"لا تغضب"
كلمات بسيطة لها معاني كثيرة، قالها سيد الخلق، فلمَ نجدها صعبة التنفيذ؟
كم منا تلوم نفسها كلما غضبت فصرخت في أطفالها؟
هل حدث وأن نظرتِ في المرآة في لحظة غضبك وصياحك لتعرفي ما الذي يراه طفلك؟
موضوعي بسيط، أنا وغيري نعاني أحياناً من تلك اللحظات التي نفقد فيها أعصابنا ونقول ما نندم عليه. فلمَ لا نتعاون في هذه الصفحات ونعاهد أنفسنا على جمح غضبنا والتصرف بطريقة أخرى؟
سنتكلم يومياً عبر هذا الموضوع عن نجاحنا، وفي كل يوم يمر، سنقوم بسرد أحداث يومنا هنا ونخبر بعضنا البعض عن كيفية التصرف في هذا الموقف وذاك. نريد أن تكون هذه الصفحة كما يقال "فشة الخلق" فلا ننفجر في وجوه أطفالنا، بل هنا فقط. ستفخرين بنفسك جداً بعدها، وستشعرين بتغير في أطفالك بشكل لم تتخيليه؛ فكما تتصرفين سيتصرف أطفالك!
لم أجهز موضوعي، فهي كلمات أكتبها الآن فور تفكيري بها وأرجو أن لا يكون مشتت الأفكار.
سأكتب بعض النقاط التي ستفيدنا في تحقيق ما نريد، وما نريده هو "مكافحة الغضب" وعدم الضرب...
- ادعي دبر كل صلاة بـ:
اللهم ألهمني الحكمة والصبر والأناة والحلم والثبات على الرشد
(ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إيماما)
وادعي الله أن ييسر لك يومك كما يحب ويرضى
ويصبرك ويلهمك الهدوء والحكمة وحسن التربية
- عندما تغضبين اليوم من تصرف طفلك، أخبريه بعقلانية: انتبه، أنا بدأت أفقد صبري حتى يكاد أن ينفذ، لقد أصبح بحجم حبة الزبيب
إعطاء طفلك "تقريراً" عن حالتك النفسية، يجعله يتراجع عن مواصلة المشاكسة أو على الأقل فرصة ليعالج ما أفسده قبل انفجارك.
- عبري عما تشعرين به بالكلمات، وابدأي بكلمة "أنا" وأكملي ما تشعرين به، ولكن انتبهي من انتقاد طفلك وصب جام غضبك على تصرفاته العشوائية. بل انظري في وج وقولي: "أنا غاضبة جداً، لا أحب أن أرى اللعب على الأرض وأحتاج فعلاً للمساعدة". خذيه من يده باتجاه ما يجب عمله. الجملة التي تبدأ بـ "أنت" تنتهي بكلمات جارحة.
كذلك ممكن قول: "أشعر بغضب شديد إن سمعتكم تنادون بعضكم بكلمات سيئة" وهذا بدلاً عن "أنت فتاة سيئة، كيف تقولين هذا الكلام لأخيكِ؟
- حاولي اليوم أن تمسكي مشاعرك والتي تجعلك تبدأين بالنصائح والتوجيهات والتأنيب. بل استمعي إلى ما يقوله مهما كان. ربما ابنتك اليوم متضايقة من المدرسة، جاءت المنزل عابسة وبدأت بمشاكسة أخوتها. لا تبدأي باللوم وكيف أنها دخلت المنزل وبدأت برمي قنابلها يميناً ويساراً، بل بدلي جملة: "توقفي عن مشاكسة أخوتك وإلا عاقبتك"، بدليها بـ "تبدين متعبة من المدرسة اليوم" أو أي جملة مشابهة "هل تريدين إخباري بما حدث؟". هنا أعلمتِها أنك جاهزة للاستماع وأنك مقدرة لما تشعر به. ربما تخبرك وربما ترفض، اتركيها وستأتي لاحقاً وتخبرك وحدها.
وإن لم تخبرك، على الأقل هدأت من غضبك الذي كان سيشتغل لو بدأت بصوت عال بكلمة: "توقفي عن هذا".
