السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ...
أخليكم مع الأسئلة والأجوبة ...
سؤال:
لي صديق يريد أن يتقدم لخطبة فتاة من عائلة أنا أعرفها جيداً ، ولكن فاجئني بأمر ألم به وهو (أنه قد أصيب بالعقم من جراء تناوله لدواء يعالج مرض جلدي مزمن وتحسنت حالته بهذا الدواء ولكن شفاءه من العقم ميئوس منه أو شبه مستحيل) ورغم هذا فإنه مُصر على أن يتقدم لخطبة الفتاة دون أن يعلمهم حقيقة مرضه بالعقم خوفا من رفضهم له، رغم نصيحتي وكلامي له تكرارا ومراراً من أن يعلمهم بهذا الأمر أو لا يتقدم للخطبة ، لكنه لا يستمع لي . هل علي إثــم لو أنني سكت عن هذا الأمر ولم أبلغ عائلة الفتاة بمرض هذا الصديق ؟ أفيدوني يرحمكم الله لأن هذا الأمر يرقني رغم أني أحاول منعه حتى الآن.
الجواب:
الحمد لله
اختلف الفقهاء رحمهم الله في العقم هل يعد عيبا في النكاح ؟
والصحيح أنه عيب ، لأن حصول الأولاد من أهم مقاصد النكاح ، والناس يعتبرون كتمان هذا العيب غشاً .
وقد قرّر ابن القيم رحمه الله أن كل عيب ينفر أحد الزوجين من الآخر ، ولا يحصل به مقصود النكاح من الرحمة والمودة ، فإنه يجب بيانه ويثبت الحق في فسخ النكاح إذا كتم هذا العيب ، ووافقه على ذلك بعض أهل العلم المعاصرين ومنهم الشيخ ابن عثيمين رحمه الله ، ورأى أن عدم الإنجاب عيب يوجب الخيار للزوج أو الزوجة .
قال رحمه الله : " والصواب أن العيب كل ما يفوت به مقصود النكاح ، ولاشك أن من أهم مقاصد النكاح : المتعة ، والخدمة ، والإنجاب ، فإذا وجد ما يمنعها فهو عيب ، وعلى هذا فلو وجدت الزوج عقيما ، أو وجدها هي عقيمة فهو عيب " انتهى من الشرح الممتع (12/220).
وانظر جواب السؤال رقم (43496)
وعلى هذا فالواجب على صديقك أن يخبر من يريد الزواج منها بعقمه ، فإن قبلت بذلك ، فلا حرج عليه في نكاحها ، وإن كتم ذلك ولم يبينه كان غاشا ، وكان لزوجته الخيار في الفسخ إن تبين عدم إنجابه . هذا ما يتعلق بصديقك .
وأما أنت فيجب عليك – بعد تأكدك من وجود هذا العيب ، وأنه لا يرجى الشفاء منه – أن تبين ذلك لوالد الفتاة ، فإن هذا من النصيحة لهم ، ويكفيك في ذلك أن تقول لهم : لا أشير عليكم به أو أنصحكم بالعدول عنه ونحو ذلك من العبارات ، فإن أبوا إلا أن تبين لهم السبب فلا حرج عليك في ذلك ، وليكن قصدك هو النصح لهم ، لا إيذاء صاحبك .
وحتى لا يكون هذا سبباً لإفساد ما بينك وبين صاحبك ، فليكن هذا الأمر سرّاً بينك وبينهم ، ولهم أن يتثبتوا من صحة كلامك بسؤال الطبيب الذي كان يعالج صاحبك ، ثم ليكن ردهم له من غير ذكر هذا السبب حتى لا تقع بينك وبينه عداوة أو بغضاء .
والله أعلم .
سؤال:
أعجبت بأخت في الله ملتزمة ونويت خطبتها بعد مدة قصيرة ولكن بلغني أن أحد الأشخاص يريد التقدم أيضا لخطبتها ، فهل يجوز لي سبقه لخطبتها ؟
الجواب:
الحمد لله
لا حرج عليك في التقدم لخطبة هذه الفتاة ، ما لم يخطبها غيرك .
أما إذا تقدم لها غيرك وخطبها فلا يجوز لك خطبتها حتى تستأذن ذلك الخاطب في التقدم لها ويأذن لك ، أو يترك هو خطبتها ، أو ترفض الفتاة خطبته .
روى البخاري (5142) ومسلم (1412) عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : قال النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( َلا يَخْطُبْ الرَّجُلُ عَلَى خِطْبَةِ أَخِيهِ حَتَّى يَتْرُكَ الْخَاطِبُ قَبْلَهُ ، أَوْ يَأْذَنَ لَهُ الْخَاطِبُ )
قال النووي رحمه الله في شرح مسلم : " " هَذِهِ الْأَحَادِيث ظَاهِرَة فِي تَحْرِيم الْخِطْبَة عَلَى خِطْبَة أَخِيهِ , وَأَجْمَعُوا عَلَى تَحْرِيمهَا إِذَا كَانَ قَدْ صُرِّحَ لِلْخَاطِبِ بِالْإِجَابَةِ , وَلَمْ يَأْذَن , وَلَمْ يَتْرُك ... وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ إِذَا تَرَكَ الْخِطْبَة رَغْبَة عَنْهَا , وَأَذِنَ فِيهَا , جَازَتْ الْخِطْبَة عَلَى خِطْبَته , وَقَدْ صُرِّحَ بِذَلِكَ فِي هَذِهِ الْأَحَادِيث " انتهى باختصار .
