بين الغيرة من النجاح ونجاح الغيرة
تتقافز على أوتار الخاطر كثير من الأفكار والرؤى ، والتي كم يتمنى الفرد أن يكتب حولها مقالا وافيا ، وما أن يلتهي عنها بعض الشيئ إلا ويجد تلك الفكرة قد تبخرت من ذاكرته .
فعمدت منذ فترة ليست بالقصيرة على كتابة بعض الأفكار في مدونة أحتفظ بها في جيبي ، منتظرا الفرصة السانحة لكتابتها ، فعذرا أحبتي إن وجدتم خللا ، فهذه إحدى الأفكار الملتهبة في خاطري سكبتها هنا قبل إنطفاء جذوتها ، وتبخر معانيها .
وأقول : لا شك أن الإنسان كتلة من المشاعر فهو يحب ويكره ، يغضب ويرضى ، يضحك ويبكي ...الخ كما أن من تلك المشاعر الشعور بالغيرة .
والغيرة في نظري سلوك ايجابي إذا دفعت الإنسان للتحدي وتحصيل ما حازه غيره ، والله عز وجل يقول ( وفي ذلك فليتنافس المتنافسون ) ولولا الغيرة ما تنافس المتنافسون ولا نشأ التحدي بين كثير من الناس في حيازة قصب السبق .
والى هنا الغيرة جيدة بل هي من الدوافع العظام لعمارة الأرض ، لولا أن الغيرة في بعض الأحيان قد تكون مدمرة للغيور .. كيف ؟
عندما يقوم المغتار بقرع طبول الحرب على منافسه داعيا إلى ازالته من ميدان المنافسة بالكلية دون مبررات كافية أو أجوبة شافية .
فهؤلاء أخوة يوسف عليه السلام قالوا ( إِذْ قَالُواْ لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلَى أَبِينَا مِنَّا وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّ أَبَانَا لَفِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ ) ولو دققنا في تعليلهم لوجدنا أنهم افترضوا تعليلا خاصا بهم للنجاح لم يقله يعقوب عليه السلام ، ليتهربوا من العله الحقيقية و السعي الصحيح والذي يتطلب منهم وقتا وجهدا لتحصيل محبة أبيهم ، فكان أرحم حكم أتخذ في حقه أن قالوا (قَالَ قَآئِلٌ مَّنْهُمْ لاَ تَقْتُلُواْ يُوسُفَ وَأَلْقُوهُ فِي غَيَابَةِ الْجُبِّ يَلْتَقِطْهُ بَعْضُ السَّيَّارَةِ إِن كُنتُمْ فَاعِلِينَ ) ولكونهم آثروا نجاح الغيرة المجردة من السعي في تجاوز الخلل الموجود في السلوك أو تلافي الأخطاء في الحياة و اكتفوا ببعض أسباب الغيرة (وَنَحْنُ عُصْبَةٌ) كانت العاقبة للناجح الحقيقي ولو حاز الغيور بعض ملامح النصر الجزئي .
وهؤلاء بني اسرائيل طلبوا ملكا وكانوا يظنون أن الله عز وجل لن يختار غير نخب المجتمع التي أفرزوها بمقياسهم النسبي ، فلما أخرجها الله منهم لغيرهم قالوا ( أَنَّى يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنَا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِّنَ الْمَالِ) ولو أنهم آمنوا ورضوا وسعوا في منافسته في تقواه وصلاحه فليس ثمة مانع من أن يصطفيهم الله عز وجل أو يصطفي من ذراريهم في مواقف أخرى يفخرون بها ، لكن أيضا كانت العاقبة والنصر والتمكين لطالوت ، أما المناوئين له اندثر ذكرهم وغاب في طيات الزمن .
فالغيرة ليست سلوك خاطئ مطلقا لكن الخطء الحقيقي أن نساعد على نجاح الغيرة المجردة من السعي ونهضم حق من كافح من أجل النجاح .
وعلى كل الأمثلة كثيرة في هذا الباب وعذرا إن أوجزت فأخللت فهي مجرد خاطرة
الموضوع الاصلي
من روعة الكون