..... وأخيراً
حين وصلتُ إلى كتفِ الجرفْ
زلت قدمي...
كدتُ أغوص إلى أعماق الوادي
لكنْ..
وبطرفةِ عينْ
حلّق سربُ عصافيرَ
وحطَّ على شفتيَّ
فأسعفني الحرفْ!
عدت إلى الأحرفِ
أتلّمسُ فيها موسيقى الكلماتْ
أتوغلُ أكثرَ
أتأمَّلُ أشرعةَ الألق السريْ
في صمت فراغٍ
ينداحُ وينداحُ ويعتنقُ الأفقَ لينسجَ شيئاً
يتخفى حيناً..
يتجلى حيناً
لكأن الكونَ
قُبيلَ بداية هذا الكونْ
يتشكّلُ..
ثم يعيد التشكيلْ!
أغمض عينيَّ قليلاً
تدعوني الصخرةُ قربي
أن أفتح جفنيْ
فأرى الفارغ ممتلئا..!!
أهمسُ..
أدعو الأحرف ثانيةً
استلَّ النبضَ الكامن فيها
أتلمَّسُها بحنانٍ أبويْ
تدهسُني..
لغة الصمت!!
قلتُ وداعاً
وهبطتُ إلى السهلِ
لمحت الجدول.. يلحق بي
فتذكرتُ...
قصدتُ البحرْ
علَّ الموجةَ إذ تعتنق الموجةَ
تفتح درباً آخر لخطايْ
عبثاً..
عبثاً أبحث
أين أنا..؟
كيف الغيمةُ قادتني لرمال القفرْ؟
ـ علَّ الشبحَ المتخفي خلف الصخرةِ
زوَّرَ بوصلةَ الرحلةِ والوقتْ!
أطرقتُ قليلاً
فكّرتُ.. ومن ثمَّ تخلّيتُ عن الفكرْ
علَّلتُ النفس بنرجسةٍ
تتفتح في أعماق الصدرْ!ّ
ـ هل تحلمُ؟
ـ علَّ الحلم يراودني أحياناً
لكني لم أكُ أقنعُ بالحلمِ كحلمْ
بل أفتحُ نافذةً للدهشة في عينيْ
وأذكر حلماً قديماً: حلمتُ بأني فراشةْ
تحطُّ برفقٍ على كلِّ غصنٍ
وثمَّ تطير بعيداً... بعيدا
وكم كنت آهٍ
سعيداً.. سعيدا
ولكن إلى الآن لا أعلمُ
أنا كنتُ من يحلمُ
أمَ أنَّ الفراشةَ بي تحلمُ!!]
سأحملُ الفراغَ في الوادي على راحتيْ
لي قدوةٌ:
الماءُ... والهواءُ... والفضاءْ
ـ لعلّكَ اقتربتْ
لاحت موجةٌ
ولوّحتْ..
لم أدركِ الإشارةْ
دفعتُ خطوتي
بلهفةِ الغريقِ للنجاةْ
وفجأةً
لمحت وجه العالم المكتظِّ بالأحياءِ والأمواتْ
حدَّقتُ في شبهِ محارهْ
ألغيتُ ما تحتلُّهُ الكلماتْ
في بهرجِ الحروفِ والعبارةْ
رأيتُ موجَ البحر في الأعماقِ يحتضنُ الرمالْ
يُزجى خطاه في ثرى الوديانِ... والقيعانْ
والقفرِ اليبابْ
الموضوع الاصلي
من روعة الكون