وهذه القصص جميعاً لم تكن من خيال كاتب بارع ، ولا من صنع مؤلف مبدع .وإنما هي أحداث جرت في عالمنا هذا ، وأبطالها حقيقيون يعيشون على كوكبنا الصغير . وهذه القصص تريك الحقيقة الخالدة ، وهي أن الله فوقك وقدره ينتظرك ، ولا بد من يوم ترجع فيه إلى الله ، فأين المفر ؟.
أخي الشاب ، إن هذه المجموعة من العِبَر تم انتقاؤها بدقة وعناية لتطال مجموعة من الشرائح وأنماطاً متعددة من السير لتحقق الغاية المرجوة منها فما لم يجده شاب في قصة يجده في قصة أخرى .
وقد يأتي السؤال : لماذا الشباب حصراً ؟ ولا يمكن لأحد منا أن ينكر أهمية الشباب ، ولعلنا لا نغفل قول الله في أهل الكهف : ﴿ إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آَمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدىً ﴾ فدور الشباب في هذا العالم هو الدور الأكبر ، فهم مستقبل الأمة القريب ، وعلى عاتقهم تقع مسؤولية إيصال الدين إلى عباد الله ، عملاً وتطبيقاً لا قولاً وشعارات . ولا يمكن للأديب أن يغفل معاناة الشباب في عصرنا هذا ، ولذلك لا بد من طرح العلاج لرفع معنوياتهم وتثبيتهم ، وحثهم على الوقوف أمام المرآة ليعرفوا قيمتهم وحقيقة مكانتهم ويواجهوا مسؤوليتهم في هذه الحياة بروح إسلامية بكل ما في الإسلام من رجمة وعفاف وأخلاق .
ونحن إذ نهجنا هذا النهج نرجو من الله أن يجعل لنا فيه العبرة قبل الإخوة القراء ، وأن يحقق الفائدة المرجوة منه لنا ولكم ولكافة المسلمين . وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه ، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .
جزاء بر الوالدين
تغيير المكان ، فاستبشرت خيراً وعرفت وأحسست أن الجنة أتت إلى بيتنا فلن أفوت هذه الفرصة . ووصلت إلى البيت وكأن عروس زفت إلى بيتها ، وما إن حطت رحالها فى بيتنا حتى شمرنا السواعد أنا وأمي وكل من فى البيت لخدمتها والسهر على راحتها ، أمي تقرأ لها الصحف لكى تتابع الأخبار حيث كانت تحب ذلك ، وأنا أقوم بإطعامها والحرص على إعطائها الدواء ..
مرت الأيام والشهور وأصيبت جدتى بجلطة فى القلب وأدخلت إلى المستشفى ولاحظت منظر عجيب قلما يوجد بين شباب وفتيات هذا اليوم ألا وهو عند وضع الكمام عليها لأخذ الأكسجين ترفع السبابة تسبح وتذكر الله تعالى . ومرت عدة أيام وخرجت من المستشفى ، ومنذ مايزيد على الثلاثين عاماً وهي حريصة على صيام أيام البيض من كل شهر وشهر شعبان ورمضان وشوال كاملاً ، فصادف يوم عاشوراء فصامته مخالفتة أمر الطبيب حيث نصحها بالإلتزام بأخذ الدواء وأي تأخير سيؤثر على قلبها ....فمررت عليها بعد صلاة العشاء لإعطائها مبلغاً من المال بمناسبة تخرجي من الجامعة فضحكت ودعت لي بهذا الدعاء (الله يوفقك .الله يحفظك . الله يخليك) وذكرتها بعدم الصيام حسب أوامر الطبيب فوعدتني خيراً...وذهبت إلى النوم وما إن أذن لصلاة الفجر حتى سمعت طرقاً شديداً على باب غرفتى فإذا هي الخادمة تخبرني أن جدتي سقطت على الأرض فأسرعت إلى غرفتها فوجدتها ممدة على الأرض ووجا نحو القبلة واضعة يدها اليمين على الشمال كأنها فى صلاة والدواء لم تأخذه ، وضعت يدي عليها فوجدتها قد فارقت الدنيا وأسلمت روحها لله تعالى وهى صائمة ...
فمرت بعد وفاتها ثلاثة أشهر وحان وقت تقديم أوراقي لوزارة التربية لكي يتم تعييني في المدرسة القريبة من بيتنا .. فطلب رئيس القسم من السكرتير بأن يأتي بملف الطلبات حيث أن الواسطة لا يعترف بها فالكل عنده سواسية فوجد أن كل المدارس الأخرى محتاجة لمدرسين إلا هذه المدرسة التي أريدها فهي لا تحتاج إلى أحد حيث كانت مكتفية ، فحزنت لذلك وقال لاتحزن ولكن مرّ علي يوم السبت لعل الله يحدث أمراً ،فقلت إن شاءالله...
ومر يومان وكأنهما شهران وأنا أنتظر يوم السبت بداية الأسبوع ، فنمت يوم الجمعة ليلة السبت فإذا أرى فى منامي أن جدتي -رحمها الله -تزورني وتسألني عن أخباري وتعاتبني أنها لم ترني منذ مدة ، فقلت لها أن مشاغل الدنيا منعتني ،فقالت ( روح الله يوفقك . الله يحفظك . الله يخليك) الدعاء نفسه الذى دعته لي قبل أن تتوفى بخمس ساعات....فقمت من منامي وأنا مستبشر بهذا الحلم وذهبت مسرعاًإلى رئيس القسم وسألته ماذا حدث؟ فقال :لم يحدث شيئ ولكن لننظر بملف الطلبات ، فنادى السكرتير بأن يأتي بالملف وما إن فتحه حتى وجد أمراً غريباً .....فلقد وجد أن كل المدارس التى كانت تريد مدرسين اكتفت والمدرسة التى كانت مغلقة فتحت وتحتاج إلى مدرس ...فغضب غضباً شديداً من سكرتيره واتهمه بالتقصير والخطأ،فخرجت من مكتبه حامداً الله تعالى على نعمته أن فتح لي باباً مغلقا ﴿ إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئَاً أَن يَقُولَ لَهُ كُن فَيَكُونُ ﴾.
الموضوع الاصلي
من روعة الكون