بسمـ الله الرحمن الرحيمـ ..
الحياة التي نعيش فيها ، ونصنع وجودنا ومصيرنا بين أحضانها ..
ماهي حقيقتها .. وكيف نتعامل معها ؟
حياة الإنسـان هي هذه النشأة والفعاليات الجسدية والفكرية والروحية
التي يمارسها الانسان بين فترتي الولادة والموت ..
والتي يصنع من خلالها وجوده .. وتكتمل ذاته وروحه وشخصيّته ..
إنّه يحقِّـق ذلك من خلال ما يملك من حياة وعقل ..
وقدرة على الاحساس بالعالم المحيط به..
والشعور باللّذّة والألم ، وإدراك العقل للموجودات ..
فنحـنُ نأكل ونشرب ونلبس ونلهو ونلعب ونستمتع بالجمال والطيِّبات..
ونحسّ بالحبّ والكراهية، والحزن والمسرّة، واللّذّة والألم ..
ونضحك ونبكي، ونيأس وتنفتح الآمال أمامنا ..
ونفكِّر فنُبدِع ونستنتج ونكتشف أشياء ونضع اُخرى ..
ونعبِّر عن أحاسيسنا بالكلمة والرّسم والشّعر والفرح والحزن ..
وننطلق بوعينا وتفكيرنا خارج حدود هذا العالم، فنفكِّر في نشأته ..
وكيفيّة صدوره . فنعرف مبدأ الوجود وخالقه ..
إنّنا نفكِّر ونحسّ ونعمل ونفعل ، فنصنع الحياة بفكرنا وإحساسنا ..
وما يصدر عنّا من فعل ..
إنّنا جسد وروح وعقل ومشاعر ..
وُهِبنا كلّ ذلك ، ونحنُ نصنع الحياة ، كما يصنع الرّسّام الصورة ..
وحياة كلّ فرد منّا هي صورة ذاته ، فأيُّنا يحبّ أن تكون صورته شوهاء ..
إنّ الحياة ليست مُتعة ولذّة فقط ، ولكنّها مختلطة بالآلام والأحزان أيضاً ..
وهي ليست فوضى .. بل هي مسؤولية .. مسؤولية أمام الله سبحانه..
ومسؤولية أمام المجتمع والنّاس الّذين يعيشون معنا..
ومسؤولية أمام القانون ، ومسؤولية أمام الضمير والوجدان ..
قال تعالى : (فَلنسألنّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إلَيْهِم وَلَنَسْألَنَّ المُرْسَلين ). ( الأعراف / 6 )
وقال الرّسـول الكريم ((ص)) : « كُلّكم راع ، وكُلّكم مسـؤولٌ عن رعيّته » .
إنّ خالق الوجود يشرح طبيعة الحياة ..
ويضرب المثل الذي يقرِّب الفهم إلى عقولنا ..
ويوضِّح أ نّها عملية نشأة ونموّ وتكامل وازدهار ..
ثمّ ذبول وانحلال وزوال .. وهكذا حياة كلّ فرد في عالم الحياة ..
(واضرِب لَهُمْ مَثَلَ الحـياةِ الدُّنْيا كماء أنْزَلْناهُ مِنَ السّماءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَباتُ الأرْضِ فأصْبَحَ هَشِيماً تَذْرُوهُ الرِّياحُ وكانَ اللهُ عَلى كُلِّ شَيْء مُقْتَدِرا ).
( الكهف / 45 )
فالحياة رغم ما فيها من زينة وجمال ومُتع ولذّات ..
فإنّها أحداث تقع وتنتهي ، كما ينشأ النبات وينمو ويزدهر..
ثمّ يذبل ويصفر ويتحوّل إلى هشيم تذروه الرِّياح ..
وعندما تنتهي هذه المرحلة من حياة الانسان ..
تبدأ مرحلة اُخرى من حياته.. وهي عالم الآخرة ..
وذلك عالم الخلود .. عالم لا تغيّر فيه ولا زوال ..
