المتأمل في الزمن ، في أحوال الناس من حوله ، في طبائع البشر العديدة ، في البلدان القريبة والبعيدة ، قد نصدم من الواقع الذي يعيشه أولئك ، قد لا يصدق في البداية أن هذا هو واقعه الحقيقي ، قد يطرأ عليه كثير من الهواجيس والأوهام ،يحزن كثيراً ، يبكي .... تذرف دموعه بوفرة غريبة .
هذا كله قد يتخلل الإنسان ، لكن ما يسوئني كإساءة المحب لحبيبه ، وأحزن من أجله كحزن يعقوب على فلذة كبده ، وأبكي كمثل الطفل الرضيع الذي ينتظر الحضن الدافئ الأمين ، هو ما أراه بأعين أشعر بأنها مزيفة ، وأسمع الأخبار وكأنها أساطير وشائعات مزينة ، فخر المجالس ، كل يتحدث عنها وخصوصاً بين أوساط الشبان .
هذا يحكي عن علاقته مع بنت الجيران ، وذاك عن أسفاره لتلك البلدان ، وهذا عن مغامراته مع الصباي الضائعات ، وذاك عن حبه لتلك الحسناء الموهومة ، وهذا عن قدرته المالية التي تسهل له الوصول إلى المغرورات الشامخات .
فعلاً هذا واقع نعايشه ونخالطه في حياتنا ، أكل ذلك من أجل شهوة زائلة أكل ذلك من أجل شهرة ذاهبة ، أكل ذلك من أجل حب لحظة مؤقتة ......0
شيئ يجعل الإنسان يحزن كثيراً ، بل وتسيل الدموع على الخدود بوفرة وغزارة متناهية .
واقع لا أستطيع أن أتصوره أبداً ، ألهذه الدرجة أصبحنا نحاكي الغرب حتى في طريقة العلاقات ، هل الفخر أن يكون لي صديقة ، هل الفخر بأن يكون لدي فتاة ألعب بها يمنة ويسرة .
وعند انكشاف الحقيقية تجد أن هذا الحب في الحقيقية هو حب شهوة ، هو حب لإسقاط فتاة في حب مزعوم ... موهوم ..... مختلق ....
لكن أقول لنفسي ولكم لن ينفعنا البكاء الطويل المجرد ، والحزن المديد ، نعم نبكي ونحزن شريطة أن يكون هذا البكاء والحزن وسيلة لثمرة منشودة ، وهو التغيير فلا يكون دورنا متى يظهر المغير ، بل ما دوري في حركة التغيير .
نحن أمام واقع .. حقيقة ... أسطورة ثابتة .
ما العمل ؟ كيف نغير ؟ كيف نصحح ؟.
أقول إن السبب الأول والرئيسي هون كوننا لا نشعر بشعور قد غاب عنا لعل سبب غيابه النزعات القبلية ، لعل سببه الفوارق الحدودية ، لعل سببه قداسة بلدنا والنظر للباقي بنظرة دونية حقيرة.
الشعور بكوننا أمة واحدة ، بوحدة الأمة ، فمن أسباب إخفاق الأمة الجهل برابطة الأخوة الدينية ، شعور بأمس الحاجة له في هذه الأزمنة العصيبة ، قد شابهنا أهل الكتاب تحسبهم جميعاً وقلوبهم شتى ، إلا أنا تشتتنا ظاهر للعالم بأجمعه ، عندما أصبح السعودي يرى المصري على أنه أجنبي حل فينا الداء ، عندما يرى الخليجي على أن الشامي أجنبي حل فينا الداء ، وحتى النزعات القبلية في داخل تلك المناطق ، لذلك لا ضير بأن أتعرف على أي فتاة حتى ولو تكن بنت جارنا ، ثم أجعلها تطلق عذريتها ، ثم انصرف عنها بعيداً وأنا سعيد وهي تموت وتتقلب في العذاب الطويل ، واحتقار المجتمع لها ولو أنها أصبحت من أعبد العابدات ، أخطأت عندما أسلمت نفسها لحب ظاهره العفة والكرامة ، ولم تتنبه إلى ذلك الوغد الذي يلعب بمشاعرها ويوقعها في شراكه ، ثم نلقي اللوم عليها ونترك الفتى وكأنه لم يقترف ذنباً أبدا ، وعندما تسأله عما جنته يداه يقول ساقطة تعرفت عليها وأخذت ما أريد ، ونسي نفسه أنه ليس ساقط بل حقير دنيئ خسيس بكل ما تحمله هذه المعاني من كلمات ، لابد أن نعلم شي واحد وهو أن البنت في غالب ضحية حب موهوم ضحية حب كاذب غادر حقير ، أصرخ باعلى صوتي لكل من سمعني حب نهاية ليست نهاية شريفة ( الزواج ) فهو حب كاذب زائف.
لو فكر أحدنا بان هذه أخته تجمع بينهما أخوة أكبر واعظم من أخوة النسب ، أخوة الدين ، كل الروابط وكل الفروق تزول عندما يكون الرابط هو رابط الديانة السماوية عندما يكون الرابط هو الشعور بوحدة الأمة ، هل يقدم على مثل ذلك ؟
هذا حلنا فهل تتوقعون إذا شعرنا بهذا الشعور ، أن يبحث أحدنا عن صديقة العمر لصداقة دنيئة حتو ولو تكن قريبة منه ؟
هل يجرؤا أحدنا للخروج خارج المعمورة لمثل هذه الأفعال المشينة ؟
انتظر جوابكم .
محبكم
الموضوع الاصلي
من روعة الكون