السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ...
قصة واقعية :: أحداث القصة ديسمبر 2003م ::
يهفو اللسان وتزل الجوارح وقد نمسي ونصبح آثمينا
نطيع الرحمن حينا وحينا لابليس طائعينا
فاعذروا أخ لكم يلتمس الغفان من رب العالمينا
فهذه أيام رفع سجل الاعمال قد هلت واستهل علينا شهر التائبينا
فسامحوني ان اخطأت يوما واصفحوا الصفح الجميلا
*************************
التقيت بها في لقاء تنويري للجامعة التي سأدرس فيها بالخارج , وتبادلت
معها ارقام الهواتف وسعدت من خلال لاحواي معها , انها ستكون معي
بنفس الكلية والتخصص .
رجعت البيت وانا ملرتاحة النفس مطمئنة الخاطر , لأني لن اشعر بالوحدة
بدراستي في الخارج , ستكون معي زميلة بنفس عمري ستشاطرني
سنواتي الدراسية .
اخبررت والدتي بالحدث السعيد , وكان رأيها بأن ندعوها هي ووالدتها
لكي نتعرف عليها عن قرب , وكان اللقاء جميلا , ارى وحه والدتي
مسرور لأن الفتاة تتحلى بالأخلاق والدين ,
التفتت والدة جنان وقالت لها :
( ريم .. هي اختك ليست صديقتك من الآن )
ابتسمت والدتي على هذه الجملة وشعرت بالاطمئنان .
مرت الأيام بسرعة وها انا امام حقيبة السفر انظر اليها ويلمع من بين
الثياب . المصحف الشريف _ كتيب الأذكار _ سجادة الصلاة _
البوصلة .
ضحكت كثيرا . فهذه الأشياء وضعتها امي دون علمي , وقبل السفر
دعتني امي لجلسة دار حوارها حول تقوى الله ومخافته . كما اوصتني
مرارا اثناء حديثها بالصلاة وقراءة القرآن الكريم , وان اضع بين عيني
الثقة التي اودعتها لي , اخذتها بالاحضان وطبعت قبلة على خدها وقلت
لها :
( والدتي موافقنكما انت وابي على السفر بالخارج للدراسة ماهي الا ثقة
أوليتموني اياها , اعاهدكما بأن اكون عند حسن ظنكما )
ركبت الطائرة التي ستنقلني الى محل دراستي تصفحت البوم صوري التي
اعدته لي اختي كثيرا من الصور التي جمعتني مع عائلتي واجملها هي
صورة عائلتي وخاصة التي اخذتها امام الحرم المكي وهي اول عمرة لي
نظرت اليها وتذكرت هذه الرحلة الايمانية من طواف وسعي ودعاء و
اذان الحرم المكي , ما اجمله على السمع والقلب .
نظت الى الساعة واذا حان وقت صلاة المغرب فهببت مسرعة لتأدية
صلاة المسافر .
سكنت مع جنان وكانت نعم الصديقة . تذكرني بالصلاة كما كانت
ترسل لي كل يوم جمعة رسالة ايمانية . تعد وجباتي وكان من كرم
اخلاقها بأنها ترتب لي غرفتي . ومع الحياة الجديدة والغريبة على
نفسي بدأ التغير شي فشيئا , بدأت أتياطا على الصلاة ومرات
اتركها كما هجرت قراءة القرآن وردي اليومي الذي كنت لا اتركه يوما
استهواني الاطلاع على المواقع الهابطة .
وذات يوم دخلت علي جنان حاملة علبة سجائر فقالت لي :
( ريم ... ما هذه أتدخنين ؟ )
وقفت امامها واكفهر وجهي لها وقلت لها :
( مالك علي تحاسبينني ؟ )
فقالت :
( ريم .. لا أصدق ما ارى هل انت بهذه الشاكلة ؟ )
رفعت يدي وصفعتها على خدها .
ومن بعد هذه الحادثة لم اتحدث معها , واعلم في قرارة نفسي انها
لم تخطي . كانت هي بالمقابل تقدم خدماتها لي وتعد الوجبات ,
حولت عدة مرات ان تتحدث معي ولكني اعرض عنها .
وفي يوم كنت بالجامعة انتهيت من المحاضرة الدراسية في الدور السابع .
دخلت المصعد مع مجموعة من الطلاب كنا سبعة , نزل المصعد قليلا
ثم توقف فجأة .. ساد الضحك بين بعضهم , ثم ضغط احدهم زر
النزول مرة ثانية لم يشتغل المصعد , ضغط على جرس الانذار و
ايضا اتضح انه متوقف , ثم ضغط زر المروحة لم تدار .
صرخ قائلا :
( كل شي داخل المصعد لا يعمل , اعدوا انفسكم من الأموات )
بعد هذه الجملة دب الفزع في قلبي بل تملكني , ساد الهدوء قليلا .
عزيزتي القارئة , خفت وركنت عند زاوية المصعد اتوسدها انظر اليها .