عالم النعيم والجمال والجنّات ، أو عالم الشّقاء والعذاب ..
والذي يقرِّر مصير الإنسان في ذلك العالم ..
هو طبيعة فعله وعقيدته في هذا العالم..
كما يقرِّر سعي الطّالب وتحصيله الدراسي..
نتيجته الامتحانية ومستقبله العلمي في الحياة ..
إنّ الإنسان يمهِّد في حياته إلى عالم الآخرة..
كما يمهِّد عالم الرّحم إلى عالم الدّنيا ..
حدّثنا القرآن الكريم عن هذه الحقيقة بقوله :
(مَن كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ ، ومَنْ عَمِلَ صَالِحاً فَلاِنْفُسِهِمْ يَمْهَدُون ).
( الرّوم / 44 )
لذا جاءت الشّرائع الإلهيّة لتنظِّم نشاط الانسان وسلوكه في الحياة ..
فالإنسان قد ينساق وراء الشّهوات والمُتع واللّذّات، أو يسيطر عليه الغرور والجهل ..
والعدوان. فتتحوّل الحياة عنده إلى عمليّات إشباع للّذّة والشّهوة ..
أو طريقاً إلى الجريمة والفساد في الأرض وعبادة للّذّات..
من خلال سيطرة الأنا والإعجاب بالنّفس ..
إنّ خالق الحـياة قد وهبها للإنسان ليعيش فيها بسلام ..
وليتمتّع بطيِّبات الحـياة وزينتها ، وفق قانون حفظ الحياة ..
وتنظيم سلوك الانسان بشكل يمكِّنه من أن يحقِّق الخير لنفسه..
ولمجتمعه الذي يعود بالخير عليه ..
وعندما يُخطئ الإنسان في فهم الحياة ، فإنّه يجني على نفسه..
ويقودها إلى الدّمار ، ولا يشعر بخطئه هذا إلاّ بعد فوات الأوان ..
فالملايين من البشر قادتهم الشّهوات والملذّات..
والإحساس بالغرور إلى الكوارث والندم ، ولكن بعد فوات الأوان ..
لقد انتهت حياة الكثير من البشر إلى السّجون أو الانتحار..
أو الإدمان على المخدِّرات ، والتسكّع والقلق ، وفقدان السّعادة ..
ومعاهد الإحصاء وتقارير الدوائر المختصّة..
كالمستشفيات والمصحّات النفسية ، ودوائر مكافحة الإجرام ..
والإحصاء الجـنائي تسجِّل أرقاماً مُذهلة ..
إنّ حياتنا هبة من الرّحمن ، وعلينا أن نتعامل مع الحياة وفق قانون السّلامة ..
وحفظ الحياة ، وهو القانون الإلهي الذي حرّم كلّ ما هو ضار لنا ..
وأباح لنا الخيرات والمُتع واللّذّات النافعة لنا ..
إنّ هناك وسائل لفهم الحياة ، علينا أن نرجع إليها ونعتمد عليها ، وتلك الوسائل هي :
1 ـ كتاب الله وهدي النبوّة ، فهما يقدِّمان لنا إيضاحاً كافياً لطبيعة الحياة ،
ويوفِّران لنا منهجاً ودليلاً هادياً في الحياة .
وعلينا أن نقرأهما بوعي وتأمّل عقلي وعلمي لنعرف ما فيهما من خير وحكمة ..
2 ـ والمصدر الثاني لفهم الحياة هو العلم والاكتشافات العلمية ..
فقد زوّدنا العلم بالمعرفة والوعي ، فاستطاع أن يقدِّم لنا تعريفاً بما هو ضار ، وما هو نافع .
فجاءت أبحاثه ودراسـاته متطابقة مع ما بيّنه القرآن في منهجه من حلال وحرام ..
دمتمـ بحفظ المولى ......................................
منقوووووووول
اتمنى ان يحووز اعجابكم..
تقبلوووا خالص تحياتي "دلوعه نت"..
الموضوع الاصلي
من روعة الكون