يطل علينا بين الفينة والأخرى - ومن خلال بعض الفضائيات المشبوهة والمشهورة في اثارة الفتن والنعرات - ثلة من القومجيين العرب من الثرثارين والطعانين وبياعي الكلام الذين ابتلى بهم الفكر العربي فزادوه ارهاقا وإرباكا وضعفا بعدما جردوه من هويته المسلمة فمزقوه كل ممزق، ورفعهم لشعاراتهم الجوفاء الغابرة وترديدهم لنفس الاطروحات الصماء المتحطمة والتي اكل عليها الدهر وشرب وردمها التاريخ وحكم عليها بالفشل الذريع عندما لم تغن او تسمن من جوع لنصف قرن مضى ولم تنفعنا معشر العرب في السنين الخوالي التي يتذكرها جيدا ابطال تلك الثلة الذين تحسبهم جميعا وقلوبهم شتى.
والمتابع لما يطرح اولئك «القومجيون» او غيرهم من «المتقومجين» يدرك وبشكل واضح مدى تجاهلهم التام والمتعمد عن الحديث عن ذلك الإرث الغابر الذي خلفوه - ابان فترات توهجهم - والذي اسقطوه من حساباتهم ولا يرغب احدهم ان يلتفت له او ينظر اليه او يتحدث عنه (لأنه وصمة عار تلاحق - وستظل - كل واحد منهم) مع ان ذلك هو الأولى والأجدر بهم ان يفعلوه وبكل هدوء وعقلانية لكي يتعظوا بدروس التاريخ ويدركوا الواقع المر الذي صنعوه بأنفسهم والهزائم التي جلبوها بأيديهم ودفعت ثمنها كل الأجيال العربية المتعاقبة والمتلاحقة الى يومنا هذا نتيجة سياساتهم المتخبطة التي كانوا ينتهجونها، وأن يقفوا كثيرا عند تلك الهزائم وذلك الواقع الذي صنعوه ويقيموا انفسهم منه لأخذ الدروس والعبر فدائما العقل الذي لا يعي او يدرك هزيمة لحقت وألمت به فتش عن نقص او خلل في احد اركانه وزواياه.
وعليه ومن المنطق فإنه علينا ان نتقدم لنسابق الأمم التي تقدمت علينا (بفضلنا) لا لكي نرجع الى الوراء (نصف قرن) الى الإرث المهزوم لتلك الحقبة الغابرة والذي دائما ما يعريهم ويبرهن على افلاسهم عندما لم يورث اجيالنا العربية الا الهزائم ولم يعلمهم الا مفاهيم النكسات، فمن الهيكل الخرف «هيكل» الى بياع الكلام وعابد الدولار «عطوان» ذي الصحيفة المجهولة الدخل والتي تخلو صفحاتها من الإعلانات ولا تبيع في الأسواق البريطانية اكثر من مائة نسخة مما يثير تساؤلات كثيرة حول مصادر تمويلها وتمويل صاحبها!! والذي من تناقضاته التي يتاجر بها وصفه لأسامه بن لادن على «الجزيرة» بالشيخ المجاهد وعلى بعض القنوات الأمريكية والأوروبية بالساذج الذي يتبعه السذج!! وكل امثالهم او من هو على شاكلتهم من اصحاب تلك العقليات المعتلة او المختلة والتي هي كالمذياع اينما ادرته وجدته فالمنهج واحد ولو تفاوت بينهم الأجر!! والطريق محدد لا حياد عنه!! وهو المساس وبأي طريقة كانت عندما يتعلق الأمر ببلادنا ووطننا حتى اصبح الواحد منهم يعاني من حالات مرضية مستعصية منهجها الكذب على الطريقة النازية الغوبلزيه «اكذب.. ثم اكذب وواصل الكذب.. حتى يصدقك الناس» ودوافعها.. بعد المادة وحب الظهور والشهرة.. الكراهية والحقد الدفين الذي يلوكهم ويتخبط احدهم وكأنه المس (بمجرد ذكر اسم السعودية).
