أيتها المرأة المسلمة.. إليك أيتها الملتزمة بدين الله.. إليك يا من فترت عن الخير.. إليك يا من ضيعت وقتها فيما لا ينفع..
إليك يا من اقتصرت على الفروض وأهملت النوافل.
إليكن جميعاً، يا من عرفت الحق وتقاعست عن فعل الطّاعات، أكتب هذه النصيحة سائلاً الله عزّ وجلّ أن تصل إليكم وترفع من همتكم وتعينكم على عبادة ربكم وتجعلكم تكثرون من العمل الصالح.
أيتها المرأة المسلمة:
مالي أرك تقاعست عن فعل الخيرات، هل ضمنت الجنة؟ هل اكتفيت بما قمت به من أعمال؟ أختي في الدين لقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: « لا تزول قدما اين آدم يوم القيامة حتى يُسأل عن خمس: عن عمره فيم أفناه، وعن شبابه فيم أبلاه، وعن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه؟ وماذا عمل فيم علم » [رواه الترمذي، وحسنه الألباني].
اعلمي أنك ستسألين عن ضياعك للوقت فيما لا ينفع، فكل يوم يمضي فهو من عمرك، فحاسبي نفسك كل يوم، ماذا فعلت من خير؟ وماذا فعلت من شر؟ فإن كان عملك صالح فهو سبب لقربك من الجنة، وإن كان عملك غير ذلك فهو سبب لقربك من النار، فيأي الطريقين تختارين.
واسمعي قول الله تعالى : { إنَّ الَّذين يتلون كتاب الله وأقاموا الصَّلاة وأنفقوا ممّا رزقناهم سِرًّا وعلانية يرجون تجارةً لَّن تبور . ليوفّيَهُم أجورَهُم ويزيدهم مِّن فضْله إنّه غفورٌ شكور... } [فاطر: 29، 30].
فالله- عزّ وجلّ- يدعوك للتجارة وأي تجارة تجارة لن تبور تجارة تجعلك تربحين أضعافاً مضاعفة من الأجر والثواب على كل عمل أخلصت فيه لله- تعالى- ووافقه الشرع الحكيم به.
لما سمع الصحابة- رضي الله تعالى عنهم- قول الله عزّ وجلّ { فاستبقوا الْخَيْرات } [البقرة:148]، { وسارعوا إلى مغفرةٍ مِّن رَّبِّكُم } [آل عمران:33]، فهموا من ذلك أن المراد أن يجتهد كل واحد منهم، حتى يكون هو السابق لغيره إلى هذه الكرامة، والمسارع إلى بلوغ هذه الدرجة العالية، فكان أحدهم إذا رأى من يعمل للآخرة أكثر منه نافسه وحاول اللحاق به بل مجاوزته، فكان تنافسهم في درجات الآخرة!! واستباقهم إليها كما قال تعالى: { وفي ذلك فليتنافس الْمُتنافسون } [المطففين:26].
أما نحن فعكسنا الأمر، فصار تنافسنا في الدنيا الدنية، وحظوظها الفانية.
قال الحسن: "إذا رأيت الرجل ينافسك في الدنيا فنافسه في الآخرة!!". وقال وهيب بن الورد: "إذا استطعت أن لا يسبقك أحد فافعل". وقال عمر بن عبد العزيز في حجة حجها عند دفع الناس من عرفة: "ليس السابق اليوم من سبق به بعيره، إنما السابق من غفر له".
أين التسابق في الخيرات؟ أين أصحاب الهمم والعزمات.
أختي المسلمة:
صاحبة الهمة العالية، والنفس الشريفة لا ترضى بالأشياء الدنيّة الفانية، وإنما همتها المسابقة إلى الدرجات الباقية الذاكية التي لا تفنى، ولا ترجع عن مطلوبها ولو تلفت نفسها في طلبها، ومن كانت في الله تلفها، كان على الله خلفها.
قيل لبعض المجتهدين في الطاعات: لم تعذب هذا الجسد قال: كرامته أريد!
وإذا كانت النفوس كباراً
تعبت في مرادها الأجسام
من يهن يسهل الهوان
عليه ما لجرح بميت إيلام
قال عمر بن عبد العزيز: إن لي نفساً تواقة، ما نالت شيئاً إلا تاقت إلى ما هو أفضل منه، وأنها لما نالت هذه المنزلة- يعني الخلافة- يعني الآخرة".
على قدر أهل العزم تأتي العزائم:
قيمة كل إنسان ما يطلب، فمن كان يطلب الدنيا فلا أدنى منه، فإن الدنيا دنية، وأدنى منها من يطلبها، وهي خسيسة، وأخس منها من يخطبها.
قال بعضهم: القلوب جوالة، فقلب يجول حول العرش، وقبل يجول حول الحش. العاقل يغبط من أكثر في الخيرات والطاعات ونيل علو الدرجات، والجاهل يغبط من أغرق في الشهوات، وتوصل إلى اللذات والمحرمات. العالي الهمة يجتهد في نيل مطلوبه، ويبذل نفسه بعمل الصالحات في الوصول إلى رضا محبوبه، فأما خسيس الهمة فاجتهاده في متابعة هواه ويتكل على مجرد العفو، فيفوته- إن حصل له العفو- منازل السابقين.
قال بعض السلف: هب أن المسيء عفي عنه أليس قد فاته ثواب المحسنين؟! فيا مذنباً يرجو من الله عفوه أترضى بسبق المتقين إلى الله؟! ما لي أراك جعلت الوقت الوفير لسماعة الهاتف.. وللرياضة وتخسيس الجسم.. وللتجارة وزيادة الأرصدة.. وللملهيات والمغريات.. وأهملت النوافل..من صلاة الضحى وقيام الليل.. من صيام الاثنين والخميس والأيام البيض.. من أذكار الصباح والمساء وأذكار النوم ما لي أراك تضيعين أوقاتك في السرحان وبنات الأفكار.. وتهملين ذكر العزيز الجبار لماذا تضيعين أوقاتك في اللغو وفيما لا ينفع؟
أختي المسلمة:
يقول الله- تبارك وتعالى- في وصف المؤمنين من عباده: { وإذا سمعوا اللَّغو أعْرَضُوا عنه وقالوا لنا أعمالنا ولكم أعمالكم سلامٌ عليكم لا نبْتغي الْجاهلين } [القصص:55].
اللغو أختي المسلمة: خوض في باطل، وتشاغل بما لا يفيد. أمر الله- سبحانه- بالإعراض عنه، ونهى عن الوقوع فيه، ففيه مضيعة للعمر في غير ما خلق الإنسان لأجله. إنه مخلوق لعبادة ربه. والخلافة في هذه الأرض بالعمل المثمر الصالح، والحياة النافعة الجادة.
من أجل هذا كان البعد عن اللغو والإعراض عنه من دلائل الكمال والفلاح، لقد ذكره الله- سبحانه- بين فريضتين من فرائض الإسلام المحكمة، ذكره بين فريضتي الصلاة والزكاة، فقال عزّ شأنه: { قد أفلح المؤمنون . الذين هم في صلاتهم خاشعون . والَّذين هم عن اللَّغو مُعرضون . والَّذين هم للزَّكاة فاعلون } [المؤمنون: 1- 4].
الموضوع الاصلي
من روعة الكون