فرغم أنّ الأنفاس الكريهة تنجم في معظمها عن أسباب تتعلّق بعدم العناية بنظافة الفم والأسنان، إلا أنها قد تكون عوارض لأمراض أخرى. ورائحة الفم لا يقتصر تأثيرها السلبي على العلاقات العاطفية والاجتماعية، بل تتعدّى ذلك إلى الحياة العمليّة، ذلك أن استطلاعاً للرأي أجري في بريطانيا أخيراً خلص إلى أن أكثر من نصف البريطانيين يعتبرون أن رائحة الفم الكريهة تحدّ من فرص صاحبها في الترقية الوظيفيّة..وقال واحد من كل خمسة أشخاص شملهم الاستطلاع الذي أجري لمصلحة جمعية طب الأسنان البريطانيّة ونشرت نتائجه، إنّ الرائحة الكريهة التي تصدر عن الشخص عند التنفس هي أكثر الأشياء التي تدفع القريبين منه إلى النفور. ولم يتقدّم رائحة الفم في هذا الاستطلاع سوى الملابس المتّسخة والأشخاص الذين لا يعرفون طعم الاستحمام، وأتت رائحة النفس الكريهة في المرتبة الثالثة.
ويقول الدكتور جيف كريج، عضو جمعية أطباء الأسنان البريطانيين، إن معظم البالغين يعانون رائحة الفم الكريهة، وإن ربع الناس عانوا هذه المشكلة من وقت إلى آخر.وتؤكّد جمعيّة أطباء الأسنان البريطانية أنّ نحو 90 في المائة من حالات الإصابة بـ "البخر" تعود إلى أسباب فمويّة، متّصلة بتفاعل البكتيريا فيه. وتستوطن نسبة 80 في المئة من هذه البكتيريا في منطقة أعلى اللسان.
ومن أبرز مسبّبات "البخر" تسوّس الأسنان وأمراض اللثّة والخراجات وجفاف الفم. ومن المعلوم أن الجفاف يزيد من الرائحة، لذلك تكون أنفاس الذين يتنفّسون من أفوام كريهة.وتختلف رائحة الفم في النهار عنها في الليل، كما أنها تختلف أيضاً باختلاف أوقات النهار، فهي في الصباح أقوى وأشدّ بسبب تناقص اللعاب خلال فترة النوم.كما أن دخول الطعام في تجويف الأسنان أو الأسنان المركّبة بطريقة سيّئة أو الأسنان الإصطناعيّة هي من الأسباب البارزة لتكوّن الرائحة الكريهة.
وللتغلب على مشكلة رائحة الفم الكريهة العابرة (غير المرضيّة)، ينصح الأطباء بتنظيف الأسنان بالفرشاة والخيط جيداً والحرص على إزالة كل الرواسب العالقة بينها، واستعمال سوائل المضمضة التي تحارب الجراثيم وتكوّن طبقة الجير (البلاك) وزيارة طبيب الأسنان بانتظام (مرة كل ستة أشهر في حال عدم وجود مشاكل). وينصحون بتنظيف الفم جيداً بعد أكل منتجات الألبان أو السمك واللحوم، وتناول كميات كبيرة من السوائل مع عدم الإفراط في شرب القهوة ومضغ العلكة التي تحتوي السكر وتناول الخضر التي تحتوي على الألياف كالحر.
ويعتبر إهمال الطبقة الجيرية من الأسباب المحفّزة لنمو البكتيريا المسبّبة لـ "البخر"، ذلك أن وجود هذه الطبقة يؤدي إلى عدم تنشيط حواف اللثة بواسطة الطعام، مّما يضعفها فتصبح هشّة ونازفة، وهو ما يتسبّب بالروائح الكريهة.كما أن طبقة الجير تمنع وصول الهواء إلى أطراف اللثة والأسنان، مّما يخلق أجواء مثالية لنمو البكتيريا.
