يروي أهل السنة و الجماعة الكثير من الكرامات العجيبة للصحابة , و منها قصة ( سارية بن زنيم ) , فعمر بن الخطاب و هو في المدينة يتحدث مع قائد جيش المسلمين في بلاد فارس ؟ فما هي تفاصيل القصة ؟ و ما رأي الإمام الباقر – عليه السلام – فيها ؟
-ذكر سيف عن مشايخه أن سارية بن زنيم قصد فسا ودار أبجرد، فاجتمع له جموع - من الفرس والأكراد - عظيمة ، ودهم المسلمين منهم أمر عظيم وجمع كثير ، فرأى عمر في تلك الليلة فيما يرى النائم معركتهم وعددهم في وقت من النهار ، وأنهم في صحراء وهناك جبل إن أسندوا إليه لم يؤتوا إلا من وجه واحد ، فنادى من الغد الصلاة جامعة ، حتى إذا كانت الساعة التي رأى أنهم اجتمعوا فيها ، خرج إلى الناس وصعد المنبر ، فخطب الناس وأخبرهم بصفة ما رأى ، ثم قال : يا سارية ، الجبل الجبل ، ثم أقبل عليهم وقال : إن لله جنودا ولعل بعضها أن يبلغهم . قال: ففعلوا ما قال عمر ، فنصرهم الله على عدوهم ، وفتحوا البلد .
وذكر سيف في رواية أخرى عن شيوخه أن عمر بينما هو يخطب يوم الجمعة إذ قال : يا سارية بن زنيم ، الجبل الجبل . فلجأ المسلمون إلى جبل هناك فلم يقدر العدو عليهم إلا من جهة واحدة فأظفرهم الله بهم ، وفتحوا البلد . وغنموا شيئا كثيراً ، فكان من جملة ذلك سفط من جوهر فاستوهبه سارية من المسلمين لعمر ، فلما وصل إليه مع الأخماس قدم الرسول بالخمس فوجد عمر قائما في يده عصا وهو يطعم المسلمين سماطهم ، فلما رآه عمر قال له : اجلس - ولم يعرفه - ، فجلس الرجل فأكل مع الناس ، فلما فرغوا انطلق عمر إلى منزله واتبعه الرجل ، فاستأذن فأذن له وإذا هو قد وضع له خبز وزيت وملح ، فقال : ادن فكل . فجلست فجعل يقول لامرأته : ألا تخرجين يا هذه فتأكلين ؟ فقالت : إني أسمع حس رجل عندك . فقال : أجل ، فقالت: لو أردت أن أبرز للرجال اشتريت لي غير هذه الكسوة . فقال : أو ما ترضين أن يقال أم كلثوم بنت علي وامرأة عمر . فقالت : ما أقل غناء ذلك عني . ثم قال للرجل : ادن فكل فلو كانت راضية لكان أطيب مما ترى . فأكلا فلما فرغا قال : أنا رسول سارية بن زنيم يا أمير المؤمنين . فقال : مرحبا وأهلا . ثم أدناه حتى مست ركبته ركبته ، ثم سأله عن المسلمين ، ثم سأله عن سارية بن زنيم ، فأخبره ثم ذكر له شأن السفط من الجوهر فأبى أن يقبله وأمر برده إلى الجند . وقد سأل أهل المدينة رسول سارية عن الفتح فأخبرهم ، فسألوه : هل سمعوا صوتا يوم الوقعة ؟ قال : نعم ، سمعنا قائلا يقول : يا سارية الجبل ، وقد كدنا نهلك فلجأنا إليه ففتح الله علينا .
ثم رواه سيف عن مجالد عن الشعبي بنحو هذا . وقال عبد الله بن وهب : عن يحيى بن أيوب ، عن ابن عجلان ، عن نافع ، عن ابن عمر أن عمر وجه جيشا ورأس عليهم رجلا يقال له سارية ، قال : فبينما عمر يخطب فجعل ينادي : يا ساري الجبل يا ساري الجبل ثلاثا . ثم قدم رسول الجيش فسأله عمر : فقال : يا أمير المؤمنين هزمنا فبينما نحن كذلك إذ سمعنا مناديا يا سارية الجبل ثلاثا فأسندنا ظهورنا بالجبل فهزمهم الله . قال : فقيل لعمر : إنك كنت تصيح بذلك. وهذا إسناد جيد حسن .
وقال الواقدي : حدثني نافع بن أبي نعيم ، عن نافع مولى ابن عمر . أن عمر قال على المنبر : يا سارية بن زنيم الجبل . فلم يدر الناس ما يقول حتى قدم سارية بن زنيم المدينة على عمر ، فقال : يا أمير المؤمنين كنا محاصري العدو فكنا نقيم الأيام لا يخرج علينا منهم أحد ، نحن في خفض من الأرض وهم في حصن عال ، فسمعت صائحا ينادي بكذا وكذا يا سارية بن زنيم الجبل ، فعلوت بأصحابي الجبل ، فما كان إلا ساعة حتى فتح الله علينا .
البداية والنهاية - ابن كثير ج 7 ص 146 :
الموضوع الاصلي
من روعة الكون