(( عفوا ً ...إبنة عمي ))
كانت المرة الأولى التي أزور خلالها تلك المدينة , لم يدر بخلدي ابداً أن تكون بداية العشق من ذلك المنزل الصغير ... بل لم أكن قد فكرت في ذلك من قبل ؟؟؟!!
النوافذ والأبواب تهتز .... بدأت الرياح تخفق .... صوت خالتي وابناؤها يصل اليّ وانا في الغرفة البعيدة ... وضعت كتاباً كنت أقرأه على المنضدة ... لبست حذائي ...خرجت لاأرى ما يدور في النصف الثاني من منزل خالي .. . فتحت الباب ... شدة الهواء دفعتني للخلف ... أقفلت الباب بسرعة ... الوضع لايساعد على الخروج بالبتة .
في الجهة المقابلة كانت في غرفتي نافذة صغيرة تطل على منزل عمي .. رأيت المطر وهو ينهمر والسحاب المتراكم زاد الليل سواداً . تتابع هطوله لم يكن أحد يتوقع أن يأتي بتلك الصورة المذهلة ... تعبت قدماي ... عدت أدراجي الى السرير ... أبحرت بين أسطر ذلك الكتاب مرة أخرى ... سمعت صوتاً يستغيث ؟؟ فتحت النافذة ... الصوت من بيت عمي الذي سافر للتو مع زوجته لمدينة أخرى ...في البيت عائشة فقط وإخوتها الصغار ... خرجت مهرولاً ... طرقت الباب بشدة ؟؟ عائشة .. من الطارق ؟؟ انا عبد العزيز أفتحي الباب بسرعة؟؟ فتحت الباب بخجل .. المطر قد أخذا الكثير من محاسنها وتلك الفتحات والتي بدأ يتسرب منها الماء قد أتعبها كثيراً وهي تضع الأواني هنا وهناك .... تلك الزوايا المظلمة كلما حملت لها أخاً لتقيه من المطر لحظات الا ويبدأ المطر في الأرتفاع حتى يصل لتلك الزاوية التي ينام فيها الطفل ...
أنطفأ النور فالخوف من كارثة كهربائية أجبرت تلك الشركة على قطع التيار عن الحي فأسلاكه مكشوفة ومنازله قديمة وآيلة للسقوط... أزداد الوضع صعوبة ... الخرير مستمر من سطح المنزل ... الصالة الداخلية أمست بحيرة ... كل شيء بدأ يطفو عليها .. أحضرت عائشة الفانوس ... أستغرقت وقتاً طويلاً لإشعاله فالكهرباء قد جعلته منسيا ... خرجت أبحث عن أي شيء لا أفتح به طريقاً للماء حتى يتسنى خروجه من تلك الصالة وقد نجحت في ذلك ....
هدأ المطر وجلسنا في زاوية الصالة والفانوس بجانبنا نشاهد الماء وهو خارجاً من الصالة ... كانت النظرات المتبادلة تحمل آهات عميقة وعواطف جياشة كلانا يريد أن يقول شيئاً ولكن غلب عليه الحياء ...
نهضت عائشة وأخذت تحمل اخوتها الى الغرفة المجاورة ... بقي ماجد لم تسطع أن تحمله فقد كان ضخم الجثة ؟؟ طلبت مني على إستحياء أن أقوم بحمله ... حاولت مرتان والثالثة كانت ناجحة ؟؟
عاد النور الى المنزل وتدلت تلك الضفيرتين احداهما قد سافرت على الأكتاف مستقرة على الأرداف ... والأخرى رفضت الا أن تجتاز مرتفعات الصدر لتستقر على ذلك الخصر الناحل ... كانتا تقطران من الماء فالوضع كان سيئاً قبل قليل ...
لمحتني وأنا أنظر اليها ؟؟تلعثمتُ لاأدري ماذا أقول طلبت منها الأذن بالخروج ؟؟؟ لم تجب كأنها لم تسمعني !!! ذهبت الى المطبخ ... عادت تسألني ... ماذا كنت تقول قبل لحظات ؟؟؟ لاشيء يبدو أن مهمتي قد أنتهت وأريد أن أعود !!!
صمتت برهة ... استدارت ... صعدت عينيها الى سقف الصالة ... أستقرت تلك النظرات على الأرض ... وضعت يدها على شفتيها ... تقدمت للأمام تريد أن تقول شيئاً ماهو لاأدري ؟؟؟
خطوت متوجهاً الى الباب وضعتُ يدي على قبضة الباب هممت بالخروج فاذا بها تنادي عبد العزيز :
أستدرت للخلف فلم أشاهدها كانت قد دخلت الى المطبخ ...أخرجت كوباً من الشاي ووضعته بجانب الفانوس الذي مازال مشتعلاً بالرغم من وصول التيار ولكن الموقف أكبر من أن يتم التفكير فيه ؟؟؟
نعم يا عائشة ماذا تريدين ؟؟!! أصدقك القول يا عبد العزيز منذ أن عرفت الجهات الأربعة ... مانبض فؤادي ولا أرتفعت حرارة جسمي كلقاؤنا الليلة ؟؟!! أحس وكأني كنت غارقة ولاحت لناضري الأرض من بعيد ... بل أن قلبي أحس وكأنه خيل جامح يركض هارباً من قطيع تلاحقة ... أربعة عشر عاماً منذ أن بدأت اعي ما يدور حولي لم يخالجني هذا الإحساس ؟؟ولدت لدي الجرأة ... طلبت منها أن تحضر كوباً فارغاً لا أعطيها قليلا ً من الشاي ... أبحرت في عينيها... رسمنا دروب للعشق ... مسحنا هموم تلك السنوات ... ذهب التعب... وتعالت الضحكات .. . لاح بارق الفجر .. أستأذنت منها ... قبل أن اغادر ذلك البيت الصغير ... قلت لها :
سأعود اليك يوماً وسنعيش في قصر لاتمل عين الناظر منه... قصر لا يتسرب منه الماء ياعزيزتي ... حسناً يا عبد العزيز فأنا إبنت عمك لاأريد بنات خالي وعمي وصبايا القريه عندما يتحدثون عنك أقول لهم (ذاك الذي فتح قلبي ورحل ) طبطبت بكلتا يدي على كتفيها ...رأيت الفانوس مازال مشتعلاً... خرجت من الباب ...أغلقته خلفي ...
وهاأنذا تسعة أعوام مضت ولم أعد ؟؟؟!!!
الموضوع الاصلي
من روعة الكون