قال الله تعالى: (وجزاء سيئةٍ سيئةٌ مثلها فمن عفا وأصلح فأجره على الله إنّه لا يحبُّ الظالمين)[1].
تعرّض القرآن الكريم لمسالة العفو عن الذنب والمسيء في أكثر من موضع، فنجد أنّ هناك مجموعة من الآيات الشريفة تحثُّ على العفو والصفح، ومن هذه الآيات الشريفة:
قوله تعالى: (الذين ينفقون في السّراء والضّراء والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحبُّ المحسنين)[2].
وقوله تعالى: (فاصفح عنهم وقل سلام فسوف يعلمون)[3].
وقوله: (وإنّ الساعة لآتية فاصفح الصفح الجميل)[4].
وقوله: (فاعفوا واصفحوا حتّى يأتي الله بأمره)[5].
يقال في اللّغة: عفا عن ذنبه، إذا تركه ولم يعاقبه، وصفح عنه، إذا أعرض عن ذنبه، وضرب عنه صفحاً، إذا أعرض عنه وتركه. وخلاصة ذلك: أنّ العفو والصفح معنيان مترادفان وقد وردا معاً تارة، ومنفصلين أخرى، كما رأينا في الآيات الشريفة التي صدّرنا بها البحث.
قديماً قيل: (طوبى للذين يصنعون السّلام، أولئك أبناء الله يدعون)، ولعلّ إشاعة روح التسامح ـ هذا الخلق الذي تحلّى به الأنبياء والأوصياء) ـ من أهم دواعي سعادة الإنسان. قد مرَّ أنّ الله سبحانه وتعالى يحبُّ المحسنين، ومن مصاديق الإحسان أن يتجاوز الإنسان عن المذنب.
وقد كانت سيرة النبيّ الأكرم صلى الله علية وسلم) حافلة بالمواقف التي تبيّن روح النبيّ العظيمة، وما ينطوي عليه من قلب كبير يعفو عن الجاهل ويترفع عن مقابلة الإساءة بغير الإحسان، وكان يوصي أصحابه بذلك.
ومن وصية له(ص) لأبي ذر( يقول: (يا اباذر صل من قطعك، واعف عمّن ظلمك، وأعط من حرمك). وكان قد خطب المسلمين ذات مرّة فكان ممّا قال(ص): (أيعجز أحدكم أن يكون كأبي ضمضم؟ فقالوا: يا رسول الله ومن أبو ضمضم هذا؟ فقال النبيّ: رجل ممّن كان قبلكم، كان إذا أصبح الصّباح يقول: (اللّهم إنّي أتصدق بعرضي على النّاس عامّة) ويقصد أنّه لا يبالي بالنّاس وبأذاهم، بل يجعل ذلك صدقة عنه.
ما أهنأ الحياة التي لا أحقاد فيها، بل تغمرها المودّة والتسامح والتغاضي عن الذنوب، ومن ينكر أنّ بني آدم عرضة للخطأ والإشتباه،
الموضوع الاصلي
من روعة الكون