بللتني بالليل الحزين الماطر .. وبحنانك وأحببتك وها أنت ترحل مثلما تستل السكين من غور الجرح وتغطس في ظلام النسيان .
يا حبيبي ها أنا أقطر حزنا وألما وانصياعا لرغبة جامحة في أن أقبلك أن أضمك إلى جنحي المكلوم , أعدتني يا حبيبي إلى لغة العالم الثالث والتي لا تعكس إلا المطالب والحاجات الصغيرة الدقيقة ، يا حبيبي أعضاء جسدي تنزف بالمطر والشوق ، أعدتني برحيلك إلى غربتي إلى غرفتي التي عرفت فيها لغة ملعونة مسكونة بالحنين والكبرياء وعتمة الضجر .. افتقدك والافتقاد عذاب كالعذاب الذي يؤرقنى وأنا أرى الأشياء الجميلة تتراقص من حولي وأنت متشرد مسكون بالرحيل والغربة وجعي بك يحتضر ويلفظ أنفاسه الأخيرة أمام الشوارع المظلمة المغسولة بالمطر الأسود والذكريات المدوية وترانيم الإحراق التي تلا حقني طيلة تنفسي ..
يا وطني وجعي بك خالد أي هوان يحل بي حين تكون بعيدا هكذا أبحث عنك في الشوارع وفي الوجوه المألوفة برائحة الدم المسلوب وأعرف أنني لن أجدك . لا أعرف لماذا انساق إلى مرآتك من بين مئات الآلاف من المرايا المحروقة لماذا أنت بالذات ؟؟؟
حين يأتي صوتك يتسلل عميقا في متاهات الوجود . أعزف حينها سيمفونية راقصة تحيلني إلى ما يشبه العيار الناري المطلوق على هدف متوهج .. تبقى أنت في عالمي كخريطة ممزقة أبحث فيها عن وطني أركض لاهثا فوقها بمحاريثي المسنونة .
يا حبيبي ما أحببتك قط كما أحبك الآن لأنك جعلتني أكف عن حبك . جعلتني أنساق وراء الوهم الأزرق والريح المدوية التي تجتث معها الذكريات وتذريها كالهشيم .. لقد علمتني أن الحب قارب يسري في نهر اللارجوع ومجدافاه انسانان أحبا بعمق وتعقل في محيط مجنون وعلمتني أن ازدواجية العلاقة بين التحليق المستمر في الوجودية وبين اللارجوع لا تؤثر على قارب تزينه الهوادج يسري في تيار صامت كشلال أخرس يتلون بالدوائر المتدفقة التي تدور وتدور وتدور حتى تضمحل .. علمتني أنه مع تلك القاهرات يبقى القارب مبحرا ما داما مجدافيه يدفقان بالحركة فلا يقف عند عقبة زمان أو تشبث مكان أو إغراءات الظروف ..
علمتني أن الألم ينتصب كعود ثقاب زاخما زاحفا جارا أذيال النوى والوجع والوحدة عندما ينفصل أحد المجدافين عن القارب فيتوقف حينها الزمن المشدود إلى القلب عن الحركة ويبقى ساكنا .. ويدور القارب بفعل المجداف المتبقي الوحيد في حلقة مفرغة لا طائل منها قاطعا مسافات خاوية متعبة . علمتني أن في مثل ذلك الموقف على القارب أن يحرم المجدافين كليهما من لذة التواصل ومن حق المسيرة لأن الهدف قد اقترب من هوة تمنعه من التحقق ..
لكل ذلك لك سهري وحرماني ولك اندفاعي تائه مشدوه .. مهاجرا إليك
فعد إلي ولك الانصياع
*
**
***
إليك أمـيـنـة مني السلام
ــــــــــــــــــــــ ومن خاطري قبلات الهيام
ومن قلبي المبتلي بالنوى
ــــــــــــــــــــــ أحاديث تشعرني بالغرام
كلنا نسير عكس الاتجاه وعكس المستقبل نساوم في آمالنا ونقتحم المجهول بألف ألم وألف جرح وألف نزف .. لكن يبقى لنا الأمل المنشق بنور يومض بين الفينة والأخرى .. وبين كل تلك الاحتفالية المتضادة يظل فينا نوع من الزهد المتسامي عن مواجهة الحقيقة وعن السير وراء الخيال المتقلب ...
أحيي الانفتاح العفوي والرضا المستند إلى واقعية حرة متضادة يظل العاشق في ترانيم متقلبة بينها مما يخلق الاندفاع إلى المواجهة والتحرر
الموضوع الاصلي
من روعة الكون