السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
المرأة واتخاذ القرار
في حالة اتخاذ القرار عند كثير من النساء تكون الأمور مختلطةٌ ومتشابكة, والآراء متأرجحة , والمشاعر متقدة , والحيرة طاغية. وتأتي ضغوطات الحياة بكل نواحيها وناسها فتؤجج حرارة الارتباك في ذهن المرأة دوما وتزدحم في ذهنها كل أنواع القرارات والأفكار. فكون المرأة عنصرا مهما في حياتنا فلا تكون الحياة بدونها لذلك فهي تقف غالبا في مواقف التحير, والتردد, والتراجع, والتخوف وكثرة التفكير, وطول التأمل خصوصا عند حاجتها لاتخاذ قرار ما حول أمر مهم في حياتها خصوصا أمر الزواج.
كما إن الاختيار لديها من بين الأشياء يتطلب جهداً عميقا وقويا وطويلا. ولاشك أن الحالة النفسية التي تمر بها المرأة خلال زمن اتخاذ أي قرار عامة وقرار الزواج خاصة تكون تحت وطأة كم هائل من القلق, والحذر, والأمل, والضياع, والخوف من المستقبل وتكون في حيرة من أمرها قد تجعلها غير قادرة على اتخاذ القرار الصائب. فهي من ينتظر الزوج المناسب لأول مرة, وهي من قد تطلب الطلاق لأسباب تراها, وهي من تخلع, وهي من تقرر وتوافق على زواجها للمرة الثانية, أو تخوض تجربة جديدة, وهي من قد تشارك زوجة احدهم زوجها وتكون جزءاً من حياته كزوجة ثانية أو ثالثة وهي من تقع تحت ضغوط الأسرة والمجتمع ومحيطها فكان ذلك كله واضعا المرأة في موقف لا تحسد عليه فهي من كل الجهات محاصرة من داخلها ومن خارجها ومن حولها والكل ينتظر كلمتها, وقرارها مما قد يجعلها تتعجل وتتسرع في قرارها وتتأثر بمن حولها وتختار من أجل تلبية ظروف أسرية, أو اجتماعية, أو نفسية ملحة قد تهرب الفتاة بقرار متسرع لأجل التخلص من ضغط الوالدين أو الأسرة إلى زواج لا يحمل هوية حقيقية, أو قد تكون امرأة مرت بتجربة فاشلة فتهرب إلى زواج أخر غامض النتائج فقط لإرضاء أسرتها التي باتت تحس ان ابنتها عبء يجب أن يتم التخلص منه أو لرغبتها في منح نفسها للمرة الثانية المجال لإثبات أنها قادرة على إنشاء أسرة ناجحة بكل المقاييس الاجتماعية المعروفة, أو بسبب تأثرها من تجربة سابقة لها واثبات أنها هي من كانت على حق , أو حتى لترضي المجتمع.
كل تلك الأمور تجعل المرأة محورا للقرار, ومصدراً لقلقها. لذلك لابد أن يشعر وليها ويحس أفراد أسرتها بان هناك ابنة أو أختاً بينهم و في بيتهم تعاني ولابد أن يهيئوا لها مناخا طيبا ورطبا ومريحا يسهم في اتخاذ قرار صائب بإذن الله وهي راضية مرتاحة لا أن يحمّلوها فوق طاقتها, أو يزيدوا في تقاذف الكلمات عليها , أو رصد تحركاتها وسكناتها, أو جعلها تلاحظ ترقبهم وانتظارهم لقرارها كل ذلك سيشتت جهودها وتركيزها ويفقدها القدرة على الاختيار المريح لها على الأقل ولابد ان يساعدوها في مدها بالآراء الحكيمة والمخارج العقلانية والحلول المفروضة لمشكلتها وليتعبوا لأجل أن ترتاح لا لأجل أن يرتاحوا هم , أو يجعلوها تصارع قرارها أو مشكلتها لوحدها وهم يتفرجون ويترقبون فقط ما هو ردها وتصرفها .
ولاشك أن من أصعب القرارات التي قد تتخذها امرأة ما هي قرار الموافقة والاختيار بان تكون الزوجة الثانية لرجل لديه زوجة وأولاد .
