إن الموت جسراً يصل بين حياة وأخرى,,فهو علامة انتهاء حياة و بدء
حياة جديدة قد تكون مختلفة عن سابقتها.
وهذا الموت قد يكون كلياً أو جزئياً,,كما هو الحال في الحياة البرزخية
مثلاً,,حيث الجسد يكون ميتاً والروح تتسم بالحياة,,,وقد يكون العكس
الروح تكون ميتة,,وذلك بموت إحدى دعائم عيشها ,,والجسد يبقى حياً
فيعيش جسداً منزوع الروح وهذا ما نجده في حياتنا الدنياعندما يصبح ارتكاب الذنب أمراً مستساغاً,,نتيجة موت ذلك الضرير
وتعاني النفوس فراغاً,,لغياب ما يسمى بالضمير.
يموت الضمير,,فيغيب ما يؤنب الإنسان ويشعره بما تحمله الذنوب
من عذاب مرير,, حينها ينتقل إلى مرحلة جديدة وحياة أخرى,,متجرداً
فيها من الآراء السديدة والأخلاق الحسنى.عندما يخرج من دهاليز الذكريات,,ويرمي ما مضى في سلة المهملات
عندها يحكم على الماضي بالوفاة,,وينتقل من الحياة إلى حياة,,يعلن فيها
تحرره من تلك السنوات.
عندما يتخذ من القسوة سلاحاً,,ومن الشرور رماحاً,,يرمي بها من شاء
غرباءً كانوا,,أو أقرباء,,,حينها يكون قد قتل مشاعر الغير,,بعد أن
وأد مشاعره وأحاسيسه اتجام,,وأمات ما يقدمه لهم من خير.
فانتقل إلى حياة ثانية,,لا يحمل معه فيها فعل حسن أو كلمة حانية.عندما يفتح تلك النوافذ,,التي تتسرب منها نسمات البأس,,التي
تضرب قلبه حتى يتحطم كما يتحطم الحطب عند ضربه بالفأس,,فإنه
حينها يكون قد أمات الأمل,,وأفسد الطموح بعفن اليأس.
كم هم كثر الأموات الأحياء في هذه الحياة,,وكم هم كثر الأموات بلا موت.
فذلك شخص تجاوز الأربعين,,ترك والديه من سنين,,وجعل قلبيهما بفراقه
يصرخان بالأنين,, وبالرغم من أنه لا يبعد عنهما الكثير إلا أنه لم يزرهما
ولم يشعر قلبه بالحنين,,فهذا الشخص قد أمات روحه بقتله لضميره وما يملكه
من مشاعر وأحاسيس,,وقتله ماضيه حين كانا أبواه يرعيانه صغيراً
كما لو كانوا حشماً وهو الرئيس.وشخص آخر,,يملك الكثير من الأموال,,ولكن إن سأله فقير أو مسكين
اكتفى بقوله: "نأسف لما أنت عليه من أحوال".
وآخر,,وهبه الله منصب وجاه,,,ولكنه لم يسخرهما لخدمة من سواه
وإنما اقتصر على تحقيق ما يتمناه,,فهذا لا يعلم أن منصبه والجاه
امتحان من الإلــــه.
هذان قد أماتا روحيهما بقتلهما مشاعرهما وأحاسيسهما اتجاه الغير.
وآخر وصل إلى ما يتمناه,,ولكن بطريق محرم غير مشروع
فهذا لابد أن يسقط يوماً وينهار,,لأنه بنى ما يتمناه على أساس باطل.
إنه حكم على روحه بالهلاك,,عندما أضاع ما يملكه من ضمير.وشخص آخر تخاصم مع أخيه,,وليس بالضرورة أن يكون أخوه بالنسب
تخاصما وتافه هو السبب,,عقليهما كعقل طفل صغير,,بل هما أضل,,فالأطفال
إذا تخاصما,,لم يتعد خصامهما الثواني,,ثم يعودان للعب والمسير,,أما هؤلاء فكان
تفرقهما هو المصير.
كم هي كثيرة أمثلة تلك الوجوه الحية الميتة المتخفية خلف قناع العظمة والكبر
بينما أفعالهم منسلخة من هذه العظمة ومتصفة بالصغر.
تقبلوا تحياتي
الموضوع الاصلي
من روعة الكون