وينصح بعض الأطباء بإستعمال مواد ماصة كالكلوروفيل الموجود طبيعياً في النباتات الخضراء، والذي يتدخّل في عملية الأكسدة وينشط الخلايا الحيّة في الفم، مساعداً بذلك على سرعة إلتئام القروح، علماً أن الكلوروفيل موجود في عدد كبير من مواد تنظيف الأسنان....وهناك أيضاً أسباب أخرى لا يمكن تجاهلها لرائحة الفم الكريهة التي قد تكون ناجمة عن أمراض تعبتر رائحة الفم مفتاح إكتشافها في بعض الأحيان، ومن أبرزها أمراض الجهاز التنفسي والجهاز الهضمي والسكّري والدم وإلتهاب الكلية، كما أنها مؤشر إلى سرطان الفم في حالات قليلة جداً. علماً أنّ لبعض الحالات المرضيّة روائح نافرة، فالمصاب بالسكري مثلاً تفوح من فمه رائحة تشبه رائحة مزيل طلاء الأظافر (أسيتون).
ويؤدي الخلل في الوظائف الهضميّة الناجم غالباً عن التخمة واختمار الأطعمة داخل المعدة بسبب عدم وجود فترات فاصلة كافية بين الوجبات، إلى إطلاق مواد سامة تؤثر في وظائف الكبد وتعرقل وظيفته في مكافحة الجراثيم، وتؤثر هذه المواد على الجهاز العصبي أيضاً، فيضطر الجسم إلى طرح هذه المواد خارجاً إما عبر الرئتين (التنفس) وإما عبر الجلد (التعرّق) وهو ما يفسّر رائحة الجسم الكريهة لدى البعض.
وبالإضافة إلى كل هذا، هناك دور لبعض الأطعمة في تكوين الأنفاس الكريهة (العابرة) مثل البصل والثوم والملفوف والقنبيط رغم المفعول المعروف لبعضها في قتل الجراثيم، كالثوم والبصل.
* علاجات منزليّة موقتة
هناك بعض العلاجات التي تساهم في تخفيف أثار "البخر" موقتاً، أبرزها حب الهال الغني بمادة "سينيول" المطهّرة والقاتلة للجراثيم.وينصح بمضغ بضع حبّات من الهال ونزع قشرتها ثم مضغ الحبوب السوداء فيها لبعض الدقائق قبل رميها.كذلك، ينصح بشرب نقيع النعناع الساخن الذي يحتوي زيتاً معطّراً يعطيه نكهته ورائحته المميّزتين، وفي الوقت نفسه هو قاتل فعّال للجراثيم الفمويّة.
كما أنّ دراسة أجراها فريق في كلية طب الأسنان في جامعة "ألينوي" الأميركية حول الشاي الأسود أظهرت أن في هذا الشاي مكوّنات قادرة على تقليل فعاليّة البكتيريا المسبّبة للأحماض والنخر في الأسنان، والتي تعتبر أحد أسباب الأنفاس الكريهة.
* كيف تعرف أن رائحة فمك كريهة؟
تتعوّد الأعصاب الشميّة الموجودة في الأنف على رائحة صاحبها فلا تعود قادرة على الإحساس بها. لذا، إن كانت رائحة فمنا كريهة فلا يمكننا معرفة ذلك من تلقائنا إلاّ إذا "تتطوّع" أحدهم لإخبارنا.
أما في ما خلا ذلك، فيمكننا إكتشاف الأمر بأنفسنا عبر الوسائل الآتية:
1 - نأخذ قطعة من خيط تنظيف الأسنان ونمرّرها بين أسناننا العلويّة والسفليّة ثم نتركها في الهواء54 ثانية قبل أن نشمّها.
2 - نأخذ قطعة من القماش ونمسح بها أبعد نقطة من السان، وننتظر أيضاً 54 ثانية قبل أن نشمّها.
3 - الطريقة الأبسط: نلحس رسغنا وننتظر ثواني قليلة قبل أن نشمّ.
الموضوع الاصلي
من روعة الكون