الجواب:
الذكر بالسبحة وغيرها مما يُضْبَطُ به العَدُّ أمر مشروع أقره النبي صلى الله عليه وآله وسلم وجرى عليه عمل السلف الصالح من غير نكير :
{1} فعن صَفِيَّةَ بنت حيي رضي الله عنها قالت : دَخَلَ عَلَىَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وآله وسلم وَبَيْنَ يَدَيَّ أَرْبَعَةُ آلاَفِ نَوَاةٍ أُسَبِّحُ بِهَا ، فَقُلْتُ : لَقَدْ سَبَّحْتُ بِهَذِهِ ، فَقَالَ : « أَلاَ أُعَلِّمُكِ بِأَكْثَرَ مِمَّا سَبَّحْتِ بِهِ » فَقُلْتُ : بَلَى عَلِّمْنِي ، فَقَالَ : « قُولِي : سُبْحَانَ اللَّهِ عَدَدَ خَلْقِهِ » .أخرجه الترمذي وصححه الحاكم ووافقه الذهبي .
{2}وعن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه أنه دخل مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم عَلَى امْرَأَةٍ وَبَيْنَ يَدَيْهَا نَوًى أَوْ حَصًى تُسَبِّحُ بِهِ فَقَالَ : « أُخْبِرُكِ بِمَا هُوَ أَيْسَرُ عَلَيْكِ مِنْ هَذَا أَوْ أَفْضَلُ ؟ قولي : سُبْحَانَ اللَّهِ عَدَدَ مَا خَلَقَ فِي السَّمَاءِ ، وَسُبْحَانَ اللَّهِ عَدَدَ مَا خَلَقَ فِي الأَرْضِ ، وَسُبْحَانَ اللَّهِ عَدَدَ مَا بَيْنَ ذَلِكَ ، وَسُبْحَانَ اللَّهِ عَدَدَ مَا هُوَ خَالِقٌ ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ مِثْلَ ذَلِكَ ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ مِثْلَ ذَلِكَ ، وَلاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ مِثْلُ ذَلِكَ ، وَلاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللَّهِ مِثْلَ ذَلِكَ » أخرجه أبو داود والترمذي وحسنه والنسائي وابن ماجه وصححه ابن حبان والحاكم .
{3} وعن القاسم بن عبد الرحمن قال : كانَ لأبي الدَّرْدَاءِ نَوًى مِنْ نَوَى الْعَجْوَةِ في كِيسٍ ، فَكَانَ إِذَا صَلَّى الْغَدَاةَ أَخْرَجَهُنَّ وَاحِدةً يُسَبِّحُ بِهِنَّ حَتَّى يَنْفَدْنَ . أخرجه أحمد في الزهد بسند صحيح .
{4} وعَنْ أَبِى نَضْرَةَ الغفاري قال : حَدَّثَنِي شَيْخٌ مِنْ طُفَاوَةَ قَالَ : تَثَوَّيْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ بِالْمَدِينَةِ ، فَلَمْ أَرَ رَجُلاً مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وآله وسلم أَشَدَّ تَشْمِيرًا وَلاَ أَقْوَمَ عَلَى ضَيْفٍ مِنْهُ ، فَبَيْنَمَا أَنَا عِنْدَهُ يَوْمًا وَهُوَ عَلَى سَرِيرٍ لَهُ وَمَعَهُ كِيسٌ فِيهِ حَصًى أَوْ نَوًى وَأَسْفَلُ مِنْهُ جَارِيَةٌ لَهُ سَوْدَاءُ وَهُوَ يُسَبِّحُ بِهَا ، حَتَّى إِذَا أَنْفَدَ مَا فِي الْكِيسِ أَلْقَاهُ إِلَيْهَا فَجَمَعَتْهُ فَأَعَادَتْهُ فِي الْكِيسِ فَدَفَعَتْهُ إِلَيْهِ . أخرجه أبو داود والترمذي وحسنه والنسائي .
{5} وعن نعيم بن المحرر بن أبي هريرة عن جده أبي هريرة رضي الله عنه أنه كان له خَيْطٌ فِيه أَلْفَا عُقْدَةٍ ، فَلاَ يَنَامُ حَتَّى يُسَبِّحَ بِهِ . أخرجه عبد الله بن الإمام أحمد في زوائد الزهد وأبو نعيم في الحلية . وروي مثل ذلك عن سيدنا سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه ، وأبي سعيد الخدري رضي الله عنه ، وأبي صفية مولى النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، والسيدة فاطمة بنت الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام وغيرهم من الصحابة والتابعين . وقد صنف في مشروعية الذكر بالسبحة جماعة من العلماء منهم الحافظ جلال الدين السيوطي في رسالته " المنحة في السبحة " ، والشيخ محمد بن علان الصديقي وسماها " إيقاد المصابيح لمشروعية اتخاذ المسابيح " ، والعلامة أبو الحسنات اللكنوي في رسالة بعنوان " نزهة الفكر في سبحة الذكر " .
قال الحافظ السيوطي رحمه الله تعالى بعد أن ذكر هذه الأحاديث والآثار وغيرها : " فلو لم يكن في اتخاذ السبحة غير موافقة هؤلاء السادة ، والدخول في سلكهم ، والتماس بركتهم ، لصارت بهذا الاعتبار من أهم الأمور وآكدها ، فكيف بها وهي مُذَكِّرة بالله تعالى ؛ لأن الإنسان قل أن يراها إلا ويذكر الله ، وهذا من أعظم فوائدها ، وبذلك كان يسميها بعض السلف رحمه الله تعالى .
ولم ينقل عن أحد من السلف ولا من الخلف المنع من جواز عد الذكر بالسبحة ، بل كان أكثرهم يعدونه بها ولا يرون ذلك مكروها " اه .
الـمـفـتـــي: فضيلة الأستاذ الدكتور علي جمعة محمد
http://www.Dar- alifta.com/ ViewFatwa. aspx?id=4291
الموضوع الاصلي
من روعة الكون