بسم الله الرحمن الرحيم
فإن الأولاد أمانة في أعناق الوالدين ، والوالدان مسؤلان عن تلك الأمانة ،
والتقصير في تربية الأولاد خلل واضـــــح وخطأ فادح ، فالبيت هو المدرسة
الأولى لأولاد ، فالبيت هو اللبنة التي يتكون من أمثالها بناء المجتمع ، وفي الأسـرة
الكريمة الراشدة التي تقوم على حماية حدود الله وحفظ شريعته وعلى دعائم
المحبة والمودة والرحمة والإثـــــــــــار
والتعاون والتقوى – ينشأ رجال الأمة ونساؤها ، وقادتها وعظماؤها .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــ
والولد قبل أن تربيه المدرسة والمجتمع – يربيه البيت والأسرة ،
وهو مدين لأبويه في سلوكه الإجتماعي المستقيــــم
، كما أن أبويه مسؤولين إلى حد كبير عن إنحرافه الخلقــــــــي .
قال ابن القيم – رحمه الله تعالى – : ( وكم ممن أشقى ولده وفلذة كبده في الدنيا والآخرة بإهماله ، وترك تأديــبــــه ،
وإعانته على شهواته ، ويزعم أنه يكرمه وقد أهانه وأنه يرحمه وقد ظلمه ، ففاته إنتفاعه
بولده ، وفوت عليه حظــه في الدنيا والآخرة ، وإذا اعتبرت الفساد في الأولاد
رأيت عامته من قِبل الآباء ) .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــ
كما أن للوالدين حقاً على الأولاد – فكذلك للأولاد حق على الوالدين ، وكما أن الله – عز وجل – أمرنا ببر الوالــديــن
فكذلك أمرنا بالإحسان إلى الأولاد ، فالإحسان إليهم والحرص على تربيتهم – أداء للأمانة ، وإهمالهم والتقصير فــــي
حقوقهم – غش وخيانة .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــ
ولقد تظاهرت النصوص الشرعية من الكتاب والسنة – آمرة بالإحسان إلى الأولاد وأداء بالأمانة إليهم محذرة مــــــن
إهمالهم والتقصير في حقوقهـــــــــم .
قال سبحانه وتعالى : (( {إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا )) النساء 58
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
وقال : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَخُونُواْ اللّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُواْ أَمَانَاتِكُمْ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ }الأنفال27
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــ
وقال : ( ما من عبد يسترعيه الله رعية يموت يوم يموت وهو غاش لرعيته
إلا حرم الله عليه الجنة ) . البخاري
من مظاهر التقصير والخطأ في تربية الأولاد :
بالرغم من عظم مسؤولية تربية الأولاد إلا أن كثيراً من الناس قد فرط بها ،
واستهان بأمرها ، ولم يرعها حق رعايتها فأضاعوا أولادهم ، وأهملوا تربيتهم ،
فلا يسألون عنهم ، ولا يوجهونهم .
وإذا رأوا منهم تمرد أو انحراف بدأوا يتذمرون ويشكون من ذلك وما علموا
أنهم هم السبب الأول في ذلك التمـــرد
والانحراف كما قيل :
ألقاه في اليم مكتوفاً وقال لـــــــــه
إياك إياك أنت تبتل بالمـــــــــــــــاء .
والتقصير في تربية الأولاد يأخذ صوراً شتى ومظاهر عديدة تسبب في انحراف
الأولاد وتمردهم فمن ذلك ما يلــــي :
1- تنشئة الأولاد على الجبن والخوف والهلع والفزع
2- تربيتهم على التهور ، وسلاطة اللسان والتطاول على الآخرين ، وتسمية ذلك شجاعة
3- تربيتهم على الميوعة والفوضى ، وتعويدهم على الترف والنعيم والبذخ
4- بسط اليد للأولاد ، وإعطاؤهم كل ما يريــــــــدون
5- إعطاؤهم ما يريدون إذا بكوا بحضرة الوالد ، خصوصاً الصغــــــــار
6- شراء السيارات لهم وهم صغــــــــار
7- الشدة والقسوة عليهم أكثر من اللازم
8- شـــــدة التقصير عليهم
9- حرمانهم من العطف والشفقة والحنان
10- الاهتمام بالمظاهر فحســــــب
11- المبالغة في إحسان الظن بالأولاد
12- المبالغة في إساءة الظن بهــــــــــم
13- الـتــفــريـــــق بـــيـــنـــهــــم
14- ومن صور التقصير في تربية الأولاد – تسميتهم بأسماء سيئـــــــــة
15- التربية على سفاسف الأمور ، وسيئ العبارات ومرذول الأخلاق
16 – فعل المنكرات أمام الأولاد ، أو إقرارهم عليها
17 – جلب المنكرات للمنزل
18- الــــتــــــنـــــاقـــــــــــض
19- العهد للخادمات والمربيات بتربية الأولاد
20- ترك البنات يذهبن للسوق بلا محــــــــرم
21- إهمال الهاتف وترك مراقبته في المنزل
22- الغفلة عما يقرؤه الأولاد
23- احتقار الأولاد وقلة تشجيعهم
24- قلة العناية بتربيتهم على تحمل المسؤولية
25- عدم إعطائهم فرصة للتصحيح والتغيير للأفضــــــــل
26- سوء الفهم لنفسية الأولاد وطبائعهم
27- قلة المراعاة لتقدير مراحل العمر التي يمر بها الولد
28- الشماتة بالمبتلين
29- قلة التعاون مع مدارس الأولاد أو انعدامه بالكلية
30- الدفاع عن الولد بحضرته خصوصاً في المدرسة
ومن هنا نعلم اية جناية نجنيها على الأولاد حين نقذف بهم إلى معترك
الحياة في جو هذه التربية الخاطئة ثم ما أسرعنا
إلى الشكوى منهم حين نراهم منحرفين أو عاقين أو متمردين ونحن قد غرسنا
بأيدينا بذور هذا الانحراف أو العـقـوق أو التمرد .
كتاب ـــ التقصير في تربية الأبناء ـــ للشيخ / محمد بن إبراهيم الحمد
أنهار الدعوة
الموضوع الاصلي
من روعة الكون