بسم الله الرحمن الرحيم
في درجة حرارة شارفت 50 درجة مئوية والشمس في كبد السماء ، اتجهت إلى أحد الدوائر الحكومية لانجز معاملتي ، وقبل دخولي الصالة كان هنالك شاب واقف على البوابة في "كشك" خشبي صغير والمكيف "القديم" يهب عليه بنسمات صناعية ، وكان لابد من خروجه وجلوسه على كرسي حتى يتسنى له فتح الحاجز واقفاله على السيارات والمراجعين.
دخلت إلى الصالة فإذا بموجة هواء بارد تهب علي ، فنزل مؤشر درجة الحرارة، فسألت نفسي الغافلة ، ويحك يا نبض المعاني هذا مثال بسيط يجسد الفرق بين الجنة والنار ولله المثل الأعلى سبحانه تنزه عن كل عيب، وويلك يا نفسي إن لم تتداركي الزمن .
ولأني ولله الحمد أعرف "واسطة" يعينني بعد الله بدون الحاق الضرر بغيري، كان وقت انجاز معاملتي قياسياً وكنت أثناء ذلك أتناول "الشاي المنعنع".
لأني أؤمن أن "الناس للناس والكل بالله" فوجود واسطة لك في مكان ما بدون أذى أو تعطيل الأخرين أمر لا بأس به.و"ما يخدم بخيل" فاجتهد مع الناس يجتهدوا معك.
الرجل فعل وطيب موقف ومنطوق
والمفلس اللي ما يحصـل حداهـا
عدت بعد دقائق معدودة وقد أنجزت معاملتي وقبل خروجي من الصالة ارتديت نظارتي الشمسية واستشقت بعض الهواء البارد وخرجت إلى "الفرن الطبيعي" حيث كان البواب الشاب جالساً على كرسية المتهالك.
مررت من جانبه والقيت السلام فرد والإحباط يعلو محياه وعندما تقدمت خطوتين وقفت واستدرت ورجعت له.
ثم دار بيني وبينه حديث .
نبض المعاني: الله يعطيك العافية ويعينك على الحر
الرجل: الله يعافيك، تعودنا!!
نبض: أنا لو مكانك احاول القالي مكان ثاني
الرجل: يارجال حاولت لكن ما قدرت
نبض: ساعات عملك إلى متى؟
الرجل: من 7 إلى 2
نبض: طيب حلو ...ابحث عن وظيفة مسائية
الرجل: اروح تعبان ابغا ارتاح!
نبض: معلش للتدخل ..متزوج؟!
الرجل: لا!
نبض: على كبر الرياض ما لقيت إلا هالشغلة انت ما شاء الله عليك في مقتبل عمرك
الرجل: حظي كذا، واكثر الناس يوعدونك وما تلقى شي!!
نبض: ومن متى والإنسان يعتمد في رزقه على الناس؟!
فجأة مر من جانبنا أحد من الجنسيات الأسيوية يعمل في (DHL) قلت له شفت هالرجال.
تراه يوم ما بيصير مشرف وبعدين مدير .. وأنت كما أنت!!
ياخي اصحى بدري ، ابحث في كل مكان ، احفر الصخر ، خل لك في هالدنيا طموح لا تخلي الإحباط يلف حياتك، لا تصير حياتك بدون معنى.
كان ينظر إلى بتعجب ولسان حاله يقول : وما دخل هذا الرجل الغريب فيني؟!
طلبت منه أن يوعدني يحاول مره ثانية وقلت له : يمكن اراجع الشهر الجاي وان شاء الله في هالوقت تكون دبرت نفسك بعمل اخر
وعدني وكان هدفي هو إثارة هذه الفكرة بينه وبين نفسه، لعله يتدارك نفسه وعمره .
نظرت إلى ساعتي وإذا بي أمضيت معه قرابة نصف ساعة ونسيت نفسي والحر!!
ثم غادرته وأنا أردد
إن عشت يا راسي كسيتك عمامة
وان مت يا راسي فدتك العمايـم
تقبلوا تحياتي
الموضوع الاصلي
من روعة الكون