هذه ترتجف خوفا , وهذه تدمع , وهذا يقبض كفيه وهذا واضع يده على
وج . زاد خوفي كما زاد الحر والخنقة , صب عرقي وشعرت بالاعياء
مر شريط اعمالي وما صنعته منذ وصولي لهذه البلاد . وماذا قدمت ؟
فتحت حقيبتي اريد ان اكلم ابي الذي اهملت الاتصال به منذ شهر .
ومن هذا تذكرت العهد الذي قطعته مع والدتي قبل السفر . بكيت بحرارة
ومرارة , نظرت بجانب الهاتف انتبهت الى علبة السجائر . دار رأسي
تذكرت خلافي مع جنان . اقول لنفسي ما هو الشي الصحيح الذي فعلته
هنا ؟
ارد على نفسي لا شي . اردت الأرقام للأسف لم يكن هناك تغطية
ارسال , فكرت ان اقرأ بعض الآيات الكريمة من برنامج القرآن الكريم
في هاتفي . لم يفتح حتى أعلنت البطارية توقفها .
دب شعور داخلي بأنني سأودع الحياة بعد قليل , بدأت الأنفاس تتعب
والوجوه بدى عليها الاعياء مر اكثر من نصف ساعة لا نسمع احدا
من الخارج يطمئننا , بعدها صرخت احادهن وهي تقول : لا اريد
الموت . حتى احتضنتها صديقتها تهدأ من روعها . صرت ساكنة
واجمة . اخذت اتذكر كل عمل صنعته جميل في حياتي وادعو الله
سبحانه وتعالى به . زاد الاختناق سقط احدهم على الأرض . اخرجت
زجاجة عطر لكي تساعده على الافاقة , وظهرت مع الزجاجة تذاكر
لحفل " ديسكو " . بكيت ويدي ترتجف . وبعد ذلك اخذ احدهم
يضرب على باب المصعد ويصرخ بصوت عالي :
( ساعودنا .. ساعدونا .. اننا نختنق سنموت اذا لم نخرج )
وضعت يداي على اذناي , احاول ان لا اسمع شي وعدت ثالنية الى
الدعاء ادعو يارب ياكريم .. يا رحيم .. يا رحيم .. يا رحيم
تعلم ما بنفسي .. ما قدمت وعملت .. يا رب الأكوان ورب
البشر .. انت الرحيم .. العفو .. الكريم .. الغفور ..
ارحمني .. ارحمني .. ارحمني .
بكيت بحرقة حتى احسست بقشعريرة هزت بدني , زدا الحر وبدأت
الوجوه تتصبب عرقا وتعبا لم يعد تلويح كتابي على وجهي يزيد طراوة
ومازال الطالب يضرب على الباب بقوة ويصرخ ويستنجد . ولانسمع
احدا من الخارج كأننا صرنا في عزلة عن العالم الخارجي . عدت
مرة اخرى ولكن هذا المرة صرت انطق الشهادتين تكرارا ومرارا .
فلمعت فكرة في رأسي ان اكتب على ورقة دفتري جملة :
( سامحوني لكل من عرفني ولا تنسوني بالدعاء )
بدأت انفاسي تتثاقل في صدري لا أستطيع التنفس رددت الشهادتين عدة
مرات وصرت اقول :
( يا رحيم .. يا رحيم .. يا رحيم )
وبعدها سبحان الله العظيم تحرك المصعد نزولا . صرخت المجموعة
بين بكاء وابتسامات ودموع , بكيت فرحا وفرجا , ومازال المصعد
ينزل واعتبر هذا اللحظة من اجمل لحظات حياتي واعتبرها ايضا
لحظة ولادتي من جديد , واقول في نفسي :
( يارب بماذا اجزي عطاءك وكرمك ورحمتك ... ابكي من جديد
ودموعي تسبح على عيني وخدي .حتى فتح باب المصعد . جموع
غفيرة كانت غي استقبالنا تعبر عن الفرحة بين تصفيق وتصفير وصراخ
زازل خطوة خطوتها للخارج برجلي اليمنى بعدها اخذت شهيقا قويا و
نظرت الى السماء وعيناي ما زالت تدمع , وفي قلبي جملة تزاحم
الحدث والفرحة , حتى سمعت مناداة جنان لي , اخذتني بالاحضان
وقبلتها وقلت لها :
( سامحيني يا جنان .... سامحيني )
وفجأة وقف امامي المسعف وقدم لي زجاجة ماء فقال لي :
(تفضلي وخذي هذا الدواء سيتبدل حالك نحو الأفضل .)
ابتسمت وقلت :
( شكرا لقد بدلت شيئا عظيما افضل بكثير مما عندك .)
فقالت جنان :
( ريم ماذا تقصدين ؟ )
امسكت يدها بقوة , وألتفت الى المصعد ومازالت دموعي تسبح على
خدي ثم رفعت عيني الى السماء وقلت في نفسي دون ان تسمعني :
( خلاص يا ربي بدلتها .. بدلت سيئاتي .. حسنات )
اتنهت القصة ..
واتمنى لكل قارئ الهداية التقرب الى الله ...
الموضوع الاصلي
من روعة الكون