ما يجب أن تعلمه عن التحريك الثنائي الأبعاد -
--------------------------------------------------------------------------------
بسم الله الرحمن الرحيم
هلاوالله ومليون غلا تو مانور المنتدى
إرتأيت في هذا الموضوع أن أقوم بطرح موضوع قد طرح من قبل هنا من قبل بعض الإخوة ولكن أعتقد أن المجال يسمح بإعادة طرحه بشئ من التفصيل الذي قد يفيد الغير متعمقين أو القادمين الجدد الى هذا الفن وأدواته منذ بدأ يخطو خطواته التقنية الأولى متزامنا مع إختراع آلة التصوير والعرض السينمائي منذ نحو قرن من الزمن ، ولن أعرض هنا لما قبل تلك المرحلة حيث أنها ستجرنا الى أيام إنسان الكهف ...
والطرح الذي سأعرضه هنا كان جزءا من أحد الأبحاث التي قدمتها أثناء مرحلة الدراسات العليا وهو مصحح لغويا بقدر المستطاع وأرجو أن يكون مفيدا لمن يقرأه ...
نمط التحريك الكلاسيكي:
إن هذا النمط من التحريك والمعني به أساساً التحريك الثنائي الأبعاد قد أتى نتيجة العديد من التطورات على المستوى الفني ومستوى التقنية , فمن أول الأدوات البدائية كالكينتوسكوب وحتى عصر الحاسوب لم يتغير الأساس الذي قام عليه هذا النمط من التحريك والذي يعتمد على مبدأ بقاء الصورة فوق شبكية العين لمدة 10/1 الثانية بعد إختفائها الفعلي , وفن التحريك لا يختلف عن فن التصوير السينمائي من الناحية التقنية , حيث أنه فن تحليل الحركة إلى لقطات منفصلة توضع بعد ذلك على الشريط السينمائي لتعرض بطريقة متقطعة بحيث تحل الصور المتتابعة محل بعضها في مدة تقل عن 10/1 من الثانية بحيث توصل شبكية العين الأجزاء الناقصة بين تلك الصور المتتابعة , ولكن , ينتهي التشابه عند تلك لنقطة , حيث يختلف فن التحريك إختلافاً تاماً عن فن التصوير السينمائي من الناحية الفنيّة , حيث يقوم فنان التحريك بتحليل الحركة يدوياً للشخصيات أو الأحداث المرسومة ولا يحده هنا سوى سعة خيالة , حيث أن كل شئ يمكن حدوثه داخل تلك الأحداث الثنائية الأبعاد مهما تمت المبالغة في تلك الأحداث .
ويمكن ما سبق إستنتاج أن فن التحريك بشكله الراهن لم يكتمل في الحقيقة إلا بإكتمال آلة التصوير المناسبة لهذا النمط من الفن , فبدون آلة التصوير السينمائية المجهزة بإمكانية إلتقاط الصور منفردة لما أمكن على الإطلاق الحصول على شريط فيلمي قابل للعرض العام ويتجاوز بمراحل الآلات البدائية التي كانت أشبه بالألعاب أو الخدع البصرية .
ونمط التحريك الكلاسيكي يعتمد أساساً كما سيتم التطرق لاحقاً على جانبين من العمالة , العمالة الفنيّة والعمالة التقنيّة , كما يعتمد على العديد من الأدوات والوسائط الفنية والتي ما يزال بعضها يستخدم حتى اليوم في بعض الإستوديوهات كأفرخ السليولويد والتلوين اليدوي , وعموماً يمكن حصر تلك الأدوات فيما يلي :
- الأوراق الشفافة , وهي الأداة الرئيسية التي يقوم فنان التحريك بالرسم عليها .
- أفرخ السليولويد , وهي الوسيط الذي ترسم عليه الشخصيات بألوانها النهائية ( وتم إستبدالها لاحقا بالأوراق البيضاء ويتم التلوين داخل الحاسوب ) .
