[تدعوا لأختها بالزواااااااااج ونسيت أن تدعوا لنفسها ،،،
اندفعت البنت الصغرى أمل وراء أمها إلى المطبخ باكية.. و أخذت تناجيها بعينين تفيضان برجاء متعب..
أمي..!! أرجوك.. كلميه ..ناقشيه..!! أقنعيه أن عريساًَ كهذا لن يطرق بابنا كل يوم ..!! مثله لا يرفض يا أمي ..
و ما السبب..!! أختي الكبرى؟؟!! إن كانت هي نفسها لا تمانع ... هي نفسها يؤلمها أن تضعوها عثرة في طريق زواجي .. اسأليها يا أمي .. إنها لا تريد لي أن اعنس مثلها .. و ما ذنبي أنا إن هي لم تتزوج.. !! هل اعنس أنا أيضا ليرتاح والدي..؟؟! أختي مها قاربت الثلاثين , و لا أحد يدق بابنا طالبا ًإياها , فما ذنبي بالله عليك يا أمي........!!
انكفأت الأم تمسح دموع صغيرتها و تربت على كتفها بحنان حزين في محاولة منها لتهدئ روعها و الدموع سيل جارف يقتلع قلب الأم حزنا.. حين دخلت مها واصطدمت عيناها بعيني أختها الباكيتين , أحست بالخجل و تنامى شعور بارد في قلبها بذنب القي على عاتقها و لم ترتكبه .. تظاهرت أنها لم تنتبه .. وهي تضع من يدها بقية الأطباق , و خرجت من المطبخ على عجل و هي تجري حواراً مع نفسها ودت لو استطاعت أن تقوله بصوت أعلى ُيسمع كل من في المنزل , ِلمَ يصر والدي على تعذيبي و تعذيب أختي..؟!! , فليدعها تتزوج.. كيف يستطيع رفض رجل كهذا ليس لديه عيب واحد لمجرد إنني لم أتزوج بعد؟؟..!! ألا يشعر أبى بمدى عذابي و أنا أرى أختي تتمزق بسببي ..!! ماذا افعل يا ربي ..!! أنت وحدك تعلم أنني لا أطيق أن اقف في وجه مستقبلها كيف أقول لها هذا.. هل ستصدقني >>!!
انفلتت أمل من بين يدي أمها.. هاربة إلى غرفتها .. لتبدأ بتجربة الانزواء و سجن الذات اللذين أحست انهما سيكونان قدرها لاحقا .!!
صلاة كل يوم تنتهي بنحيب حار.. و بدعاء إلى الله بان يرسل لأختها مها عريساً طيباً يحملها على جناح السرعة قبل أن يطالها شبح العنوسة الأسود .. وتنهال عليها نظرات الأقارب المتخمة بالإشفاق و العطف .. شعور تكره أن يطالها.. طالما رأت أختها تهرب من هذه النظرات مستجيرة بظلام غرفتها.. وبرودة وحدتها, لكن الأيام تمر والباب لم يعد يقرع.. لا لطلب الكبرى و لا حتى للصغرى .. وأمل في نحول متواصل ترفض التأقلم مع واقع فرض عليها بحكم عادة بالية لم يعد أحد .. أي أحد- يفكر بها سوى هذا الأب العنيد.!!
و أخيرا تسلل شعاع الأمل إلى المنزل و طرد برد الوحدة و شبح الألم , أتاهم من طلب يد مها الأخت الكبرى بعد أن تجاوزت الخامسة و الثلاثين من العمر..!! كان الطارق أرمل في الخامسة و الخمسين من العمر.. وسيم المظهر.. كريم الخلق.. ميسور الحال.. مما اجبر الأب على الرضا و لو مع بعض التحفظات.....!
أخيرا كان لـ "مها" حلمها بالثوب الأبيض الطويل... ..ولو في حفلة ضيقة لا تتسع لأكثر من أفراد العائلتين ... إلا انه ثوب ابيض اختالت به كحورية بحر..!! , بينما أشرقت ملامحها بفرح غامر لم تعرفه منذ سنين طوال منذ بدأت تشعر بنظرات الأقارب ترثي لها و تقتل عزة نفسها بسكين الشفقة!!
و مع كل الفرح الذي كان يبدو على ملامح أمل , فقد غصت بحزن شاحب أعلن سيطرته على قلبها , إذ أن زواج أختها سيبقيها في صقيع غرفتهما وحدها... وحدها مع أحلام لا تعلم إن كانت ستحظى بتحقيقها أم لا بعد أن تأخرت كثيراً.. تزوجت مها ... من يعلم قد لا تحدث هذه المعجزة في حياة أمل مطلقا..!!
تذكرت أمل فجأة و أختها تغيب عن ناظريها وراء باب المنزل مغادرة إياه للأبد.. تبا ...كيف نسيت أن أدعو الله لنفسي طيلة هذه السنين........!!
ضــجــ الحلم ـــيج
الموضوع الاصلي
من روعة الكون