السلام عليكم والرحمه ..
مقال نال أعجابي منذو عدة أشهر ..
وأحتفظت به لأننا كثير ما نلامس تلك الفئه في حياتنا
ومجتمعنا يغيب عن بالها المثل
التالي ..
رحم الله امرء عرف قدر نفسه
بعضنا يظن أنه يعرف كل شيء.. وبعضنا يظن أنه يعرف بعض الشيء.. وبعضنا يظن أنه لايعرف شيئاً. والواقع أن الظن الأول والظن الأخير كلاهما خطأ، فلا أحد يعرف كل شيء.. ولا أحد لايعرف شيئاً.
وانما الحقيقة أننا كبشر نعرف بعض الشيء من أشياء الحياة، فمهما توسعت مدارك الإنسان، ومعارفه، وخبراته، واطلاعه، وقراءته، وحله، وترحاله، فإنه لن يعرف كل شيء.
ولذا قال الشاعر:
فقل لمن يدعي في العلم فلسفة
عرفت شيئاً وغابت عنك أشياء
هذه هي الحقيقة.. والمشكلة أن هناك أناساً يظنون أنهم يعرفون كل شيء ويحيطون بكل شيء، لذا تراهم يتحدثون عن كل شيء، وعن أي شيء، في الصحافة وفي وسائل الإعلام.
إذا فتحت جريدة وجدت صورهم.. وإذا فتحت قناة رأيت سحناتهم..
يتحدثون في الأدب، والفن، والسياسة، والاقتصاد، والدين، بل في كل علوم الدنيا والآخرة.
وإذا سئل أحدهم انطلق يجيب ويتعجل ويسرف في الإجابة، تلك الإجابة السريعة اللاهثة وراء الظهور، ووراء البروز واللمعان، وبعض هؤلاء في الواقع يصنفون في زمرة الجهلة، ليس الجهل بمفهومه الأمي، ولكن بمفهومه الفلسفي، والسبب هو أن القارئ أو المستمع لايعقل شيئاً أولا يدرك شيئاً مما يقولون، لأنهم في الواقع لم يضيفوا له جديداً ولاشيئاً مفيداً في أغلب ما يتحدثون عنه أو يكتبون فيه.
وهناك النصف أو النقيض الآخر الذي يظن أنه لايفهم شيئاً، فهو يعتذر عن الحديث أو الإدلاء برأيه في الأمر مهما كان نوعه ظناً منه أن ذلك فوق علمه، وفوق إدراكه، وفوق تصوره. وهذا خطأ فادح فلا يوجد في هذا الكون جاهل متكامل الجهل، لايعرف شيئاً، ولايفهم شيئاً، ولايدرك شيئاً، فهو أصم أبكم لايعي، ولايتأثر، ولايؤثر. فالإنسان هو ابن محيطه، والمحيط الإنساني رحب وواسع، ومليء بالمعارف، والمدركات.. والله عندما خلق الإنسان أودع فيه من الأسرار والمواهب، والملكات، أشياء عظيمة تجعله قادراً على الاستيعاب والوعي واستلهام ما يدور حوله، ولكن هذا الإنسان الذي يظن أنه لايفهم شيئاً يفتقد إلى الجرأة وتملكه الهيبة والشعور بالدونية والقصور فيوحي لنفسه بأنه أقل من الآخرين، وأنه في جهله أقل من أن يقارن بهم، فتولد لديه هذا الإحساس الوهمي الغبني الناتج عن ضمور الجرأة وضعف الإرادة وتدني الشعور بالتفوق.. أما الصنف الثالث وهو الذي يظن انه يفهم بعض الشيء، فهذا هو الإنسان السوي العاقل، الحصيف، المطلع، المتبحر في العلوم والمعارف، فهو يدرك أن هذا الكون مليء بالأسرار والمكنونات الواضحة، الجلية، وكذلك الخفية الدقيقة التي تستعصي ربما على إدراك بعض الخلق، والواقع أنه كلما توسعت دائرة الإنسان المعرفية أدرك أنه فقير إلى المعرفة، وان الإحاطة بالمعرفة حتى الجزئية ضرب من ضروب الوهم والتخيل.
من هذا الصنف يوجد العلماء.. علماء الطبيعة، وعلماء الطب، وعلماء الفيزياء، وعلماء الكيمياء، الخ.. كما يوجد علماء الفقه والحديث، والنقد، والفن، والشعر، والفلسفة، والحكمة، والمنطق، الخ...
وميزة هؤلاء أنهم منصفون لأنفسهم، فهم يتحدثون عما يدركون وعما يعرفون، ونراهم يتجنبون مايجهلون أو ما لاتحيط به معارفهم. وميزة هؤلاء نباهتهم الذهنية، وقوتهم الشخصية، فهم لايخجلون ولايستنكفون من ألا يتحدثوا فيما لايفهمون، أو يعرفون، بل ولايجدون حرجاً أمام الناس وأمام أنفسهم بأن يقولوا بأننا لانعرف هذا الأمر، ونجهل حقيقة هذا الأمر..
لذلك فهم محترمون من قبل الناس لأنهم أشاعوا في الناس الثقة بأنفسهم فأحبهم الناس، ووثقوا بهم، ووثقوا بمعرفتهم وعلمهم..
ما أحوجنا إلى هؤلاء في كل قضايانا العلمية، والفكرية، والأدبية والإعلامية والسياسية.
وما أحوجنا إلى أن نفتقد والانرى أولئك الذين يتبجحون بما يعتقدون أنه علم ومعرفة، فيؤذوننا صباح مساء، ويسدون قنواتنا وسماءنا بجهلهم وهرائهم.. فهؤلاء هم شر الثلاثة..
حتى وإن قال قائلهم:
وما شرّ الثلاثة أم عَمرو
بصاحبك الذي لاتصبحين
مع خالص التقدير .
الموضوع الاصلي
من روعة الكون