بما أن الموت يتم وفق برنامج موجود داخل كل إنسان، فهذا يعني أن الأمراض المؤدية إلى الموت هي أيضاً عبارة عن برامج ومعلومات موجودة داخل الخلايا، وهي المسؤولة عن موت هذه الخلايا، وهذا يعني أننا نستطيع تعديل هذا البرنامج، وإصلاحه في حال تعطله، أو إصابته بخلل ما، وذلك من خلال التأثير على الخلايا بمعلومات أخرى تستطيع التعامل مع هذا البرنامج وبالتالي ينتج الشفاء بإذن الله تعالى!
بعد أبحاث طويلة ومضنية اكتشف العلماء أن برنامج موت الخلية يخلق مع الخلية ذاتها، ولولا هذا البرنامج لم تستمر الحياة على الأرض، ويؤكد العلماء أن البرنامج الخاص بحياة الخلية مهم وكذلك البرنامج الخاص بموت الخلية مهم أكثر، لماذا؟
لأن عملية الموت المنظمة للخلايا والتي تسير وفق برنامج شديد التعقيد يمكّن الجسم من التخلص من الخلايا المصابة بعطل ما، ويمكن الجسم من إزالة الخلايا الزائدة وغير الضرورية[1]، لذلك يعمل برنامج الموت وبرنامج الحياة جنباً إلى جنب في جسم الإنسان والكائنات الحية[2].
والعجيب أن الموت المبرمج للخلية يلعب دوراً أساسياً في نظام مناعة الجسم، فلولا وجود برنامج الموت الخلوي لما استطاع الجسم مقاومة الأمراض، حتى إن هذا البرنامج للخلية يقوم بالسيطرة على عمليات الدفاع عن الجسم أثناء الإصابة بالالتهابات المختلفة، حيث يتخلص من الخلايا المعطلة والتي لو استمرت في الحياة لأدت إلى إهلاك الإنسان! كما يقوم بتنشيط الخلايا المسؤولة عن مقاومة الفيروسات والبكتريا الضارة، إذن هو لا يقل أهمية عن البرنامج الذي أودعه الله في الخلايا والمسؤول عن حياتها.
عزيزي القارئ يمكن أن نستخلص من هذه الاكتشافات العلمية أن الموت مخلوق مثله مثل الحياة، وأنه لولا وجود الموت لم توجد الحياة وكأن الموت هو الأصل. ولذلك نجد الحديث عن هذا الأمر في القرآن في قوله تعالى: (الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ) [الملك: 2].
ونرى في هذه الآية كيف يتحدث المولى تبارك وتعالى عن الموت قبل الحياة، ويخبرنا أن الموت مخلوق مثله مثل الحياة، وهذه الآية نزلت في عصر لم يكن أحد يعلم شيئاً عن حقيقة الموت أو الموت المبرمج، ولذلك فإن هذه الآية تمثل سبقاً علمياً في علم الطب.
نستطيع أن نستخلص من الحقائق الطبية التي رأيناها أن عملية موت الخلايا وبالتالي عملية الموت، هي عملية منظمة ومقدرة ومحسوبة، ولا يأتي الموت عشوائياً كما كان يُظن في عصر الجاهلية قبل الإسلام، إنما هنالك عملية دقيقة جداً أشبه ببرنامج كمبيوتر.
بل إن العلماء يؤكدون أن هذا البرنامج أي الخاص بموت الخلايا وبالتالي موت البشر، موجود في كل خلية من خلايا الجسم، وبدأ في النطفة التي خُلق منها الإنسان، فبرنامج الموت يبدأ مع أول خلية خلق منها الإنسان ويرافقه حتى يموت بنظام دقيق لا يختل أبداً، ولذلك فإن الله تعالى يقول: (أَفَرَأَيْتُمْ مَا تُمْنُونَ * أَأَنْتُمْ تَخْلُقُونَهُ أَمْ نَحْنُ الْخَالِقُونَ * نَحْنُ قَدَّرْنَا بَيْنَكُمُ الْمَوْتَ وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ)[الواقعة: 58-60].
وفي هذه الآية إعجاز أيضاً، فقد تحدث الله تعالى عن خلق الإنسان من نطفة وذكره بأصله ثم ذكره بأن الله هو من خلق هذه النطفة وأن الله هو من قدّر فيها الموت، فسبحان الله العظيم، أمام كل هذه الحقائق تجد من ينكر القرآن ويدعي أنه كتاب أساطير!
سبحان الله ما خلقت هزا باطلا
سبحانك
الموضوع الاصلي
من روعة الكون