.
.
لا استطيع القول بأني قادرهـ على اختراق حصون أعماق الفتيات
في مجتمع محافظ كمجتمعنا ولكني أجد في نفسي بعض القدرة
على قراءة انعكاسات ونتائج السلوك الحياتي السائد
لدى معظمهن بشكل عام.
فمساحات الفراغ الداخلي الموجودة لدى فتاةمن بينهن تغطي بتراميها
الشاسع أوقاتها وتخلق في مسار حياتها نوعاً من عشوائية التوجه
الذي ينمو بفعل ذلك ليصل في كثير من الأحيان الى غربة
(متى وكيف والى أين يصل بها?!).
عندما أتحدث عن الفراغ وخصوصاً لدى الفتاة
فإنني أقصد الحديث عن الشواغر العاطفية لأن شيئاً من العطف
والشعور بالأمان وبعض الاهتمام بالنسبة لأي امرأة هو عالم تنشده
دواخلها في الطرف الآخر مهما كانت طموحاتها ومستوياتها.
ومتى ما فشلت لأي سبب في الاحساس بجزء من تلك الاحتياجات
التي تغمر فراغها بانتاجها العاطفي تصل الى مرحلة صعبة
في الانتماء الحقيقي الى اي روح مقابلة اياً كانت.
كما يصل بها الفضاء الناتج عن ذلك الى عدم الثقة
والخوف والحذر حتى وان كانت جرأتها توحي باكتفاء
ذاتي فهي في واقع الأمر تفتقرالى احتياج
أبسط من أعظم العطايا التي يعبر بها
الانسان عن خالص وفائه وصفاء ومشاعره.
ذلك الاحتياج بالنسبة لها هو احساس الانسان الصادق
الذي تنبع صفاته وعطاءاته من صميم ذاته دون رتوش.
لأنها حتى وان كان ظاهرها يدل على جبروت وقوة
أو تمادت بهادرجة اللآمبالاة الى حد سمة التعامل فهذا
لايعدو كونه دليلاً واضحاً يثبت للشخص المحيط مدى الفجوة
الداخليةالتي خلّفها في أرق أحاسيسها الفراغ وتوسع
بفعل ضعف التغذيةالفكرية لينعكس تأثيرها
كمرأة على سلوكهاالخارجي فيصل بها
الى ما هي عليه من حال.
ومن هذا المنطلق لا يمكننا أن نلقي باللوم على الفتاة
في سلوك سلبي معين قد تمارسه مع الآخرين خصوصاً
اذا اكتشف الآخرون أن أحداً منهم كان السبب في مجازات
عذرية عواطفهاالشفافة (هي أومن حولها من بني جنسها)
بشيء من عدم المسؤولية وتبلّد الضمير فوصلت بها
قناعاتها الشخصية الى قاعدة شبه ثابتة بأنه لا يوجد من يستحق
الأمانة في الوفاء العاطفي.
هذا ما يثبت بوضوح انها تعاني بكل صدق من تبعيات
ذلك الفراغ وانعكاساته على حياتها
وتحتاج بالمقابل الى مشاعر صادقة تستوطن تلك المساحات
الجوفاء ببراءة تجرّدها من أساليب مكسب الطرف على حساب
الطرف الآخر والاحاسيس السطحية التي من الصعب ان تصل
بهذه الروح الانثوية الى بر الاستقرار والدفء الذاتي.
اذاً فأكبر المشكلات التي تواجه المرأة وتغلب على تعاملها
وتؤثر في شخصيتها بشكل ملموس هي في الاصل وليدة
الفراغ الداخلي وضعف الموارد القادرة على اشباعه.
الفراغ الذي من المفروض ان تملأه عواطف من حولها من مقربين
فتحول بينها وبين معاناته والبحث عن حل ايجابي له
من وجهة نظرها لدى طرف آخر بديل.
لذا فان الدور الاسري هنا يُعوّل عليه كثيراً من خلال التغذية الفكرية
البناءة وتعزيز الوازع الديني وتأصيله في روح فتاتهم
ليوجد لديها اهدافاً حياتية سامية تؤمن بها
فتصبح خير من يبدّد شتى نواحي فراغها
ويتيقن متاعبه بأهمية تلك الأهداف
وأولوية تحقيقها...
احترامي
الموضوع الاصلي
من روعة الكون