من منغصات الحياة الطيبة هي إتخاذ الملذات أساساً جوهرياً للحصول على السعادة
ومما يؤسف له أن أعداداً متزايدة من الناس
صار لهم إعتماد أساسي في الحصول على السعادة والأمن والإطمئنان
على ماورد إلينا من العالم الغربي والصناعي من تقنيات ووسائل تقوم أساساً على الرفاهية
والسعي إلى الإنتصار على الإملاق والعوز والملل بل على الشيخوخة والقبح
وقد نشطت في الأونة الأخيرة عمليات التجميل للرجال والنساء
وهي أشكال وفنون كثيرة كما كثرت الأدوية المنشطة وتلك المقاومة لتكلس الخلايا
وقد صار مستقراً في أذهان الكثيرين منا أن الإنسان السعيد هو دائماً شاب والمرأة السعيدة هي دائماً جميلة
السعادة صارت لدى الكثيرين تكمن في التسلية والمرح والرحلات والخروج إلى المتنزهات
بل إن الأمر تجاوز ذلك إلى وجود مساع مسرفة
لإحداث نشوة مصنوعة في الروح عن طريق العقاقير المخدرة وهي كثيرة ومتنوعة
وعلى من يقع في فخاخها أن يزيد من تناولها حتى لاتفقد تأثيرها
وهكذا تصبح الحياة السوية لدى المدمنين حياة لا تطاق
ويؤدي بهم ذلك في نهاية الأمر إلى تدمير حياتهم الروحية والنفسية والإجتماعية
إن السعادة التي تتطلب النشوة هي سعادة دائماً زائفة ومزورة
وإن من المؤسف مرة أخرى أن الأجيال الجديدة باتت تتلقف شروط الحياة السعيدة
من التربة المشوهة الموجودة في كثير من البيوت
ومن حملات الدعاية والإعلان التي تصور للناس
أنهم إذا لم يتحولوا إلى مستهلكين نهمين لكل شيء
فإنهم سيكونون متخلفين وبعيدين عن الحضارة وتذوق ملذات المعاصرة والمحادثة
وإذا عدنا إلى قرارة نفوسنا وإلى ماتعلمناه من مبادئ ديننا ومن حكمة الأمم
وجدنا أن السعادة الحقيقية تكمن في أمور ذات علاقة بالقيم والمبادئ والأفكار
والسمو والتضحية والعطاء غير المشروط
ونحن لانتجاهل قيمة كل ما يتمتع به الناس بطريقة مشروعة
لكن الإعتراض على جعل الملذات أساس السعادة مع أنها لاتعدو أن تكون أشياء تكميلية
إن الواحد منا يدرك بوضوح الفراغ الروحي الذي يشعر به
بعد إنقضاء لأي ملذة من ملذات الجسد
وحين تكون اللذة قد تم عن طريق غير مشروع
فإن المرء يشعر بعتمة روحية وبوخز الضمير وبشيء من إحتقار الذات
رزقكم الله السعادة الحقيقية ودمتم بخير
__________________
الموضوع الاصلي
من روعة الكون