ,فقال عمر : ارفعه على ظهري ...وبعد أن أعاد (أسلم ) كلامه , قال عمر : أأنت تحمل عني وزري يوم القيامة؟......
فرفع (أسلم) الكيس إلى ظهر عمر ...وسارا مسرعين إلى مكان المرأة , فأنزل عمر الكيس من على ظهره , وأخرج من الدقيق جزءا , وقال للمرأة :ذري من الدقيق على الماء و أنا أحرك ما في القدر ......ثم صار ينفخ تحت القدر لتزداد النار فيسرع الطعام في النضج , حتى كان الدخان يخرج من بين لحيته ....ومازال يحرك و ينفخ حتى نضج الطعام ,وأتته المرأة بصحن فملأه ثم قال:أطعمي أولادك حتى أبرد لك ما تبقى من الطعام ,فأطعمتهم حتى شبعوا ......
ولعب عمر مع الصبية حتى أضحكهم ،عندئذ قالت المرأة :جزاك الله خيراً ,أنت أولى أن تكون خليفة من أمير المؤمنين :فقال لها :خيراً إن شاء الله إنك إذا جئت أمير المؤمنين وجدتني هناك بإذن الله .....
ثم عاد لملاعبة الصبية , فقال له (أسلم) إن لديك أعمالاً غير هذا ..فلم يرد ذلك الخليفة العادل ....وبقي حتى ترك الصبية نائمين بعد لعب وضحك , فقام وهو يحمد الله ....بعد ذلك التفت إلى عامله (أسلم) وقال له: يا أسلم ...إن الجوع أسهرهم وأبكاهم فعزمت ألا أنصرف حتى أشبعهم و أضحكهم ...وأجعلهم ينامون بهناء و طمائنينة , فقال أسلم : رحمك الله من خليفة عادل ...أسعدت رعيتك بيقظتك وعدلك ...فناموا آمنين هانئين !....
الموضوع الاصلي
من روعة الكون