- أوراق الرسم الكرتونية , وهي التي يرسم عليها فنان الخلفيات خلفيات الشخصيات .
- أدوات الرسم والتلوين , كأقلام الرصاص والألوان المائية والألوان البلاستيكية .
- مسطرة التحريك , وهي مسطرة حديدة بها ثلاثة ثقوب وتقوم بمهمة تثبيت الأوراق الشفافة أو أفرخ السليولويد فوق بعضها .
- منضدة التحريك , وهي منضدة تتوسطها قطعة من الزجاج النصف شفاف وتقع تحته إضاءة تسمح لفنان التحريك بمتابعة مراحل الحركة المرسومة .
وهذه الأدوات في مجموعها تمثل الجانب الفني من العمل , ويتمثل الجانب التقني في أدوات الإنتاج ككاميرا التصوير , وأدوات ما بعد الإنتاج كالمونتاج وتسجيل الصوت , وقد تدخل الجانب التقني تدريجياً ليحل محل العديد من الأدوات لفنيّة كما سيتم التعرض له لاحقاً .
الجوانب الفنيّة والتقنيّة للعمل :
ما نعنيه هنا بتقنيات وفنيات التحريك الكلاسيكي هو ما إستقر عليه نظام الإستوديوهات العاملة في هذا الفن لفترة إمتدت لنحو ستة عقود من الزمن , وذلك حتى حقبة الثمانينات من القرن المنصرم حيث بدأت تلك التقنيات في التبدل مؤثرة بدورها على الشق الفني ونمط الإنتاج وما بعد الإنتاج وكم العمالة الفنية وتوزيع أدوارهم ومدة وزمن الإنتاج والوسيط المستخدم لعرض هذا الناتج في النهاية على المتلقي .
وبشكل عام يمكن القول أن الرسوم المتحركة الثنائية الأبعاد يتم تنفيذها على مرحلتين ( لم يطرأ تغيير على هذا التعريف العام ولكن كما أشرنا مسبقاً تم التغيير في كيفية التعامل مع تلك المرحلتين ) , والمرحلتين في الواقع متداخلتان , حيث يتم تنفيذ أجزاء من كل مرحلة ويليها أجزاء من المرحلة الأخرى , وهاتان المرحلتان هما : المرحلة الفنية , والمرحلة التقنية .
ويبدأ العمل عادة قبل الشروع في عملية الإنتاج بوقت طويل , حيث يبدأ العمل أولاً في وضع تصورات مبدئية لكل شخصية على هيئة إسكتشات سريعة يتم فيها التعرف على الملامح المميزة لكل شخصية ومداها الحركي وأبعادها النفسية , حيث أن تلك العوامل كلها لابد أن تظهر مباشرة في السمات والملامح العامة للشخصية .
وبعد الإتنهاء من تلك المرحلة الأولية , يتم تصميم الشخصية بشكل نهائي من كافة الزوايا مع تصور لكافة التعبيرات والحركات التي سوف تقوم بها تلك الشخصية داخل العمل .
ونأتي هنا الى أول ملمح محدد للجانب الفني من العمل , ونعني هنا مرحلة السيناريو المصور , حيث أنه وبإتباع التقطيعات التي وضعها المخرج للقطات المكونة للعمل , يقوم الرسام بوضع التصور المرسوم لهذه التقطيعات والتي يستعين بها فنانو التحريك من بعده لتوحيد الرؤية النهائية للعمل .
وعلى صعيد الجانب التقني , تبدأ أولى خطوات هذا الجانب عند تسجيل صوت المممثلين المؤدين لأدوار الشخصيات الكرتونية , ويتم تسجيل الأصوات قبل تنفيذ الصورة ليتسنى لفنان التحريك قياس الصوت لمزامنة حركة فم الشخصية الكرتونية مع الصوت الصادر منها.