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله عن الشخص الذي يخطب على خطبة أخيه إذا كان يعلم أن هذا الأخ المسلم يريد أن يخطب تلك الفتاة ؟
فأجاب رحمه الله تعالى: " إذا كان لم يتقدم إلى أهل الفتاة بخطبة فلا بأس أن يسبقه هذا ويخطب ، وأما إذا كان قد خطب فإنه لا يجوز أن يتقدم أحد إلى خطبتها بعد خطبة الأول إلا إذا رُدّ أو أذن أو ترك. ( إذا رُدَّ ) يعني : رَدَّه أهلُ المرأة ، ( أو أذن ) بأن يذهب من يريد الخطبة إلى الخاطب الأول ويقول : بلغني أنك خطبت فلانة فأرجو أن تتنازل لي ، ( أو يترك ) يعني يعلم أنه عَدَل عن خطبتها بحيث تزوج غيرها بعد أن خطب ؛ لأن بعض الناس يخطب من جماعة ويتأخرون في الرد عليه فيتزوج ويدعهم ، فإذا علمنا أن الرجل ترك خطيبته فإن لغيره أن يخطبها " انتهى من "فتاوى نور على الدرب".
والله أعلم .
سؤال:
والد زوجتي منعني منها ومن ولدها00 فاتصلت بها بالليل وقلت إن أتى الفجر ولم تحضري لي الولد فأنتي طالق. الحالة الثانية : والد زوجتي منعني منها وأتيت إليه لأخذها ورفضت وتشاجرت معه كلاميا وكنت في حالة غضب شديدة وقلت فلانة (اقصد ابنته) طالق ثم خرجت الحالة الثالثة : أيضا منعني من زوجتي وأرسلت له ناس للتوسط ورفض ومنعني من أولادي وفي حالة غضب شديدة وأثناء النقاش مع أحد إخواني طلقتها بدون أن اشعر من الغضب وهي حامل أفتوني جزاكم الله خير والله إني في حيرة من أمري .
الجواب:
الحمد لله
أولا :
ينبغي الحذر من التساهل في استعمال ألفاظ الطلاق ، فليست القوة والشجاعة في التطليق عند الشجار والمنازعة ، بل الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب ، كما قال صلى الله عليه وسلم .
وكم أدى هذا التسرع إلى تمزيق الأسر ، وتخريب البيوت ، وتضييع الأولاد .
وينبغي أن يوطن الإنسان نفسه على حل المشاكل في جو من الهدوء والاتزان والتعقل ، وإن كان معارضه لا يتحلى بهذه الصفات ، فليتجنب الدخول معه في الحوار والجدال ، وليبحث عن وسائل أخرى للعلاج ، كالاستعانة ببعض الأهل والأقارب ، واختيار الأوقات والأماكن المناسبة لحل النزاع .
ثانيا :
قولك لزوجتك عبر الهاتف : إن أتى الفجر ولم تحضري لي الولد فأنت طالق : هو من الطلاق المعلق على شرط ، فإن أحضرت الزوجة الولد قبل الفجر ، لم يقع الطلاق ، وإن طلع الفجر ولم تحضر الولد ، طلقت طلقة رجعية في قول جمهور أهل العلم .
وذهب بعض أهل العلم إلى أنه ينظر في نية الزوج المتكلم بهذا ، فإن أراد وقوع الطلاق عند عدم إحضار الولد ، وقع الطلاق ، وإن أراد التهديد والحث على إحضار الولد ولم يرد إيقاع الطلاق ، فإنه في حال الحنث تلزمه كفارة يمين ، ولا يقع الطلاق .
وهذا القول الثاني هو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ورجحه علماء اللجنة الدائمة والشيخ ابن عثيمين رحمه الله . وانظر جواب السؤال رقم (82400)
وأنت لم تبين ما حدث . وعلى فرض أنها لم تحضر الولد ، ووقعت عليها طلقة – على مذهب الجمهور - ، فلك أن ترجعها خلال العدة – إن لم تكن الطلقة الثالثة - ، سواء رضيت أم أبت ، أما بعد انقضاء العدة فلابد من عقد جديد ومهر جديد .
ثالثا :
الطلاق حال الغضب الشديد لا يقع ، على الراجح من كلام أهل العلم ، وقد سبق بيان ذلك في جواب السؤال رقم (22034) و (45174)
وعليه فإن كنت تلفظت بالطلاق حال غضبك الشديد ، ولولا الغضب ما طلقت ، فإن الطلاق لا يقع حينئذ .
ومسائل الطلاق ينبغي أن يرجع فيها إلى المحكمة ، للوقوف على الألفاظ ، والتفاصيل ، والسماع من الطرفين إن احتاج الأمر لذلك .
وفق الله الجميع لما يحب ويرضى .
والله أعلم .
تحياتي ...
الموضوع الاصلي
من روعة الكون