بسم الله الرحمن الرحيم
أخطاء في القيام
من الأخطاء التي قد تحصل من البعض أثناء قيام ليالي رمضان ما يـأتي:
1- التهاون في أداء صلاة التراويح، بحجة أنها سُنَّة وليست واجبة، فترى الرجل يُضيِّع كثيرًا من أوقاته فيمضيها في مجالس اللهو والسمر، أو في الأسواق، أو أمام شاشات التلفزة، أو في غير ذلك من الأمور التي ضررها أكثر من نفعها، ويفرَّط في هذه السُنَّة العظيمة، مع علمه بما ورد في فضل قيام رمضان إيمانًا واحتسابًا. ولا شك أن ذلك من الغبن والحرمان. والذي ينبغي على المسلم أن يحرص على أداء صلاة التراويح كاملة مع الإمام ولا ينصرف حتى ينصرف إمامه؛ ليكتب له أجر قيام ليلة .
2- ومن الأخطاء أن بعض الناس إذا ثبت دخول شهر رمضان، لا يصلي تراويح ليلته الأولى، ظنًا منه أن هذه الليلة ليست من ليالي رمضان، وهو خطأ ظاهر لا يتنبه له الكثير من الناس، وهم في غفلة ساهون؛ إذ بمجرد رؤية هلال رمضان يكون الإنسان قد دخل في أول ليلة من رمضان، ولذا فإن من السُّنَّة المبادرة والمسارعة إلى أداء صلاة التراويح جماعة في المسجد بدءًا من تلك الليلة .
3- إسراع بعض أئمة المساجد في أداء صلاة التراويح، إسراعًا يُخل بمقصود الصلاة، فيسرع في التلاوة إسراعاً شديداً، ولا يراعي الطمأنينة والخشوع فيها، بل كل همه إنهاء تلك الرُّكيعات لينصرف الناس بعدها لأعمالهم وأشغالهم وأفراحهم، مع أن الواجب على الإمام أن يطمئن في صلاته، ويخشع بها، ما استطاع إلى ذلك سبيلاً. وإذا لم يتيسر له ختم القرآن، أو قراءة قدر كبير منه في صلاة القيام تخفيفاً على الناس، فلا أقل من أن يحسن صلاته، فيطمئن فيها، ويقيم ركوعها، ويتم وسجودها، ويراعي سائر أركانها .
4- مسابقة بعض المأمومين لإمامهم في صلاة التراويح في الركوع والسجود والرفع منهما؛ والمشروع في حق المأموم متابعة الإمام في أفعال الصلاة، فيأتي بها بعده مباشرة، لا يسبقه ولا يتخلف عنه. وقد ورد الوعيد الشديد لمن سابق الإمام، من ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: ( أما يخشى أحدكم إذا رفع رأسه قبل الإمام أن يجعل الله رأسه رأس حمار، أو يجعل الله صورته صورة حمار ) رواه البخاري .
5- ومن الأخطاء الملاحظة في هذا الموطن، حمل بعض المأمومين المصحف أثناء صلاة القيام، وذلك من أجل متابعة قراءة الإمام، وهذا الأمر بجانب كونه غير مأثور عن السلف، فإن فيه شُغلاً للمصلي عن الخشوع وتدبر الآيات، ولذا فإنه لا ينبغي فعل ذلك، إلا لمن يتابع الإمام من أجل تصويبه إذا أخطأ، فلا حرج عليه في ذلك حينئذ .
6- الإطالة في دعاء القنوت، والتكلف فيه، والإتيان بأدعية غير مأثورة مما يسبب الملل والسآمة للمصلين، وربما نفَّرهم منها. وقد يحول بعضهم القنوت إلى موعظة، يذكر فيها أشياء تتعلق بالقبر وعذابه، والصراط واجتيازه، والبعث وهوله، والجزاء وعاقبته، وكل هذا من الأعمال المنهي عنها في الدعاء. والذي ينبغي في هذا الموطن الاقتصار على الأدعية المأثورة الجامعة لخيري الدنيا والآخرة، وقد كان صلى الله عليه وسلم - كما تروي عنه أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها -: ( يستحب الجوامع من الدعاء، ويدع ما سوى ذلك ) رواه أبو داود .
7- ومن الأخطاء رفع الصوت بدعاء القنوت أكثر مما ينبغي، وهو مناف لأدب الدعاء؛ وقد قال الله تعالى: { ادعوا ربكم تضرعا وخفية إنه لا يحب المعتدين } (الأعراف:55) ولما رفع الصحابة رضي الله عنهم أصواتهم بالتكبير نهاهم النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك، وقال: ( يا أيها الناس اربعوا على أنفسكم - أي: اخفضوا أصواتكم - فإنكم لا تدعون أصمَّ ولا غائباً ) متفق عليه، والذي ينبغي على الإمام أن يرفع صوته بالقدر الذي يُسْمِع مَن خلفه من المأمومين، ولا يتكلف فوق ذلك .
8- رفع الصوت بالبكاء والصراخ بحيث يتسبب في التشويش على المصلين، فإن البكاء وإن كان مطلوبًا عند قراءة القرآن وسماعه إلا أنه ينبغي على العبد أن يحرص على خفض صوته وإخفائه ما أمكن، حتى يكون أقرب إلى الإخلاص، وأبعد عن الرياء. وبعض الناس ربما اشتد بكاؤه وتأثره إذا جاء وقت الدعاء والقنوت، ولا شك فإن الأولى أن يكون البكاء والتأثر عند سماع كلام الله .
9- ترك التهجد في العشر الأواخر من رمضان، والانشغال بالتجوال في الأسواق، وشراء الأغراض وحاجيات العيد، فتضيع على العبد - رجلاً كان أو امرأة - هذه الليالي المباركة، وتضيع عليه ليلة القدر التي من حُرم خيرها فقد حُرم الخير كله، وهو أمر يقع فيه كثير من المسلمين في أواخر هذا الشهر المبارك، مخالفين بذلك سُنَّة نبيهم صلى الله عليه وسلم الذي كان من هديه في هذه الأيام المباركة أن يحيي ليله، ويشدَّ مئزره، ويوقظ أهله، ويشمر عن ساعد الجد والنشاط .
الموضوع الاصلي
من روعة الكون