- حاولي أن تسيطري على رغبتك بلوم طفلك على تصرفه الخاطئ كلما أخطأ، اليوم مثلاً ربما يأتيكِ ناسياً بعض الأغراض المدرسية في المدرسة، وطبعاً هذه عادته. حاولي أن تصمتي للحظات، كوني جملة أخرى غير التي في بالك، وبدلاً من قولك: "كعادتك، تنسى أغراضك ولا تتذكر شيئاً، مراراً وتكراراً قلت كذا كذا..."، بل قولي: "كيف نجد حلاً بحيث تتذكر أغراضك ولا تنساها؟ هيا نفكر معاً"
طبعاً كنتِ غاضبة، ولو أنك قلتِ ما كان في بالك في بداية الأمر، لغضبتِ أكثر، ولأحزنت طفلك وربما رد عليكِ برد أشعلك غضباً. ولكن جملتك الثانية بعد التفكير كانت أسهل وقعاً عليه وعليكِ، هنا شعرت بالهدوء، خاصة أنه سيرد عليك بالموافقة وأنه فعلاً أخطأ بدلاً من أن يدافع عن نفسه.
- حاولي أن لا تهددي وتذكري العقاب بالضرب. كثيراً ما نسمع أمهات يقلن: لا تضرب، بل استخدم الكلمات. ولكن كم أم تفعل ما تقوله؟ هنا سنحاول جهدنا أن نفعل ما نقوله فعلياً. وتذكري دائماً، عند الغضب لا تدركين مدى قوتك، وربما تندمين على تصرفك لاحقاً.
- تذكري ما نقوله دائماً، عندما تغضبين وتحتاجين للصراخ، فوراً قفي واذهبي إلى غرفة أخرى، لا بأس لو صرختِ وقلتِ كلمة تنفسين فيها عن غضبك، اصرخي بأعلى صوتك "يا إلهــــــــي"، هنا لم تقولي كلمة سيئة، فهي كأنك تستنجدين بالله.
ولا بأس أن تضربي المخدة إن كان هذا سيريحك.
كما أنه لا يضر لو مرة اجتمعتِ مع أطفالك وأخبرتيهم أنه لا بأس إن غضب أحدكم أن يذهب إلى الغرفة الأخرى ويصرخ ويضرب المخدة كما يريد، وبعد أن يرتاح يخرج بكل هدوء. أهم شيء أن لا يغضب الإنسان من الشخص الذي أمامه حتى لا يزداد الانفعال.
- تذكري أن المحاضرات في وقت الغضب مهما كانت منمقة، إلا أنها لا تقع على آذان صاغية، اعرفي ما تريدين قوله ولا تقوليه إلا في وقت هادئ مثل وقت ما قبل النوم وبإضاءة خافتة، فالأم والطفل يشعران بتفاهم أكبر وقتها.
- حاولي من اليوم تغيير بعض الإجابات المعتادة، وبدلاً من أن تقولي لطفلك أن يخفض صوته أو أن يتأدب ولا يتكلم بهذا الشكل، الأفضل أن تقولي شيئاً مضحكاً هذه المرة، مثلاً وهو غاضب، قولي له: شكلك جميل بهذا اللون، يشبه (شبهيه لشخصية كرتونية مفضلة لديه)، سيضحك على التشبيه. وهو سيفعل نفس الشيء لاحقاً.
- جربي أن تستخدمي بعض الإشارات -مثل المدرسات- بدلاً عن كلمات النداء حتى يسرعوا في عملهم.. أنا مثلاً اعتدت أن أقول: خلصوا أكلكم.. الآن سأصفق لهم وسيكون المعنى معروفاً لديهم لأنني سأخبرهم عنها مسبقاً.
- لا بأس أن تعتذري عندما تخطئين، فهو طبع ممتاز يتعلمه أطفالك.
- عودي أطفالك على عدم تغيير مخططات العمل المنزلي، وعندما يعرفون أن هذه الأمور لا تغيير لها، ستقل شكواهم
وسيعرفون أنه أمر لا بد منه.
- تذكري صوتك، لا ترفعيه عندما تغضبين، فكري، ثم سيطري على نبرة صوتك وإلا ارتفع صوتكما وهذا يسبب الانفجار، وتذكري للمستقبل ما سبب هذا الغضب لتتفاديه.
- جربي أن تكتبي ما يضايقك من تصرفات وأنت هادئة، ثم اكتبي تصرفك عادة كردّ، وكيف ستعالجينه في المرة الأخرى.
- تذكري طفولتك وكيف كنت وكيف كانت تصرفاتك!
- اعرفي أنك لست الوحيدة ممن يعانون من وقت الطعام، والنوم، والتنظيف وتسريح الشعر وشكاوي الأخوة من بعضهم؛ هذه الأوقات تكون متعبة ولكن تذكري أنه مع الصبر ستسير المركب وسيقل العناء، عالجي الأمر وقتها بترك الموقف والذهاب إلى الحمام دقيقتين أو الاسترخاء في حمام من الصابون
الموضوع الاصلي
من روعة الكون