وهذا القرار يجعلها لا تتحرك طليقة بل تشعر انها مقيدة بالتفكير العميق , ومحبوسة في تلاطم الأفكار والمشاورات والعاطفة والأهواء والرغبات فهي بين أقبل ولا أقبل .. وبين لو و ليت .. ويمكن ولا يمكن .. وبين لا ونعم .. خصوصا في حالة وجود رجل يطلبها وهو يملك مواصفات وميزات شرعية تجعله مكسبا لها لا يفرط به (كما قد تظن وتعتقد هي ) قد يكون فرصة لا تفوّت بقياسها , أو حتى بقياس أسرتها ومجتمعها.
ما أنصح به دائمًا أن يكون قرار الزواج لأول مرة أو مرة أخرى و سواء كزوجة أولى أو كزوجة ثانية يكون متحرِّرًا من أيِّ ظرف أو ضغط لأنَّه قرارٌ تتوقَّف عليه سعادة المرأة مدى عمرها كلِّه، لذلك فهو أهمُّ قرارٍ في حياة الإنسان، وعليك أن تنظر إلى المستقبل البعيد، فلا تقتصر نظرة المرأة على المنفعة الدنيويَّة العاجلة، والتي قد تتحقَّق وقد لا تتحقَّق، ولكن عليها أن تهتمَّ بأن يكون زواجها مؤسَّسًا على رؤيةٍ إسلاميَّةٍ لأمور الزواج وحكمته ومصلحته ولابد أن يخضع الاختيار والقرار للاستخارة واللجوء إلى الله والدعاء أولا فما التوفيق إلا بالله ومهما بُذلت من أسباب أو تضحيات أو حذر فأمر التوفيق بيد الله وما لنا إلا بذل أسبابنا لأننا أمرنا ببذل الأسباب مع قضاء الله وقدره ويحتاج الاختيار إلى وعي , ورغبة متبادلة , ورضا تام , كما أن الاختيار لابد أن يكون ضمن القيم الثابتة دينا لا دنيا فلا تجعل المال والثراء قياسا مقابل ضعف الوازع الديني , ولا تجعل المنصب والوجاهة معيارا ومؤثرا في اختيارها مقابل الخلق وحسن التعامل
يخالط ذهن بعض النساء اللاتي مررن بتجربة سابقة في الزواج ويتقدم إليهن رجل متزوج يطلبهن كزوجة ثانية يخالط ذهنهن أنهن سيجرمن في حق زوجته الأولى وأن الواحدة منهن سوف تهدم بيت امرأة أخرى وتزداد ضغوطها وأفكارها وتشتتها . وهو شعور جميل وراق تجاه مفهوم الإنسانية أما حقيقة الأمر فهي لم تتجن ولم تسلب حق أحد مادامت صادقة, وواعية, وعاقلة, ومتزنة, ومادامت لا تملك بدائل ولا فرصا أفضل , ومادامت عارفة بحقوقها وحق الرجل وحق الزوجة الأولى ولم تكلف الرجل بما يسئ لزوجته الأولى كأن تشترط عليه أي شروط تضيّق على زوجته الأولى أو تكون سببا في ظلمها لأن هذا الأمر مباح ومتاح للرجل ما كان في صورته وطريقته الشرعية وكما أنها إن كانت زوجة ثانية فلتتوقع أن زوجها قد يجلب ثالثة ولا جرم في ذلك .
خلاصة القول إن اتخاذ القرار الصائب عند أي امرأة يبدأ منها وينتهي في داخلها بعد توفيق الله وسداده . وأن مناخ الاختيار لابد أن يكون نقيا فلا القلق ولا الخوف ولا التردد ولا كثرة الكلام أو دوام الاستشارة أو التحير سيفضي إلى قرار صائب بل العزيمة بالله والتوكل عليه والاطمئنان بقضائه وتوفيقه ثم الأخذ بالأسباب المعروفة والصحيحة ذلك من شأنه ان يؤدي إلى اختيار واتخاذ قرار يقارب الصحة , ويوازي الصواب بإذن الله
تحياتي للكل
كل عام وانتم بخير
عزووز
الموضوع الاصلي
من روعة الكون