وبالعودة الى الجانب الفني مرة أخرى , فسوف نجد أننا قد وصلنا الى أهم عنصر في تنفيذ العمل , وهو فنان تحريك المفاتيح , والذي تقع على عاتقه مسئولية الحفاظ على شكل الشخصية مهما تحركت , وهو يقوم بوضع الحركات الرئيسية التي ترتكزعليها الشخصية , أي بداية الحركة , وأي تغير جوهري يطرأ عليها , ونهاية الحركة .
ويتبع ذلك رسامو بينيات الحركة , وهو يقومون بملء الحركات الرئيسية المرسومة بواسطة فنان تحريك المفاتيح , ويجب ألا يظهر أي فارق ملحوظ بين إختلاف الأيدي العاملة القائمة على عملية التحريك , وهذا يعود في المقام الأول لمهارة فنان تحريك المفاتيح في وضع ركائز الحركة الرئيسية للشخصية.
ونستمر مع الجانب الفني ولكن بشكل يميل للحرفية والدقة أكثر من الإبداع الفني , وأول تلك المراحل هو إعادة رسم الشخصية الكرتونية مرة أخرى بالحبر وبخطوط حادة غير متقاطعة , وذلك على فرخ من مادة السليولويد عالي الشفافية ( تم إستبداله لاحقا بالورق الناصع البياض كما أسلفنا ).
أما المرحلة الفنية الثانية والتي تتميز بطابع حرفي فهي مرحلة التلوين , وتتم عادة بألوان بلاستيكية غير شفافة , ويتم التلوين من الناحية المقابلة للتحبير ( وتم إستبدال تلك المرحلة بالتلوين بواسطة الحاسوب ).
وآخر خطوات المرحلة الفنية هي رسم الخلفيات التي تتحرك أمامها الشخصيات الكرتونية , وترسم تلك الخلفيات عادة بنفس الطريقة المتبعة في اللوحات الفنية العادية , ويستثنى من ذلك الأجزاء التي تحتل مقدمة اللقطة وتمر الشخصيات من خلفها , فترسم تلك الأجزاء على أفرخ السليولويد الشفافة ( وبالطبع قد طال تلك المرحلة أيضا التغيير حيث باتت عملية التلوين تتم بمحررات الصور الحاسوبية كالفوتو شوب وبات عمل المناظر الأمامية أسهل بوضعها محاطة بقناع شفاف أو ما يدعى بقنوات ألفا ) .
وبنهاية المرحلة الفنية نأتي للمرحلة التقنية الرئيسية , وهي جمع الشخصية المحركة والملونة مع الخلفية على منضدة التصوير حيث يتم تصوير الحركة كادر تلو الآخر بواسطة كاميرا سينمائية مجهزة خصيصاً لهذا الغرض ( أو ببرنامج حاسوبي معد لهذا الغرض كالتوون بووم ستوديو والأنيمو وغيرهم ) , وهذه الخطوة هي الخطوة الأخيرة في عملية الإنتاج , حيث يليها العمليات اللاحقة للإنتاج من طبع وتحميض ومونتاج ومكساج وإعداد نسخة العرض .
يهمني هنا أن أذكر في نهاية حديثي عن تلك المرحلة الأولى أنني قد عاصرت بالفعل أواخر مرحلة التصوير السينمائي وما يتتبعه من هدر للوقت وللخامات ( ألوان بلاستيكية - أفرخ سليولويد بلاستيكية - أحبار مختلفة الألوان ) وذلك بالإضافة الى أننا لم نكن نرى ما ننفذه بشكل فوري بل كان يجب الإنتظار حتى يدخل الفيلم الى المعمل ويحمض ثم يطبع منه نسخة مبدأية وهنا فقط نتأكد من نتيجة عملنا ... نشكر الله على ما نحن فيه الآن من تقدم ولكن يبقى في النهاية الإعتماد على فنان التحريك لإنتاج عمل ذو قيمة فنية عالية .
تحياتي
الموضوع الاصلي
من روعة الكون