فالخداع والاحتيال والكذب والدجل والإسفاف والتزوير والتبرير ودس السم بالعسل وبث الكراهية والفرقة والانقسام كلها مناهج انتهجها أولئك المفلسون وتقنع بها الناعقون مما أدى ويؤدي وبكل مرارة وأسف الى تضليل وتشتيت الوعي العربي وتخدير بل وتغييب العقول العربية التي يؤمنون ويعتقدون بجهلها وتخلفها لكي يتلاعبوا بها وبدعم واضح وجلي من بعض الفضائيات المثيرة للجدل «كجزيرة قطر» ذات المجالس الحوارية المضللة والمخادعة والتي تحتضن وبلهفة كل حاقد او هماز منهم وتظهره متى ما أرادت لبث سمومه ودعواته الباطلة والتي تتبناها فقط من اجل دعم بيئتها الإعلامية المهترئة وبنيتها التي تحتضر.. وان تاجرت ببعض القضايا لكي تهيئ النفوس للمآرب والأهداف الخفية لها والغير معلنة في سياستها ومنهجها.
ومما يثير العجب ويدعو الى السخرية ان أحدهم يأتي وظاهرة المصلح الطموح المعبر عن قضايا الأمة المصيرية (وهذا احد اسباب تخلفنا ورجعيتنا عندما يكون المخرب الأول للعقل العربي هو المعبر الأول عن قضاياه المصيرية) ومن باطنه لا يتعدى كونه بياع كلام مستعداً لتقديم ما يطلب منه من سباب ونياح، اي انه مجرد بوق مستأجر بمبلغ من المال لا يهمه الثانوي من الرئيسي ولا يفرق بين الحق او الباطل او حتى الخير او الشر فقط تم جلبه لأداء مهمة معينة يحتاج اليها اسياده من اصحاب الرأي الآخر الذين يروجون ويسوقون لهم في العالم العربي بهتاناً وزوراً على انهم المبدعون الإعلاميون من صفوة اهل الفكر والثقافة (والصحيح انهم مبدعون ولكن بالإعلان لا بالإعلام) وذلك محاولة لجعلهم ظواهر صوتية لكي يخرجوهم عندما يرغبون بإظهار رأيهم الآخر «المزعوم» ليظهروه على هواهم المعروف الممنتج خلف الأبواب وطرقهم الإعلامية الملتوية التي تتلاعب بالمفردات وتغوص في بواطن وخلفيات الأمور لأخذ ما يخدم او يتفق منها مع رأيهم الآخر وحجب مالا يتفق حتى لو كان ذلك ايحاء كاذبا لا اساس له او تلفيقا واهنا اوهن من بيت العنكبوت او اصطيادا بالماد العكر وتحت اي ظرف كان كما جرت العادة، وهو ما تقوم به الغوغاء «جزيرة قطر» الراعي الرسمي لأولئك القومجيين وغيرهم من المتقومجين والتي يكفي ان نقول انها صمت آذاننا وبشكل يومي تقريبا بتقارير منظمة العفو الدولية اولا بأول ومن اليوم الأول لها.. ولكن!! وعندما ترسل نفس المنظمة طلبا لقطر تطلب منهم عدم السماح للطائرات الأمريكية بالإقلاع من قاعدة «العديد القطرية» الى اسرائيل لنقل الأسلحة الأمريكية «الذكية»، وبما ان ذلك لا يخدم رأي الجزيرة الآخر!! فإنها كالعادة تسقطه من حساباتها عند اللحظة التي تسقط بها تلك القنابل الذكية على رؤوس اطفال لبنان الأبرياء مسقطة معها ميثاقها الصحفي الأخرق الذي تتغنى به فقط لذر الرماد بالعيون.
وبما ان السفيه اذا سكت عنه كان في اغتنام فإنه حرياً بالعقلاء في هذه الأمة ان يوقفوا هؤلاء الجهلة والمتطفلين وكل من يدعمهم (وفي أي قناة كانت ) عند حدهم وكفهم بل وردعهم عن العبث والتلاعب بالفكر والعقل العربي الذي سمموه وشوهوه وجردوه من هويته الأصلية وثوابته الأساسية بتلك التوجهات السلبية اليائسة التي عفا عليها الزمن.
من جريدة الرياض
http://www.alriyadh.com/2006/09/02/article183444.html
الموضوع الاصلي
من روعة الكون