أيها الإخوة المؤمنون ... يقول العلماء : ما من كائنٍ حي ، إلا وفي نشاطه الحيوي ، طاقةٌ كهربائية ؛ فالقلب مثلاً ، يولِّد تياراً كهربائياً ، تعادل شدته واحداً من مئة من الفولط ، وما أجهزة قياس ضربات القلب ، إلا عن طريق هذا التيار الكهربائي ، الذي يولده القلب ، لذلك تسمّى هذه الأجهزة ، أجهزة التخطيط الكهربائي ، هذا شيءٌ مألوف ، أية عضلة تولِّد طاقةٌ كهربائية من حركتها ، هي من الشدة ، بحيث يتحملها الإنسان .
ولكن الشيء الذي لا يصدق ، أن بعض الأسماك في البحار ، تولِّد تياراتٍ كهربائية ، تزيد شدتها عن مئتين وعشرين فولطاً ، وأن هذه الأسماك ، تدافع عن نفسها ، عن طريق ، إرسال ، صعقةٍ كهربائيةٍ، تميت خصمها ، في أعماق البحار .
وأن شدة التيار ، الذي تولده بعض الأسماك الأخرى من جنبيها يزيد عن ستمئة فولط ، وقد أُخِذَت بعض هذه الأسماك ، ووضعت في أحواض، ووضعت في الأحواض ، مصابيح كهربائية، فاستطاعت السمكة الواحدة ، أن تجعل ستة مصابيح كهربائية طاقة كل واحد منها مئة واط أن تتألق جميعاً لعدة ثوانٍ .
سمكةٌ في أعماق البحار ، يدرسها الطلاب في بعض المواد العلمية، وقف العلماء عند هذه الظاهرة ، كيف تولِّد هذه السمكة ، تلك الطاقة الكهربائية ؟ شَرَّحوها ، إذ على جنبيها ، مواسير سداسية ، هي بمثابة الخلايا الكهربائية ، تتولد هذه الكهربائيات في أجسامها عن طريق ، الطاقة الكيميائية ، ووجدوا أن في السمكة الواحدة ، ما يزيد على أربعمئة خليةٍ كهربائية ، هذه الخلايا ، مرتبطة مع بعضها بعضاً ، عن طريق التسلسل ، بحيث ، إذا صدر أمرٌ من دماغ السمكة ، تُفْرغ شحناتها دفعةً واحدة ، باتجاه العدو ، إن دقة توصيلات هذه الخلايا شيءٌ يلفت النظر ، ووصل الأمر بتفريغ شحنتها بالدماغ ، شيءٌ يأخذ بالألباب ، أربعمئة خليةٍ كيميائيةٍ، تستطيع أن تصدر ، تياراً كهربائياً ، صاعقاً ، تزيد شدته عن ستمئة فولط ، إن الإنسان يموت في هذا التيار فوراً ، لو أن سمكةً ، أرسلت ، لسابحٍ ، هذه الصعقة ، تميته فوراً ، يقول الله سبحانه وتعالى :
سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ
( سورة فصلت : من آية " 53 " )
سمكةٌ ، تصدر تياراً كهربائياً ، يزيد عن مئتين وعشرين فولطاً ، وسمكةٌ أخرى ، ترسل تياراً كهربائياً ، يزيد عن ستمئة فولط ، وضعت هذه السمكة ، على قماشٍ مبلل ، قبل أن تموت ، وأمسك بالقماش المبلل رجل ، وأمسك به رجل ، إلى أن أصبح الرجال ثمانية ، فما إن إتصلت الدارة ، حتى انتفض الرجال الثمانية ، من شدة صعقة هذه السمكة .
أيها الإخوة المؤمنون ... مخلوقات الله عزَّ وجل ، دالةٌ على عظمته ، دالةٌ على قدرته ، دالةٌ على علمه ، دالةٌ على خبرته .
والحمد لله رب العالمين
* * *
المرجع :
موضوعات علمية مختصرة من خطبة جمعة عادية : أسماك البحر الكهربائية بتاريخ 31 / 10 / 1986 لفضيلة الدكتور محمد راتب النابلسي .
الموضوع الاصلي
من روعة الكون